اليمن: مئات الآلاف يتظاهرون في «جمعة الانطلاق»

أنصار صالح يردون بمظاهرة أخرى وتشكيل لجنة حكومية للحوار مع الشباب

يمنيون في مظاهرة احتجاجية في صنعاء أمس يطالبون برحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (أ. ب)
TT

اتسعت رقعة الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، حيث شهدت العاصمة صنعاء وعدة محافظات مظاهرات لمئات الآلاف ومرت بسلام، باستثناء محافظة عدن التي سقط فيها قتلى وجرحى، في الوقت الذي شكل فيه الرئيس صالح لجنة للتحاور مع الشباب وحل مشكلاتهم.

وأطلق المتظاهرون على فعالياتهم في جميع المحافظات اسم «جمعة الانطلاق» نحو «إسقاط النظام»، كما أطلق اسم «ساحة الحرية» و«ساحة التغيير» على كافة الساحات التي يجري الاعتصام أو التظاهر فيها، وأدى أكثر من نصف مليون متظاهر صلاة الجمعة أمام جامعة صنعاء حيث يعتصم الآلاف من الطلاب والشباب في رحيل النظام ودعا خطيب الجمعة، الشيخ عبد الله صعتر، الشباب المعتصمين إلى عدم الاستجابة لدعوات الحوار التي أطلقتها السلطات اليمنية لأنها، حسب قوله، سوف تقوم بتعطيل «نضالهم السلمي» ولأنها «حوارات كانت عبارة عن ضحك ولم ينتج عنها أي شيء»، وطرح أن النظام لا يلتزم بتعهداته وأورد الحديث النبوي الشهير «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، مردفا: «أما نحن فقد لدغنا ثلاثين مرة».

وفي الوقت الذي كانت المظاهرات تطالب صالح بالرحيل، كان عشرات الآلاف من مؤيديه يتظاهرون في ميدان السبعين والتحرير بوسط صنعاء لإبراز مواقف التأييد للرئيس، وردد أنصار النظام هتافات، وأدى مؤيدو صالح، أيضا، صلاة الجمعة في ميدان التحرير، وقد «دعا مدير الوعظ والإرشاد بمكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة فضيلة الشيخ جبري إبراهيم حسن في خطبتي الجمعة جميع أبناء اليمن إلى الاصطفاف والتلاحم الوطني وحماية ممتلكات الناس العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع»، وحسب وكالة الأنباء اليمنية فإن الشيخ جبري، وهو من رجال الدين المعتدلين في اليمن، قال في خطبتي الجمعة: «يا أهل اليمن إن رسول الإسلام بعثه الله بالمحبة والإكرام بعثه الله بالدين والإيمان، والحب والإسلام والسلام وجعل جزاء ذلك الجنان ومن خالف ذلك ففي جحيم النيران، فأقسم عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: (والله لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تاحبوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم.. أفشوا السلام بينكم)».

وأكد شهود عيان ومصادر محلية أن محافظات: تعز، الحديدة، عدن، لحج، أبين، عدن، حضرموت، الجوف، البيضاء وغيرها من المناطق شهدت مظاهرات كبرى للمطالبة برحيل النظام وبإسقاطه، إلا أن المظاهرة الكبرى كانت في محافظة تعز بوسط البلاد، حيث قدر عدد المشاركين في المظاهرة في «ساحة الحرية» بمنطقة عصيفرة بأكثر من نصف مليون متظاهر.

ورغم أن معظم المظاهرات في «جمعة الانطلاق» مرت بسلام، إلا أن قوات الأمن قامت بتفريق مظاهرات مدينة عدن التي تحولت إلى ثكنة عسكرية بعد أن نصبت فيها الحواجز الأمنية كما منع المواطنون من التنقل بين مدن المحافظة، وأكدت مصادر ميدانية أن متظاهرا واحدا على الأقل قتل وجرح أكثر من 20 متظاهرا برصاص قوات الأمن في المدينة التي سقط فيها العدد الأكبر من الضحايا، فقد كشفت إحصائية أعدتها منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في عدن أن قوات الأمن قتلت خلال الفترة من 16 وحتى 21 فبراير (شباط) الجاري 19 محتجا وأصابت أكثر من 120 شخصا آخرين.

وفي محافظة صعدة، خرج عشرات الآلاف من أنصار عبد الملك الحوثي في مظاهرات في مديريات سحار، حيدان ورازح وذلك للمشاركة في «الثورة الشعبية السلمية المطالبة بإسقاط النظام»، ورفع المتظاهرون في صعدة لافتات كتب عليها: «لا للظلم والطغيان» و«فليرحل نظام الظلم والعمالة»، وغيرها من الشعارات والهتافات التي رددت وجميعها تطالب بإسقاط النظام، بعد أن قالوا إنهم «فقدوا الأمل في استعادة وحدتهم الوطنية» بسبب «نجاح السلطة على مدى العقود الماضية في إحياء وإثارة المخاوف والنعرات والعداوات بين فئات الشعب»، وخاطب المتظاهرون في بيان صادر عنهم الأحزاب السياسية في البلاد بأن «لا تستجيب للضغوط التي تمارسها السفارة الأميركية وبعض الأطراف الخارجية بالعدول عن الوقوف مع أبناء الشعب اليمني المطالبة بالتغيير»، وأكد أنصار الحوثي أن الأحزاب السياسية «ستفقد حضورها الشعبي، فمن لا يقف مع الشعب ومطالبه فإنه في الأخير سيكون الخاسر لأن أولئك في الأخير لا يهمهم إلا مصالحهم فقط، مؤكدين أن إرادة الشعب كفيلة بتحقيق كل أهداف وتطلعات اليمنيين في بناء دولتهم العادلة والمستقلة دون الحاجة للتدخلات الخارجية».

ومع اتساع نطاق الاحتجاجات جغرافيا وازدياد أعداد المشاركين فيها، يسعى الرئيس علي عبد الله صالح بطرق عدة إلى احتواء الأوضاع وتهدئة الشارع، فهو يعقد اجتماعات متواصلة مع الهيئات والمجالس الحكومية والقيادية، خاصة مع تزايد عدد البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين الذين استقالوا من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وآخر الاجتماعات عقده صالح في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وكان اجتماعا موسعا وضم عددا من قيادات الدولة وناقش «التطورات الجارية على الساحة الوطنية وفي مقدمتها ما يتصل بالجهود المبذولة من أجل الدفع بالحوار الوطني وبما يزيل أي احتقانات قائمة في الشارع اليمني».

وأقر الاجتماع تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير التربية والتعليم ووزير الشباب والرياضة، وذلك لإجراء حوار بناء ومفتوح مع الإخوة الشباب ومنهم المعتصمون في عدد من الساحات وفي مقدمتها ساحتا الجامعة والتحرير بصنعاء وعصيفرة بتعز ومحافظة عدن، والاستماع منهم إلى قضاياهم وتطلعاتهم وبما يكفل معالجة قضايا الشباب مع إعطائها الأولوية في المعالجات الحكومية والاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم في مسيرة البناء الوطني وباعتبار أن الشباب هم الطاقة الحية والهائلة في المجتمع التي ينبغي تسخير قدراتها لما يحقق مصلحة الوطن ويكفل له النهوض والتقدم، حسبما نقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، رسميا، أيضا، أعلن أن مواطنين ومحامين رفعوا شكوى إلى النائب العام ضد الداعية والقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الشيخ عبد الله صعتر، وذلك لاتهامه بـ«إثارة المناطقية والفتنة الطائفية»، وذلك بعد ألقى خطبة الجمعة في المحتشدين أمام جامعة صنعاء وقال إن «دماء الشهداء لن تذهب هدرا»، وأكد أن الحل هو في رحيل النظام، كما أنه تناول في كلمة سابقة له في المعتصمين حول بعض المصطلحات الطائفية التي رددها في الأيام الماضية بعض أنصار النظام ومست أبناء محافظة تعز الذين وصفوا بـ«البراغلة»، حسب قوله، وهذه الكلمة أو الوصف مسيء، ويرفض معظم اليمنيين الزج بالمناطقية والقبلية والطائفية في الصراعات السياسية القائمة، كما تعلن ذلك كافة الأطراف.