بيريس وأشكنازي يدعوان لتحريك السلام مع سورية والفلسطينيين

رئيس الأركان السابق ينتقد الحكومة على استنتاجاتها لما يجري في العالم العربي

TT

في رد على محاولات قادة اليمين الحاكم في إسرائيل استغلال الهبات الجماهيرية في الدول العربية من أجل التهرب من عملية السلام، خرج الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، ورئيس أركان الجيش السابق، غابي أشكنازي، بدعوة إلى التوجه الفوري لعمل كل ما يلزم من مبادرات لتوسيع نطاق السلام الإسرائيلي مع مصر والأردن ليشمل أيضا سورية والفلسطينيين ولبنان.

وقال بيريس، لدى استقباله في العاصمة الإسبانية مدريد إن «السلام هو خيار استراتيجي. ونحن نريد سلاما عميقا، خصوصا مع الفلسطينيين، ونتمنى أن تستطيع إسبانيا تبني التعاون بيننا وبين الفلسطينيين في كل المجالات التكنولوجية والعلمية والاقتصادية والثقافية». وقال إن إسبانيا احتضنت فترة مزدهرة في تاريخ العلاقات اليهودية العربية (يقصد في زمن الأندلس)، وهي تستطيع اليوم أن تساعد الطرفين على العودة إلى تلك الحقبة، بتسوية سلمية على أساس دولتين. وأضاف: «لن يكفي الحديث اليوم عن مجرد دولتين، بل يجب أن تكونا دولتين ديمقراطيتين». ودعا بيريس سورية أيضا إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل، «شرط أن لا تكون هناك شروط مسبقة».

وكان أشكنازي قد أطلق تصريحا مشابها، خلال جلسة وداع مع اللجنة البرلمانية لشؤون الخارجية والأمن، فقال إن السلام مع مصر والأردن هو مصلحة استراتيجية لإسرائيل. وكلما خرجت جهة عربية من دائرة الصراع مع إسرائيل، كان ذلك أفضل. وعلى الحكومة - أضاف «أن تدرس جيدا مجريات الأحداث في العالم العربي وتبعاتها، ولتستنتج الخلاصة الصحيحة وتتجه نحو السلام مع الفلسطينيين ومع سورية».

وأكد أشكنازي أنه يطلق هذه الدعوى ليس من منطلقات ضعف، بل من منطلقات القوة: «فأنا نشأت في هذا الجيش وأعرف جيدا مدى عظمة قوته. وفي السنوات الأربع الأخيرة تعمقت في معرفته من الداخل وخلال المعارك وأقول لكم إنه جيش قوي وقادر على حماية إسرائيل من كل الأخطار وهو مستعد لذلك في كل وقت».

واعتبر المراقبون هذه التصريحات بمثابة بداية لتحول أشكنازي إلى النشاط السياسي، حيث إنها تنطوي على نقد مبطن للحكومة. والترجمة السياسية لأقواله هي أن الحكومة لا تدرك حقيقة ما يجري في العالم العربي وأهمية الاستنتاج الإسرائيلي منه وأنها تمتنع عن التقدم في عملية السلام بدعوى الأمن بينما الجيش الإسرائيلي قادر على حماية إسرائيل بعد أي اتفاق سلام. وهذه لهجة لم ينطق بها المسؤولون الإسرائيليون منذ عهد إسحق رابين، الذي قتل قبل 16 عاما.

وكان نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، موشيه يعلون، الذي شغل هو أيضا في الماضي منصب رئيس الأركان، قد خرج بانطباع معاكس تماما عن أشكنازي. فقال إن الأوضاع في العالم العربي تؤكد أن هناك بركان فوضى في الشرق الأوسط، تبدو فيه إسرائيل الدولة الوحيدة المستقرة. وإن هذا الوضع يجب أن يكون للغرب درسا؛ «فعدم الاستقرار في الشرق الأوسط لا ينجم عن الصراع مع الفلسطينيين ولا علاقة له بإسرائيل. بل بالعكس، فنحن أبو الاستقرار». واعتبر يعالون، «التطورات التي تشهدها دول المنطقة زلزالا تاريخيا» وحذر من خطر استغلالها من قبل عناصر الإسلام المتطرف على حد قوله. ودعا المجتمع الدولي إلى الكف عن تغليب الموضوع الفلسطيني في هذه الظروف، بدعوى أن هذا الموضوع ليس هو الذي يزعزع الاستقرار في المنطقة ولذلك، «على الغرب أن يكرس اهتمامه الآن بالقضايا التي تزعزع الاستقرار بشكل حقيقي، وستجد إسرائيل حليفا مخلصا في هذا الاهتمام».

والجدير بالذكر أن بيريس زار إسبانيا بمناسبة مرور 25 سنة على إقامة نشوء علاقات دبلوماسية بين البلدين، التي تمت إبان حكم بيريس نفسه (1985). واستقبله الملك خوان كارلوس الأول، ورئيس الوزراء، خوزيه لوي - زفاترو. وأشاد بيريس بالتحول الديمقراطي في إسبانيا منذ تولي كارلوس كرسي الملكية، فيما امتدح الملك ذكاء وحكمة بيريس وسعيه الدائم إلى السلام. وامتدح بيريس قدرات إسبانيا في لعب كرة القدم، فيما امتدح كارلوس إسرائيل على تقدمها العلمي والتكنولوجي.