الميزانية العسكرية في إسرائيل 18 مليار دولار.. بدعوى التغييرات في العالم العربي

مليارات الدولارات تصرف في دوائر الجيش بلا مراقبة

TT

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، أن الجيش الإسرائيلي وغيره من أذرع الأمن التابعة لوزارة الدفاع، طلبت زيادة في موازنتها العسكرية للعام الحالي بقيمة 5 مليارات شيقل (1.5 مليار دولار تقريبا)، بدعوى «استحقاقات الأوضاع الجديدة في العالم العربي في أعقاب التغييرات في مصر وغيرها». وإذا حصل الجيش فعلا على هذه الزيادة، فإن هذه الموازنة ستصل في المجمل إلى رقم قياسي غير مسبوق، لنحو 18 مليار دولار.

وذكرت مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية، أمس، أن هذا الموضوع طرح مؤخرا في لقاء بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ونائبه وزير الدفاع، إيهود باراك، وأن نتنياهو وعد باراك بمنحه هذه الزيادة، على الرغم من معارضة وزارة المالية.

يذكر أن بند الأمن هو الأكبر في الموازنة العامة لإسرائيل منذ قيامها، وليس فقط في أوقات الحرب. وهو يشكل 20 – 22 في المائة من الموازنة المباشرة، فضلا عن البنود غير المباشرة (مثل تسديد الديون ومصروفات الأمن في السلطات المحلية)، وفضلا عن البنود غير المحسوبة على الجيش (تطوير الأسلحة في المصانع العسكرية التابعة للحكومة أو للقطاع الخاص). ومنذ سنة 2004، زادت الميزانية العسكرية بنسبة 25 في المائة، من دون الزيادة الجديدة المخططة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، قد خطط في سنة 2006 سوية مع وزير دفاعه، عمير بيرتس، لتقليصها بخمسة مليارات شيقل (الدولار الأميركي يعادل 3.63 شيقل)، ولكن قيادة الجيش رفضت وفرضت عليه حربا في الجنوب اللبناني بعد عدة شهور (سنة 2006)، وصفتها لجنة فينوغراد للتحقيق في إخفاقات هذه الحرب بأنها «حرب غير مدروسة استراتيجيا قام الجيش بجر الحكومة إليها». وهكذا، وبدلا من تخفيض الموازنة من 50 مليارا في سنة 2005 إلى 45 مليارا (كما كانت عليه في سنة 2004)، تمت زيادتها إلى 53 مليارا في سنة 2006 و55 مليارا في سنة 2007. وبالطبع، تمت الإطاحة بأولمرت وقبله بيرتس، في أعقاب تلك الحرب.

ومنذ ذلك الوقت ترتفع هذه الموازنة سنة بعد سنة: 57 مليارا في كل من عامي 2008 و2009 و60 مليارا في سنة 2010، وإذا حصل باراك على الزيادة التي يطلبها فستصل هذه الموازنة إلى 65 مليار شيقل. وقد اعتاد الناطقون بلسان الجيش على نشر أجواء تخويف للجمهور حول «أخطار إقليمية حادة» في كل مرة يتم فيها البحث في الموازنة بغرض منع وزارة المالية من تقليص ميزانية الجيش، وكذلك في كل مرة يستعدون فيها لطلب رفع الميزانية.

وتواجه هذه اللعبة المكشوفة للجيش بمعارضة لدى أوساط وزارة المالية وبعض قوى اليسار السياسي. ولكن هذه المعارضة تبدو دائما خجولة ويشوبها الخوف من سطوة الجنرالات على القيادة السياسية. وانضم البنك المركزي في إسرائيل إلى هذه المعارضة، أمس، لأول مرة. فنشر تقريرا اتهم فيه الجيش بـ«خرق دائم لحدود الميزانية». وتضمن التقرير جدولا يوضح هذا الخرق في آخر عشر سنوات، على النحو التالي: سنة 2002 كان الخرق بقيمة 5 مليارات شيقل، في عامي 2003 و2004 لم يكن خرقا، سنة 2005 بلغ الخرق 2.8 مليار شيقل، سنة الحرب 2006 بلغ الخرق 6.3 مليار شيقل، سنة 2007 نحو 1.8 مليار شيقل، سنة 2008 نحو 3.5 مليار شيقل، سنة 2009 نحو 4.8 مليار شيقل، سنة 2010 نحو 5.5 مليار شيقل. وهذا كله لا يكفي الجيش، فيطلب 5 مليارات أخرى لسنة 2011.

وأشار بنك إسرائيل إلى أن خرق ميزانية الجيش أصبح ظاهرة تفاقمت في إسرائيل، وبلغت نسبة 10 في المائة من الميزانية في السنة الأخيرة، وهي نسبة لا يصل إليها أي مكتب أو وزارة أو دائرة حكومية، ويجب وضع حد لهذه الظاهرة.

كما تجند لهذه الظاهرة، دافيد بروديت، أحد كبار الاقتصاديين الإسرائيليين الذي تولى رئاسة لجنة حكومية لفحص الميزانية العسكرية ووضع توصيات في الماضي يطلب فيها ربط زيادة ميزانية الجيش بخطة تقليصات ونجاعة داخلية. فقال إن طلب الجيش زيادة الميزانية بسبب الأوضاع في العالم العربي ليست صادقة وتنطوي على الخداع. وقال بروديت إن الأوضاع العربية ستلزم الجيوش العربية بخطط لتأمين الاستقرار الاقتصادي والأمني، وليس شن حروب على إسرائيل ورصد أموال للصرف على هذه الحروب. ولذلك، فلا يوجد ما يدعو بشكل حقيقي لزيادة الموازنة العسكرية.

وقال بروديت إنه، وعلى الرغم من كل القرارات والتوصيات بمراقبة مصروفات الجيش، فإن مليارات الدولار تصرف في كل سنة من دون أي مراقبة. وأضاف أن هذا الصرف يتم بسرية بحجة الأمن، ولكن في الحقيقة أنه لا يوجد أي مبرر لهذه السرية.