نتنياهو يتعهد خلال محادثة متوترة مع ميركل بمبادرة سلام قريبا

الرباعية الدولية تهدد: مفاوضات فورية أو اعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر

جندي إسرائيلي يصوب بندقيته نحو متظاهر فلسطيني ضد جدار الفصل في قرية بلعين قرب رام الله أمس (أ.ب)
TT

في محادثة هاتفية وصفت بأنها متوترة، ارتفعت فيها الأصوات عاليا، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بأن يطرح مبادرة سياسية جديدة لتحريك مسيرة السلام مع الفلسطينيين في القريب العاجل. ولكن ميركل لم تصدقه. وأجرت اتصالات بواسطة مساعديها مع عدد من القوى السياسية في إسرائيل لتفحص إذا كان صادقا في وعده أم أنه يحاول مرة أخرى كسب الوقت.

في غضون، ذلك أفادت مصادر سياسية إسرائيلية بأن نتنياهو ومستشاريه يشعرون بقلق إزاء تهديد الرباعية الدولية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إذا لم تبدأ المفاوضات فورا.

وأوضحت المصادر أن المحادثة بين نتنياهو وميركل جرت يوم الاثنين الماضي، بمبادرة نتنياهو، في أعقاب تصويت ألمانيا في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب 13 دولة أخرى تأييدا لمشروع قرار فلسطيني بإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس. وبادر نتنياهو إلى هذه المحادثة قائلا إن تصرف ألمانيا خيب آماله، فقاطعته ميركل قائلة: «كيف تجرؤ على قول هذا. فنحن الذين خاب أملنا فيك. فأنت لم تف بأي وعد قطعته لنا لتحريك مسيرة السلام. ولم تقدم على خطوة واحدة للتقدم في هذه المسيرة. ونحن نحملك مسؤولية الجمود الخطير في عملية السلام».

وبعد سجال وتراشق كلامي طويل ومتوتر بينهما، ارتفع فيه صوتاهما لدرجة الصراخ، أبلغ نتنياهو ميركل بأنه ينوي إلقاء خطاب سياسي مهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة يكون «خطاب بار إيلان الثاني» (في الخطاب الذي ألقاه في جامعة بار إيلان الأول، في 14 يونيو/ حزيران 2009، أعلن لأول مرة موافقته على مبدأ الدولتين للشعبين، لتسوية الصراع مع الفلسطينيين). وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن ميركل لم تصدق نتنياهو. واتصلت عبر مساعديها مع عدد من السياسيين الإسرائيليين تتأكد من مدى مصداقية. وقال هؤلاء المساعدون إنها لا تصدقه. وأكد بعض هؤلاء أن نتنياهو يجري مشاورات في الآونة الأخيرة مع عدد من الوزراء والمساعدين والخبراء حول مضمون خطابه القادم.

ولكن مصادر مقربة من وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، أكدت أن نتنياهو يستعد لطرح مبادرة سلام جديدة، أوضحت أن هذه المبادرة ستستند إلى خطة ليبرمان لإقامة دولة فلسطينية مؤقتة على 50 في المائة من الضفة الغربية من دون القدس الشرقية وأنه سيعلن فيها موافقته على فكرة ليبرمان بتبادل السكان مع الدولة الفلسطينية (نقل منطقة المثلث، الممتدة من أم الفحم شمالا وحتى كفر قاسم جنوبا على طول الحدود الشمالية للضفة الغربية، للسيادة الفلسطينية مقابل بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات)، وهي الفكرة التي يرفضها الفلسطينيون بالإجماع، بمن في ذلك سكان المثلث الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ولا يقبلون التنازل عنها.

وأكد عدد من المسؤولين أنهم لا يصدقون أن نتنياهو جاد في توجهه. وأن كل ما في الأمر هو أنه يشعر بضائقة نتيجة للعزلة الدولية ويخشى من مبادرة أوروبية لفرض عملية مفاوضات على أساس إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 ويحاول أن يطلق مبادرة تظهره مؤيدا للسلام وتظهر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رافضا للسلام.

وقالت صحيفة «هآرتس» إن المحادثة بين ميركل ونتنياهو تعتبر إشارة إلى الحضيض الذي وصلت إليه العلاقات بينهما، مع العلم بأن ألمانيا هي الدولة الأقرب لإسرائيل في العالم بعد الولايات المتحدة. ونقلت عن مسؤولين ألمان قولهم إن ميركل وأفراد طاقمها لا يستوعبون كيف يسمح نتنياهو لنفسه بتضليلهم بالادعاء أن الاستيطان ضروري لأمن إسرائيل. ووصفوه بالأعمى، وهو يرى ما يجري في العالم العربي ولا يتحرك بمبادرة لإحياء عملية السلام. وقالوا إن هناك أزمة ثقة خطيرة بين نتنياهو وميركل اليوم.

من جهة ثانية، سيبحث المجلس الوزاري الأمني المصغر في إسرائيل عن كيفية الرد على مبادرة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي)، التي أعلنها المبعوث باسمها إلى الشرق الأوسط، روبرت سري، في نيويورك الليلة قبل الماضية، لعقد سلسلة لقاءات مع مندوبين فلسطينيين وإسرائيليين، كل على حدة، للتباحث معهم حول القضايا الجوهرية للتسوية الدائمة للصراع مع الفلسطينيين. وقال سري إن اللقاءات ستبدأ في الأسبوع المقبل في بروكسل. وإنها ستكون لقاءات قصيرة، لكي تطرح نتائجها على اجتماع وزراء خارجية الرباعية في باريس في نهاية مارس (آذار) المقبل. وحذر سري من أن التسوية على أساس دولتين لن تظل مطروحة إلى الأبد.