السعودية ووكالة الطاقة الدولية تعيدان الهدوء لأسواق النفط العالمية

بعد توقف معظم صادرات الخامات الليبية

موجة ذعر ومضاربات تجار الخامات (أ. ب)
TT

أعادت تصريحات سعودية وأخرى صادرة عن وكالة الطاقة الدولية، أمس، الهدوء النسبي إلى أسواق النفط العالمية التي أصيبت بحالة من الذعر مع تصاعد الاضطرابات في ليبيا والتي أدت إلى توقف معظم عمليات الإنتاج والتصدير في قطاع النفط الليبي. ووسط عمليات المضاربة الواسعة من قبل التجار الباحثين عن تحقيق أرباح من ظروف عدم الاستقرار في المنطقة العربية، قفز سعر خام برنت يوم الخميس إلى قرابة 119.79 دولار، قبل أن يعود إلى مستويات تراوحت بين 111 و114 دولارا للبرميل أمس. وكان خام غرب تكساس الأميركي لعقود أبريل (نيسان) قد انخفض أمس إلى 97.200 دولار للبرميل في التعاملات المبكرة في بورصة نيويورك بعد أن قفز يوم الخميس إلى 103.41 دولار. وكانت وكالة الطاقة الدولية قد قالت أمس إنها على استعداد لإطلاق جزء من (احتياطيات الطوارئ) لتعويض الأسواق عن أي نقص، فيما نسبت تقارير إلى مسؤول نفطي سعودي قوله لـ«رويترز» أمس الجمعة إن السعودية زادت إنتاجها إلى أكثر من تسعة ملايين برميل يوميا لسد النقص في إنتاج ليبيا. وقال المصدر «بدأنا في إنتاج ما يزيد على تسعة ملايين برميل. لدينا طاقة إنتاجية كبيرة».

وجاءت الخطوة السعودية بعد أن أكدت الرياض في وقت سابق هذا الأسبوع أنها مستعدة للعمل على منع حدوث أي نقص في الإمدادات بسبب الاحتجاجات في ليبيا على حكم العقيد معمر القذافي، والتي أدت إلى خفض حاد في إنتاج ليبيا التي تصدر 1.3 مليون برميل يوميا. وتبلغ صادرات ليبيا 1.3 مليون برميل يوميا. وقال محللون في لندن «المشكلة ليست في كمية الصادرات الليبية، إذ يمكن تعويضها بسهولة، لكن المشكلة في نوعية الخام الليبي والمصافي الأوروبية، خاصة المصافي الإيطالية التي صممت على نوعية الخامات الليبية الخفيفة». وقال خبير نفطي لتلفزيون «بي بي سي» أمس إن المصافي الأوروبية يمكن أن تتكيف مع الخامات الثقيلة مثلما تفعل المصافي الأميركية.

وذكرت نشرة «إنيرجي انتليجنس» الليلة الماضية أن السعودية زادت الإنتاج في هدوء لتفادي إذكاء التوترات الإقليمية. وقالت النشرة «لم يتم الإعلان عن الخطوة السعودية، وهذا ربما يكون بسبب التوتر السياسي في المنطقة والتحركات الداخلية لأوبك». لكن السعودية التي تمتلك نحو أربعة ملايين برميل يوميا من الطاقة الإنتاجية الفائضة أعلنت صراحة أنها ستمد العملاء بكل احتياجاتهم من النفط لتعويض نقص الإمدادات الليبية.

من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية التي تمثل البلدان المستهلكة إن سوق النفط فقدت (في الوقت الراهن) ما بين 500 ألف و750 ألف برميل يوميا، أي أقل من واحد في المائة من الاستهلاك العالمي اليومي. وحتى قبل هذه القفزة الأخيرة في أسعار النفط كانت الأسعار ترتفع بشكل مطرد، مما جعل دولا في منظمة أوبك تزيد الإنتاج.

إلى ذلك، قالت مصادر في قطاع النفط أمس إن معظم صادرات النفط الليبية توقفت بسبب تراجع الإنتاج وقلة عدد العاملين في الموانئ والمخاوف الأمنية. وأثنت المخاوف الأمنية بعض شركات الشحن عن الإبحار إلى ليبيا. وقالت المصادر إن بعض السفن رفضت الرسو في موانئ ليبية أو لم تكمل طريقها وعادت، وإن سوء الأحوال الجوية في البحر المتوسط تسبب في إيقاف العمل.

وقال مصدر في شركة نفط كبرى «قبطان الناقلة التي استأجرناها رفض الذهاب إلى ليبيا. وقال إنه قلق بشأن الأمن في الميناء». وقال مشتر آخر للنفط الليبي «لا يمكنك الوصول إلى هذه الموانئ. لا يوجد أي اتصال». وتابع «سمعنا تقارير عن عودة بعض السفن». وتصدر ليبيا النفط من موانئ ومحطات من بينها رأس لانوف والزويتينة ومرسى الحريقة والبريقة والبوري والسدر والزاوية ومليتة. وقالت مصادر نفطية أمس إن مرفأ السدر ما زال يعمل، وذكرت بعض المصادر أن مرفأي الزاوية ومليتة يعملان لكنهما مغلقان بسبب سوء الأحوال الجوية. وتنتج ليبيا 1.6 مليون برميل يوميا من النفط عالي الجودة، أي نحو اثنين في المائة من الإنتاج العالمي، لكن التقديرات تقول إن ما بين 30 في المائة و75 في المائة من الإنتاج الليبي توقف بسبب الاضطرابات التي تشهدها البلاد.

ولا تزال الاضطرابات تمنع الإنتاج في الكثير من الحقول. وقال مهندس بترول عضو في القيادة المؤقتة لمدينة بنغازي أمس إن المحتجين يسيطرون على كل حقول النفط الواقعة شرق بلدة رأس لانوف الليبية تقريبا، وإن الحقول ومرافئ النفط تعمل بنحو 25 في المائة من طاقتها الإنتاجية. وقال عبد السلام نجيب، وهو مهندس بترول في شركة الخليج العربي للنفط الليبية، وأحد أعضاء ائتلاف «17 فبراير»، لـ«رويترز»، إن كل حقول النفط الليبية الواقعة شرق رأس لانوف تقريبا تحت سيطرة الشعب، وإن الحكومة ليست لها سيطرة في هذه المنطقة. وأضاف أن العاملين في الحقول والعاملين في نقل النفط إلى المرافئ ما زالوا يواصلون عملهم، لكن العمل توقف بنسبة 75 في المائة تقريبا. وقال نجيب إنه يعمل في حقول نفطية، وإن من أبلغه بذلك شخص يعمل في شركة نفط كبيرة في البريقة.