محافظ بغداد لـ«الشرق الأوسط»: المظاهرات خرجت عن أهدافها ومعظمها ليست مجازة

انقسام برلماني بشأن التعاطي مع المتظاهرين

TT

أكد رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي أن «مجلس المحافظة لم يمنح إجازة لأغراض التظاهر في بغداد إلا لشخصين يمثلان منظمة مجتمع مدني». وقال الزيدي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي يقر فيه الدستور العراقي المظاهرات وهي حق مكفول إلا أن هناك سياقات لا بد أن تؤخذ بنظر الاعتبار لكي لا تخرج المظاهرات عن نطاق ما هو مسموح به قانونيا ودستوريا». وأضاف الزيدي: «إننا وعند الإعلان عن إمكانية تسيير مظاهرات في بغداد يوم الخامس والعشرين من شهر فبراير (شباط) الحالي فقد التقينا بالعديد من الوفود في مختلف مناطق بغداد وأحيائها وأقضيتها وشكلنا لجانا سميناها لجان الجهد الساند والعمل الرقابي وأصدرنا الأوامر الإدارية بذلك من أجل استحصال الموافقات الأصولية». وأشار إلى أنه وطوال الفترة الماضية «لم يتقدم سوى شخصين يمثلان منظمة الفكر العراقي الحر وهما جلال الشحماني وعبد الله عيدان لغرض تنظيم مظاهرة وبالفعل تم منحهما الإجازة بعد الاطلاع على أهداف المظاهرة وخلوها من الشعارات والأهداف الطائفية». وحول ما إذا كانت كل المظاهرات التي جرت في بغداد أمس الجمعة مجازة، قال الزيدي: «إن معظمها ليست مجازة بل أقول إن مظاهرة واحدة منها من 2000 شخص هي المجازة وما عداها فأمرها مختلف وهي تعتبر خارجة على القانون مع احترامنا للجانب المطلبي والخدمي منها وهو أمر كفله الدستور والقانون». وأضاف أن «ما جرى اليوم (أمس) أمر مختلف ومغاير لما تم الاتفاق عليه وأستطيع القول إنه يحمل عدة أهداف وهو ما لاحظناه في طبيعة اللافتات والشعارات التي رفعها الكثيرون خلال المظاهرات إلى الحد الذي تم فيه التعدي على العديد من الرموز الوطنية» على حد قوله. وكشف أن «مجلس محافظة بغداد وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية وضع اليد على العديد من الخطط التي تنوي بعض الجهات تنفيذها داخل بغداد من قبل أناس ليسوا من أهالي بغداد بل إن البعض منهم جاء من خارج بغداد والبعض الآخر جاء من خارج العراق وأقاموا طوال الأسابيع الماضية في أماكن في أطراف بغداد لمثل هذا اليوم». على صعيد متصل، تباينت الرؤى التي يحملها أعضاء البرلمان العراقي حيال مظاهرات الجمعة التي مثلت أول تحد مباشر وفريد من نوعه للوضع الحالي في العراق. وفي هذا السياق أكد النائب المسيحي في البرلمان العراقي يونادم كنا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التظاهر حق كفله الدستور العراقي وكذلك الأمر مع حرية التعبير لا سيما وأن الأهداف الحقيقية للمظاهرات ذات مطالب مشروعة وينبغي عدم الهروب منها وتتعلق بمكافحة الفساد وهدر المال العام». وأشار إلى أنه «طوال الفترة الماضية كانت هناك المادة 136 ب من قانون العقوبات العراقي تحمي المفسدين واللصوص لكننا بدأنا الآن بالعمل على إلغاء هذه المادة وسيتم التصويت على إلغائها قريبا وسوف يصبح ظهر اللصوص مكشوفا». وأضاف كنا: «إن هذه المظاهرات وبصرف النظر عن كل ما يمكن أن يقال هنا أو هناك عنها فإنها رسالة للحكومة العراقية والبرلمان بأن ما هو قائم غير صحيح ويجب تغييره»، مشيرا إلى أن «البرلمان الحالي غير البرلمان السابق حيث اتخذنا العديد من الخطوات الجادة من بينها أن الوزير الذي لا ينفق 75% من الميزانية نسحب الثقة منه فورا». أما النائبة عن القائمة العراقية ناهدة الدايني، فقد أكدت في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «المطالب التي حملها المتظاهرون ليست مسيسة وبالتالي فإنها تعتبر من وجهة نظرنا مطالب مشروعة ويجب الاهتمام بها وعدم إلصاقها بجهات هنا أوهناك حتى لا تتحول عن أهدافها الحقيقية ولكي لا يستمر مسلسل حماية المفسدين والفاشلين». وطالبت «بمنح الفرصة للبرلمان لكي يثبت قدرته على محاسبة الأداء الحكومي، وقد بدأنا خطوات جادة في هذا المجال وهو ما يتطلب وقتا لا بد من احترامه من قبل الجميع قبل المباشرة باتخاذ قرارات».

لكن القيادي في دولة القانون سعد المطلبي المقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المظاهرات «تفويضا للمالكي لكي يضرب بيد من حديد المفسدين والمقصرين في شتى الميادين والمجالات». وقال إن «كل أعضاء دولة القانون وعلى رأسهم المالكي يباركون هذه المظاهرات لأنها تعبير حقيقي عن الديمقراطية في العراق الجديد ومع كل ما يحصل من تجمع بشري كبير وغير معهود في العراق من قبل فإنها تظل مشروعة ووطنية». لكن المطلبي اعتبر أن «بعض الشعارات التي تظهر وكأن في العراق اليوم صدام حسين آخر (في إشارة إلى المالكي) أمر مرفوض وغير صحيح» منتقدا ما سماه «الفضائيات التي يملكها شركاء في السلطة الذين هم مسؤولون في الحكومة بينما تتجه فضائياتهم إلى تحميل المالكي المسؤولية وحده». في السياق ذاته، دعا القيادي الكردي محمود عثمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يخرج المسؤولون إلى المتظاهرين ويحاوروهم ما داموا لم يطلبوا تغيير النظام حتى الآن وكل مطالبهم مشروعة». وتساءل عثمان عن «الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق مطالب المتظاهرين في الوقت الذي نضع فيه حواجز أمامهم ونخشى وصولهم إلينا». وأشار إلى أنه في حال عدم القدرة على الخروج المباشر معهم فبالإمكان اختيار عدد منهم مائه أو مائتين يأتون إلى المنطقة الخضراء ويقابلون كبار المسؤولين منهم ويتم التوصل إلى حلول وسط بين الحكومة وبين الناس قبل أن يفلت الزمام من الجميع».