صبحي صالح لـ«الشرق الأوسط»: تعديلات المواد الست ستكون مرضية للجميع

عضو لجنة التعديلات الدستورية: لو تدخل المجلس العسكري في عمل اللجنة فهذا حقه.. ولا نملك تعديل الدستور بالكامل

صبحي صالح
TT

أكد المحامي صبحي صالح القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، عضو لجنة التعديلات الدستورية أنه من حق المجلس الأعلى للقوات المسلحة التدخل في الصياغة النهائية للتعديلات المقترحة، لافتا إلى أن اللجنة هي لجنة خبراء وليست لجنة اتخاذ قرار، وأشار في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن اللجنة شارفت على الانتهاء من عملها وأن التعديلات للست مواد ستكون مرضية للجميع.

وأضاف أن اللجنة لا تملك تعديل الدستور بالكامل لأن تعديله لا يتم إلا من خلال جمعية تأسيسية منتخبة، مؤكدا أن اختياره الذي أثار قلق قوى سياسية في البلاد كان مفاجئا له، وقال إن «هذه ليست المرة الأولى التي انتدب فيها لوضع تشريعات، وقد كنت واحدا من ثلاثة قاموا بمراجعة اللائحة الداخلية لمجلس الشعب».

وأوضح أن جماعة الإخوان لا تسعى للوصول إلى السلطة وتغلب منطق المشاركة، مشيرا إلى أن الجماعة سوف ترضى بثلث مقاعد مجلس الشعب وأنها لن تدفع مرشحيها في كل الدوائر الانتخابية.

وأعرب صالح عن اعتقاده بأن الفريق أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال قد ظلم، وقال «الرئيس السابق (محمد حسني مبارك) فرض عليه وزراء» لكنه على المستوى الشخصي «رائع» بحسب صالح، وإلى نص الحوار..

* من أبلغك بقرار اختيارك ضمن اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية؟

- أبلغني بالقرار المستشار ممدوح مرعي وزير العدل.

* وهل أبلغك باعتبارك قياديا بجماعة الإخوان المسلمين أم بصفتك رجل قانون؟

- لم أسأله لماذا تم اختياري لعضوية اللجنة، فهو أبلغني وأخطرني بمواعيد الجلسات، وأنا رحبت بالفكرة.

* وهل اجتمعت مع مكتب الإرشاد قبل قبولك المشاركة في اللجنة؟

- تحدثت مع الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس كتلة جماعة الإخوان في البرلمان المصري لمدة 5 سنوات، فقال لي هذه فكرة جيدة، وأنا اتصلت به بحثا عن أفكار ورؤى لدى الجماعة، ولكني أعطيت موافقتي للوزير قبل أن أتحدث مع مكتب الإرشاد، فلست قاصرا، وليس من المعقول أن أقول للوزير سوف أسأل الجماعة وأرد عليك.

* ما رأيك في أعضاء اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية؟

- ممتازون، وأنا أطمئن لثقافتهم وأخلاقياتهم.

* بعد 7 أيام من عمل اللجنة، لم يتم حتى الآن إصدار تقرير عن عملها، وما سبب جعل المداولات سرية؟

- هذا أفضل ما في هذه اللجنة، ومنذ أول يوم من اجتماعنا قررنا أن تكون الاجتماعات سرية، وألا تكون مواقفنا ومداولاتنا مطروحة لوسائل الإعلام أو للرأي العام حتى نستطيع أن نفكر بحياد وموضوعية وأمانة علمية وبعيدا عن الضغوط والتأثيرات وحتى تكون الأبحاث أمينة ومحققة للصالح العام، وقد لمسنا قيمة هذا القرار بعد ذلك.

* وهل شارفتم على الانتهاء من عملكم؟

- شارفنا على الانتهاء، وخلال اليومين القادمين سوف يتم عرض نتائج اللجنة على الرأي العام، لكن حتى الآن ما زالت مداولات ومناقشات اللجنة قيد الدراسة والبحث، ولم يتم وضع الصياغة النهائية لتعديلات المواد حتى الآن.

* وهل المطروح تعديل الدستور بالكامل أم علاج بعض مواده؟

- اللجنة لا تملك تعديل الدستور بالكامل، لأن تعديل الدستور بالكامل وفق الأصول العلمية لا يتم إلا بجمعية تأسيسية منتخبة، هذه الجمعية التأسيسية المنتخبة تشمل جميع القوى السياسية، فضلا عن خبراء القانون الدستوري، إنما هذه اللجنة لجنة خبراء فقط، ودورها أن تقدم معالجة فنية وليس بها قوى سياسية، ومهمة اللجنة البحث في العوار الدستوري والتشريعي لمواد الدستور ورفع القيود وإزالة المعوقات ومعالجة الاعوجاج، أما وضع دستور جديد فيحتاج لفلسفة، فنحن خبراء ولسنا مفكرين أو منظرين، وتعديل الدستور بالكامل لا يتم إلا من خلال جمعية تأسيسية من الشعب يضع فيها تنظيره وماذا يحب، فربما تنتهي اللجنة إلى أن النظام الرئاسي أفضل، والشعب يطالب بنظام برلماني، وربما يكون الصوت الذي يطالب بالبرلماني صوتا عاليا وليس أغلبية، ولذلك فإن الجمعية التأسيسية هي التي تعكس فلسفة وتوجهات الدستور الجديد الذي يتمناه الرأي العام. لذلك فنحن لجنة معالجة، مكونة من 7 أفراد ورئيس تقوم ببحث حالات يشتكي منها الناس وتضر بالديمقراطية وتؤثر على نزاهة الانتخابات، ودورنا أن نصحح هذا الاعوجاج حتى نعمق الديمقراطية ونضمن نزاهة الانتخابات ونعيد السيادة للشعب.

* وهل تقصد بذلك إطلاق قيود مواد الدستور 76، 77، 93، 88، 179، 189؟

- إطلاق حرية المواد الملعوب فيها (تم العبث بها)، المواد التي فصلت على مقاسات معينة، ودورنا أن نستأصل 6 مواد عامة ومجردة.

* وهل تم تعديل المادة 77، والتي تحدد مدة الرئاسة؟

- تم معالجتها بالفعل وسوف تكون مرضية للجميع.

* وماذا عن المواد الخمس الباقية؟

- تم معالجتها أيضا وسوف تكون جميع هذه المواد مرضية للرأي العام.

* وما هو مصير المادة الثانية من الدستور؟

- لا مساس بالمادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع» لأنها ليست ضمن نطاق عمل اللجنة، فالمادة الثانية هي هوية المجتمع وتوجهاته، ونحن لم نبحث في الهوية والتوجهات ولا الأيديولوجيات أو الفلسفات، فنحن لجنة خبراء تعالج عوارا دستوريا.

* ما تعليقك على ما قيل بشأن وجود تنسيق بين الإخوان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لاختيارك ضمن اللجنة؟

- كلنا فوجئنا بالاختيار بمن فيهم أنا، هذه ليست المرة الأولى التي انتدب فيها لوضع تشريعات، فلقد سبق أن تم اختياري أكثر من مرة أثناء وجودي في مجلس الشعب (الغرفة الأولي من البرلمان المصري)، وكنت عضوا في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، والجميع يعرف هذا، فالمجلس العسكري ليس محتاجا للتنسيق مع أحد، فأنا واحد من ثلاثة قاموا بمراجعة اللائحة الداخلية لمجلس الشعب، وكنت واحدا من خمسة أعضاء مثلوا مصر لتأسيس الجمعية البرلمانية المتوسطية في عمان، وكنت واحدا من خمسة أيضا مثلوا مصر في تأسيس ميثاق ولائحة مجلس النظام الداخلي للشبكة المعلوماتية للبرلمان الأفريقي، وأعتقد أن عملي طوال الفترة الماضية كان محل قبول، لذلك تم اختياري.

* بصراحة، هل المجلس العسكري سوف يتدخل في الصورة النهائية التي تتفق عليها اللجنة؟

- لو فعل، فهذا حقه وصلاحياته، لأننا لجنة خبراء ولسنا لجنة اتخاذ قرار، فالمطلوب منا أبحاث ودراسات، ونحن الآن في دراسة وبحث، ثم بعد ذلك نعد تقريرا بوجهة نظر اللجنة ليتم عرضه على المجلس العسكري، فإن شاء المجلس قبل بها وإن شاء رد أو عدل، لكن انطباعي أن المجلس لن يتدخل، والدليل على ذلك أن المجلس أحال لنا التعديلات بعبارات جميلة ومرضية، قائلا: «يا جماعة نحن لا نعرف في المسائل الدستورية نحن أفراد عسكريون افعلوا الصح». وأعتقد أن هذه العبارة مطمئنة، فالمجلس العسكري أعطى ثقته وثقله للجنة.

* ما رأيك فيما قيل بأن جماعة الإخوان حاولت أن تسطو على المشهد في ميدان يوم «جمعة النصر»؟

- لو أردنا أن نفعل ذلك لفعلناه من يوم 25 يناير (كانون الثاني)، لكننا لم ولن نفعل، فالجماعة مصلحتها كفصيل من الشعب أن تكون الثورة ثورة شعب، لأن أي فصيل سياسي يسعى إلى اقتناص الثمرة بمفرده سوف يوصم بعدم الوطنية ولن يستطيع أن يؤدي الأمانة، فدائما الكل أفضل من الواحد، ونحن كجماعة نؤمن بالعمل الجماعي، ولا نسعى لإقصاء الآخرين، لأننا عانينا من الإقصاء. حملات تشويه صورة الإخوان قديمة والجماعة تعودت عليها.

* من وجهة نظرك، لماذا حاول النظام المصري السابق تسويق صورة سيئة عن الإخوان؟

- نتيجة الفشل السياسي الذي أدى إلى سقوط النظام، فلو كان لدى النظام القدرة على المواجهة السياسية ما كنا وصلنا إلى هذا الحال، نظام «فاشستي» يمتلك حزبا حاكما وهميا، أنتج حكومة فاشلة، لكن لو كان هناك مواجهة حقيقية بين النظام والقوى السياسية لكانت هذه المواجهة ستخرج بصورة أفضل تفيد الجميع، لكن النظام لم يكن منافسا سياسيا، فنحن كنا ننافس سياسيا وهو يتعامل معنا أمنيا، ولذلك كان عاجزا بحق، بدليل سقوطه في أقل من يومين، ولو كان نظاما قويا وحزبه الحاكم له أرضية لما خرجت هذه الملايين تكنسهم من الشوارع، لو كانوا حصلوا على الأصوات التي أعلنوها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فأين اختفت هذه الأصوات.

* إذن لماذا هناك تخوف من تولي الإخوان حكم مصر؟

- هو تخوف مبرر، لأنه منذ 50 عاما والإعلام يصور له الإخوان على أنهم أشباح ليل، يلصق بنا الاتهامات يخوف منا الأقباط يستعملنا فزاعة للخارج، أتريد أن تزيل أثر 50 عاما في 5 أيام، هذه مخاوف ليست في محلها لكنها مبررة، ولذلك نحن نتقبل هذا الأمر ونتعامل معه بهدوء، فلسنا غاضبين من الناس لأنهم ضحية.

* وهل الحزب الجديد الذي تنوي الجماعة تأسيسه، محاولة لتغيير الصورة السائدة عن الإخوان؟

- فكرة إنشاء حزب تأتي اتساقا مع توجهات وسياسات الجماعة وقد قرر مجلس شورى الإخوان منذ فترة طويلة إنشاء حزب، وحين أصبح ذلك ممكنا قمنا بالإجراءات المطلوبة.

* وماذا عن أهم ملامح الحزب الجديد؟

- ملامح الحزب ستنشر فور فتح الباب أمام تأسيس الأحزاب وسنكون أول المتقدمين ونطرح برنامجنا، ومشروع الحزب موجود بالفعل، وسيتم توثيقه في ضوء أحكام القانون، والظرف ليس مناسبا الآن للإفصاح عن مكنونه، لكن سوف يعلن عن هيئة المؤسسين خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيتم تكليف المؤسسات المختصة داخل الجماعة بإعداد الصيغة النهائية لبرنامج الحزب، وكافة ما يلزم لتأسيس الحزب من لوائح وسياسات، وسيتم ذلك بالتشاور مع مجلس شورى الجماعة، ثم يعلن عنه في حينه.

* في تقديرك هل ستدفع الجماعة بمرشحين في كافة الدوائر في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- لا، الجماعة ترضى في الوقت الراهن بثلث المجلس فقط، من أجل تكريس فكرة المشاركة لا المغالبة التي نتحدث عنها باستمرار.

* وهل تم التنسيق مع قوى سياسية حول هذه النسبة؟

- التنسيق والتوافق السياسي أمر طبيعي، نتحالف مع «س» حتى لا يفوز «ص» بالأغلبية، التحالفات السياسية أمر مشروع، فهل هي حلال لكل البشر حرام على الإخوان، وعلى الرغم من أنه لا يوجد في الأفق تحالفات لأنه ليس هناك انتخابات، ولكني أعلق على المبدأ، وإذا حدث فلا عيب في ذلك.

* وهل تنوي الجماعة ترشيح ممثل عنها للرئاسة؟

- ليس لنا مرشح للرئاسة وهذا قرار نهائي، ولسنا حريصين على المشاركة في الحكومة، فرسالتنا هادئة جدا ومطمئنة، والإخوان لا يطمعون في الحكم كما يتخيل البعض، وأعلنا ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية بفترة كبيرة.

* وكيف ترى دور الأحزاب المصرية خلال الفترة المقبلة؟

- الفترة القادمة سوف تشهد فورانا سياسيا، وظهور أحزاب سياسية جديدة، فبمجرد السماح بالأحزاب أتوقع أن يظهر أكثر من 20 حزبا جديدا، وستضاف إلى الأحزاب الموجودة بالفعل، ربما تصبح مجرد فقاقيع تتلاشى فورا وربما تكبر وتصبح كيانا يحظى بقبول الشارع.

* وماذا سيكون حال الأحزاب المعارضة الرئيسية في مصر؟

- أتمنى أن يكون الجميع موجودا، فمن مصلحة البلد التنافس.

* وماذا عن الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا)؟

- الحزب الوطني مات قبل أن يحترق.. انتهى، وهو ما يمكن أن تعتبره تحصيل حاصل، فالحزب لم يكن له وجود في الشارع، وفي انتخابات 2005 لم يحصل الحزب الحاكم إلا على 32 في المائة من مقاعد البرلمان.

* باعتبارك رجل قانون، ما تقييمك لمواد الدستور الحالي، دستور عام 71؟

- مواد الدستور الحالي تحتاج إلى تعديل، إن لم تكن تحتاج إلى تبديل، ولكن ليس كل مواد الدستور، فهناك أبواب جيدة؛ فمثلا باب سيادة القانون والحقوق والحريات العامة باب نموذجي.

* وهل بعد إجراء التعديلات الدستورية مطروح تعديل الدستور بالكامل؟

- هذا مطلب شعبي ولا يملك أحد أن يقاوم المطالب الشعبية، وسوف يتم ذلك بعد استقرار المؤسسات.

* ما دور جماعة الإخوان أثناء أحداث الثورة المصرية؟

- شاركنا وكنا جزءا مؤثرا من هذه الثورة.

* وهل كنتم تتوقعون سقوط نظام الرئيس السابق مبارك بهذه السرعة؟

- كانت ثقتنا في الله كبيرة، لكن النظام سقط بأسرع مما كنا نتوقع.

* ما رأيك في حكومة الفريق أحمد شفيق؟

- أحمد شفيق ظلم، وهو على المستوى الشخصي شخصية رائعة، لكن الرئيس السابق قدمه في لحظة حرجة وفرض عليه وزراء، فضاع بين الاثنين.

* وهل يمكن أن نرى في المستقبل القريب قياديا من الجماعة في الحكومة؟

- لا يوجد أي مانع، نحن نقبل المشاركة في الحكومة، لكن نرفض تحمل المسؤولية بالكامل.

* ما رأيك في ترشيحات رجل الشارع لبعض الشخصيات كي تتولى الرئاسة؟

- ما زلنا نعيش في العهد الماضي، فكل الأسماء التي طرحت معروفة من قبل، والجديد لم يظهر بعد، وأعتقد أنه مع قرب انتخابات الرئاسة سيظهر أكثر من شخص، وسوف نرى منافسة حقيقية ومفيدة.

* ما تعليقك على سيناريوهات الحبس والتحقيق مع الوزراء ورجال الأعمال السابقين؟

- الذي نراه قمة جبل الجليد، وما خفي كان أعظم عندنا ملفات قد تصل إلى 100 ألف ملف فساد، ونحن لم نبدأ بعد وأتمنى أن تستمر الأجهزة الرقابية في مواصلة التحقيقات حتى يأتي الدور على كل المفسدين، فهناك ما يكفي لسداد ديون مصر.