استقالات بالجملة في صفوف المسؤولين الليبيين.. بينهم النائب العام

الدائرة تضيق على القذافي.. ومعاونوه يتركونه وحيدا أمام فوهة الاحتجاجات

TT

ضاقت دائرة الخناق على الزعيم الليبي معمر القذافي في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المتزايدة ضد نظامه، الذي استمر 42 عاما، وتوالت أمس سلسلة استقالات المسؤولين وحالات الانشقاق والخروج عن نظام القذافي بوتيرة متسارعة، وبشكل توقع معه المراقبون أنه سيعجل من انهيار قبضة القذافي على ما تبقى له من الدولة، وينبئ بانهيارها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأعلن النائب العام الليبي عبد الرحمن العبار، أمس، استقالته رسميا من منصبه وانضمامه لصفوف المعارضة. وقال العبار في شريط فيديو نقلته مواقع إلكترونية: «نظرا للقسم الذي أقسمته يوم توليت هذه الوظيفة أن أكون منحازا للحق والعدل مخلصا للوطن والشعب ويشهد الله أنني كنت وما زلت وسأظل إن شاء الله منحازا لهذه المبادئ، حيث إن ما حدث ويحدث من مجازر وإراقة للدماء لم يشهد لها الشعب الليبي والتاريخ مثيلا وهو فرض منطق القوة والعنف بدلا من الاحتكام إلى الحوار الديمقراطي المتكافئ ولأن ما حدث ويحدث في ليبيا يتنافى مع مبادئ الحق والعدالة التي آمنت بها، فإنني أعلن التأكيد على تقديم استقالتي من منصب النائب العام في ليبيا وإنني أعلن انضمامي لإرادة الشعب الليبي المتمثلة في ثورة الشباب في 17 فبراير (شباط)».

وفي بنغازي، أعلن رئيس إدارة التفتيش القضائي المستشار إبراهيم الخليل التحاقه بركب الثورة ضد القذافي، مؤكدا أنه قدم استقالته من وظيفته بسبب ممارسات نظام القذافي. كما قدم سفيرا ليبيا في فرنسا محمد صلاح الدين زارم، واليونيسكو عبد السلام القلالي، أمس، استقالتيهما احتجاجا على أعمال القمع التي يتعرض لها المحتجون في ليبيا، وفقا لما أوردته «رويترز».

وجاءت هذه الاستقالات بعد تقديم العشرات من رموز نظام القذافي استقالتهم خلال الأيام القليلة الماضية، آخرهم أحمد قذاف الدم ابن عم الزعيم الليبي والمسؤول عن تنسيق العلاقات المصرية - الليبية، الذي استقال مساء الخميس وطلب اللجوء السياسي في مصر. حيث قدم وزير العدل مصطفى عبد الجليل، ووزير الدولة لشؤون الهجرة والمغتربين علي الريشي، استقالتيهما أول من أمس، احتجاجا على استخدام القوة بقسوة ضد المتظاهرين.

وفي سياق متصل، أعلن سفراء ليبيا في كل من الهند، بريطانيا، إندونيسيا وسنغافورة وبروناي، الصين، بنغلادش، بولندا، استقالاتهم من مناصبهم، احتجاجا على استخدام القوة ضد المتظاهرين في المدن الليبية.

وقال سفير ليبيا في الهند علي العيساوي، في رسالة إعلانه استقالته من منصبه: «إنه يناشد القوى العالمية مساعدة شعبه الذي يقتل على أيدي مرتزقة وجراء قصف بالطيران».

أما في أستراليا فقد قال عمران زويد، المستشار الثقافي للسفارة الليبية أمام جمع من المحتجين الليبيين أمام السفارة: «نحن نمثل الشعب الليبي ولم نعد نمثل النظام الليبي». وفي الولايات المتحدة، قال سفير ليبيا علي العوجلي «إنه لم يعد ممثلا لحكومة بلاده ودعا القذافي للتنحي لتجنب إراقة مزيد من الدماء». وبدوره أعلن عدد من الدبلوماسيين في السفارة الليبية في العاصمة الكندية أوتاوا استقالتهم احتجاجا على قمع نظام القذافي للمحتجين المناوئين له.

وفي المنطقة العربية، أعلن السفير الليبي في العاصمة الأردنية عمان محمد حسن البرغثي استقالته من منصبه احتجاجا على ما يرتكبه النظام في ليبيا ضد الشعب المطالب بالتغيير والديمقراطية، بينما قرر السفير الليبي لدى المغرب ونحو عشرة من موظفي السفارة الانحياز للمعارضة ضد نظام القذافي. وكان عبد المنعم الهوني مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية قد استقال من منصبه الأحد الماضي احتجاجا على السماح بضرب المتظاهرين العزل وسحقهم. واعتبر أنه كمواطن ليبي لا يمكنه السكوت مطلقا عن هذه الجرائم التي تصل إلى حد الإبادة الجماعية. وفي الأمم المتحدة، استقال الاثنين الماضي إبراهيم الدباشي، نائب سفير ليبيا لدى المنظمة الدولية، مع أغلب موظفي البعثة بالمنظمة، بعد أن طالبوا بعقد جلسه لمجلس الأمن لبحث الأمور في ليبيا، وقالوا «إنهم لا يمثلون منذ الآن حكومة القذافي ولا يمثلون سوى المواطنين الليبيين». لكن مبعوث ليبيا لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم أكد أنه لن يستقيل من منصبه، ولن يهاجم القذافي، غير أنه طالب الأخير باتخاذ القرار الذي قال إن من شأنه أن يوقف نزيف الدم الليبي.

وأعلن السكرتير الأول لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا محمد أحمد فرحات أيضا استقالته، كما انشق موظفو السفارة الليبية في جزيرة مالطا وانضموا إلى محتجين أمام السفارة.

وعلى صعيد المؤسسات الأمنية، أعلن عدد من أفراد الجيش والشرطة في الكثير من المدن الليبية انضمامهم للمعارضة.

ففي الوقت الذي انضم فيه ضباط وجنود قاعدة بنينة الجوية الواقعة بضاحية بنغازي للثورة الشعبية، قرر مدير أمن شعبة بنغازي العميد علي محمود هويدي الانضمام لقائمة الشخصيات الأمنية التي أعلنت تخليها عن الزعيم الليبي معمر القذافي، وانضمامها إلى ثورة الشعب المطالبة بتنحيته.

وأعلن قائد المنطقة الشرقية اللواء سليمان محمود استقالته، مؤكدا أنه يرفض قمع المدنيين العزل.

وبث موقع «فيس بوك» شريطا مسجلا لمدير الإدارة العامة للبحث الجنائي ببنغازي العميد صالح مازق عبد الرحيم البرعصي، وهو يعلن استقالته من منصبه تضامنا مع مدينته احتجاجا على استخدام السلطات الليبية مرتزقة أجانب في ملاحقة المتظاهرين.

وتأتي هذه الاستقالات الأمنية بعد أيام من إعلان وزير الداخلية اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته وانضمامه إلى «ثورة 17 فبراير»، قائلا، في تسجيل بثته إحدى القنوات الفضائية مساء الثلاثاء الماضي «أعلن أنني تخليت عن جميع مناصبي استجابة لثورة (17 فبراير) وذلك لقناعتي التامة بصدق مطالبها العادلة». وجاء هذا الإعلان عقب خطاب القذافي الذي أشاد فيه باللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي كأحد ثوار الفاتح من سبتمبر (أيلول).