الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا: لا مخاوف من حرب أهلية أو إمارات إسلامية

إبراهيم صهد كشف لـ «الشرق الأوسط» عن اتصالات مع إدارة أوباما وحكومات غربية.. ونفى انقسام المعارضة على نفسها

إبراهيم صهد
TT

اعتبر إبراهيم صهد، الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المناوئة لنظام العقيد معمر القذافي الموقف العربي من ثورة الغضب الشعبية التي تجتاح مختلف المدن الليبية لإسقاط نظام القذافي، دون المستوى، مشيرا إلى أنه ما زال يتوقع موقفا أكثر إيجابية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى السلطة حاليا في مصر.

وكشف صهد في حواره مع «الشرق الأوسط» النقاب عن اتصالات تجريها الجبهة مع إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وعدة حكومات غربية أخرى لبحث الوضع الراهن في ليبيا، ودراسة ما الذي يجب عمله لاحقا. وقال إن عناصر من الجبهة تقوم بنشاطات على الأرض ضمن الثورة الشعبية في ليبيا، ونفى وجود انقسامات حادة بين أطراف المعارضة الليبية المناوئة لنظام القذافي، مؤكدا أن المعارضة متفقة على ضرورة إسقاط النظام، وإقامة حكم دستوري ديمقراطي يتيح للشعب الليبي حرياته وحقوقه.

* كيف ترى نهاية المشهد الراهن في ليبيا؟

- نهاية هذا المشهد ستكون بسقوط حكم القذافي وانتصار الثورة الليبية، الثورة تحقق كل يوم مزيدا من الانتصارات وينضم إليها مزيد من الأنصار، والقذافي يخسر كل يوم على الأرض وبين أعوانه.

* إلى أي حد لعبت المعارضة الليبية في الخارج دورا في الثورة؟ وهل من دور محدد قمتم به؟

- هذا ليس وقت الحديث عن الأدوار، فهذه الثورة يشارك فيها الشعب الليبي كله، بكل قبائله ومدنه وقراه، وبكل توجهاته الفكرية والتنظيمية.

* كيف تقيم الموقف العربي والدولي؟

- الموقف العربي كان دون توقع الشعب الليبي من إخوانه وأشقائه، فيما عدا المواقف الواضحة التي جاءت في وقتها من دولة قطر، وتجميد عضوية أي وفد يمثل القذافي في الجامعة العربية، ما عدا ذلك بقية المواقف كانت إما صامتة أو خجولة أو تدعو إلى الاشمئزاز مثل موقف حكومة البشير وسلطة عباس. ما زلنا نتوقع موقفا إيجابيا من المجلس العسكري والحكومة المصرية، ونتمنى مؤازرة من بقية الأشقاء. أما الموقف الدولي فهو يتحرك الآن، وإن كان ببطء، نحو اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه حكم القذافي، باعتبار ما يقوم به هو جرائم ضد الإنسانية يقع بموجبها تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية، وبتدابير لحماية المدنيين.

* هل تتخوف من حدوث حرب أهلية قبلية كما يقول النظام؟

- ليس هناك أي مخاوف من نشوب حرب أهلية، فالشعب الليبي تربطه علاقات تاريخية من التناصر والتضافر والتعاون في كل الظروف، ويؤكد ذلك ما نراه الآن من التماسك والتعاون في إدارة المدن المحررة، القذافي هو من يحاول أن يزرع بذور الفرقة والخلاف ويحاول تأجيج نزاعات لكنه سيفشل في هذا المسعى، لأن لا أحد يستمع إليه من الليبيين، أما الخطورة الحقيقية فهي مرتزقة القذافي الذين يحركهم القذافي بنفسيته المريضة المشبعة بالرغبة الجامحة في الانتقام من الشعب الليبي والتنكيل به، وهؤلاء المرتزقة يدفع لهم الأموال لإشاعة الخوف وإرهاب الليبيين وقتلهم.

* يثير القذافي المخاوف من إمارات إسلامية.. هل هذا صحيح؟

- هذا مجرد هراء وكذب يريد به القذافي تخويف الدول الغربية، الشعب الليبي معروف أولا باعتداله في كل الأمور، وثانيا بتجربته الرائدة إثر الاستقلال في تكوين الدولة الليبية المؤسسة على الدستور، التي كانت دولة عصرية تعاملت مع كل مكونات المجتمع الدولي وحظيت بكل احترام. أنا على ثقة أن الشعب الليبي سيؤسس دولة تكون مدعاة للفخر ومحققة للتعاون مع كل الأمم.

* لماذا تبدو المعارضة الليبية في الخارج ضعيفة ومنقسمة على نفسها؟

- المعارضة الليبية في الخارج ليست منقسمة على نفسها، خصوصا في هدفها الرئيسي وهو إسقاط النظام، وإقامة حكم دستوري ديمقراطي يرسي دعائم التعددية السياسية والثقافية والاقتصادية، ويتيح للشعب الليبي حرياته وحقوقه.

* هل لديكم عناصر على الأرض الآن في الداخل؟

- عناصرنا في الداخل هم جزء من حركة الثورة ويتحركون في إطارها العام وبما تمليه حاجات التسريع بالانتصار النهائي.

* كيف تتواصلون مع الداخل الليبي؟

- لدينا طرق كثيرة ربما من غير المناسب الكشف عنها، واجهنا بعض المشكلات في إدامة الصلة ولكنها في معظم الأحوال قائمة ومستمرة.

* هل لديكم فكرة محددة عما تنتويه إدارة أوباما؟

- قال الرئيس أوباما إن إدارته تدرس مختلف الخيارات المفتوحة، لكنني أعلم أن فرض حظر جوي على ليبيا من خلال مجلس الأمن، وتجميد أرصدة أسرة القذافي والمسؤولين في نظامه، في مقدمة الأولويات، وهناك خطوات أخرى علمنا أنها قيد الدراسة.

* هل تتحدث الولايات المتحدة معكم أو غيرها من حكومات الغرب؟

- نعم.. وعلى عدة مستويات.

* هل تلمح إلى إمكانية تدخل عسكري أميركي؟

- أولا نحن نأمل أن لا يكون هناك تدخل عسكري خارجي من أي طرف، ونعتقد أن سقوط القذافي مسألة وقت، أما ما نريده من المجتمع الدولي هو أن يقدم حماية للمواطنين العزل، الذين يواجهون رصاص المرتزقة، باتخاذ الإجراءات التي تحول دون وصول المرتزقة إلى ليبيا، وكذلك الضغط على الدول التي تساعد القذافي حاليا ويأتي منها المرتزقة أو تقدم له طائرات لجلب هؤلاء المرتزقة أو تقدم له استشارات عسكرية، الدول معروفة وبعضها للأسف الشديد ملاصقة لليبيا، كذلك مطلوب من المجتمع الدولي تقديم المساعدات الطبية العاجلة التي أصبح النقص فيها خطيرا جدا.

* أوروبا تتحدث عن عمل عسكري ما ضد القذافي هل تؤيده؟

- نحن لا نؤيد أي تدخل عسكري أجنبي، مهما كان المصدر.

* البعض يقول إنه يتعين على الجيش المصري أيضا التدخل، ما تعليقك؟

- لا أعتقد أن هذا الأمر مطروح، لكن مصر لديها دور هام، وهو تسهيل دخول المساعدات الطبية والغذائية عن طريق حدودها، والقيام باتخاذ تدابير لإنشاء بروتوكول يسهل ولا يعرقل ويسمح لأعمال الإغاثة أن تدخل عبر الحدود المصرية.

* إدارة أوباما لم تعر المعارضة الليبية في السابق أي اهتمام، فلماذا تتصل بكم الآن؟

- هذا السؤال يمكن أن يوجه إلى الإدارة الأميركية.

* في حالة انهيار النظام كيف سيتصرف القذافي في تقديرك؟

- ما يهمنا هو سقوط النظام، ونأمل أن يتم ذلك سريعا وبأقل الخسائر، وقد شاهدنا الاستقالات المتتالية في صفوف المقربين من القذافي، وهذا نذير بأنه سيبقى وحيدا في نهاية المطاف.

* هل تساورك أي مخاوف من مرحلة ما بعد القذافي؟

- أبدا، فقد رأى العالم كيف أصبحت المدن الواقعة تحت سيطرة المواطنين تدار بكل اقتدار وكفاءة ويسر، وكيف سادت أجواء من التضامن والتضافر والأخوة، وكيف عادت أخلاق الشعب الليبي لتسود من جديد بعد أربعين سنة من التغييب نتيجة لسياسات القذافي. ليس هناك خوف، وأنت ترى الناس يتصرفون بهذا الانضباط والتفاهم رغم عدم وجود سلطة حاكمة، وأنت ترى اللافتات في بنغازي والبيضاء تقول «ليبيا قبيلة واحدة». هناك شعور عارم باستعادة الكرامة والوحدة، وبالتمسك بالتراث الليبي في التعاون والتسامح.