أسعار النفط تعاود الانخفاض بعد تطمينات السعودية بضمان استقرار الأسواق

أعلنت عن رفع إنتاجها لتلبية احتياجات السوق العالمية

منشآت نفطية تابعة لشركة «أرامكو» السعودية كبرى شركات النفط العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت السعودية أمس التزامها بالحفاظ على استقرار سوق النفط العالمية، وتعويض النقص الناجم عن الاضطرابات التي تشهدها بعض الدول المصدرة للنفط، التي من شأنها زعزعة سوق النفط العالمية.

ونسبت «رويترز» إلى مصدر سعودي كبير قوله أمس: إن السعودية تضخ نحو 9 ملايين برميل يوميا ولديها طاقة إنتاجية زائدة تبلغ نحو 3.5 مليون برميل يوميا.

وقد انعكست التصريحات السعودية، سريعا على سوق النفط العالمية، حيث شهدت تداولات السوق أمس عودة للانخفاض بعد موجة ارتفاع شهدتها الأسواق، نتيجة القلق من نقص الإمدادات نتيجة أحداث تشهدها دول منتجة. وقد أسهمت تأكيدات من السعودية بأن الكميات الإضافية التي ضختها سدت أي نقص محتمل، في تهدئة مخاوف الأسواق.

وأعلنت السعودية أمس بعد اجتماع مجلس الوزراء حرصها «على استقرار السوق وتوفر الإمدادات والتشاور مع المنتجين في (أوبك) وخارجها والمستهلكين لتحقيق التوازن في السوق البترولية وتجنب تقلباتها الضارة، لما فيه صالح الجميع». مشيرة إلى أنها تتطلع إلى أن «يعود إنتاج ليبيا إلى مستواه في القريب العاجل». في حين أعلنت شركة «أرامكو» السعودية، كبرى شركات النفط العالمية، أمس رفع إنتاجها لتلبية الاحتياجات الإضافية من النفط على خلفية تأثر الصادرات العالمية نتيجة للاضطرابات التي تشهدها ليبيا.

وأكد خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» السعودية، أنه تمت تلبية الاحتياجات الإضافية من النفط. مشيرا إلى أن الشركة استجابت فورا لكل الطلبات الإضافية من عملائها. مضيفا أنه لا يستطيع «تقديم أرقام محددة، لأن الصورة تتغير باستمرار». وكان مصدر بالصناعة النفطية قد قال يوم الجمعة الماضي إن إنتاج السعودية، أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، قد ارتفع إلى أكثر من تسعة ملايين برميل يوميا. وبالمقارنة كان الإنتاج بحسب مسح لـ«رويترز» نحو 8.3 مليون برميل يوميا في يناير (كانون الثاني).

وساعدت أنباء النفط الإضافي يوم الجمعة في تهدئة أسعار الخام التي سجلت الأسبوع الماضي أعلى مستوى في عامين ونصف العام عند نحو 120 دولارا للبرميل. وفي معاملات يوم الاثنين نزلت عقود خام برنت القياسي عن 114 دولارا للبرميل في سوق ما زالت قلقة بشأن تداعيات موجة من الاضطرابات الثورية.

وكانت أنباء قد ذكرت أن ليبيا، وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، فقدت ما يصل إلى ثلاثة أرباع إنتاجها، بحسب بعض التقديرات. وتشهد سوق النفط قلقا بسبب أنباء أخرى عن احتجاجات شهدتها سلطنة عمان، وهي منتج خليجي صغير من خارج «أوبك»، كما تشهد البحرين، احتجاجات مشابهة. وتملك السعودية معظم الطاقة الإنتاجية غير المستغلة لمنظمة أوبك، وهي تستطيع ضخها في السوق سريعا إذا اقتضت الضرورة. وقال الخبير النفطي الدكتور راشد أبانمي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مبادرة السعودية بتغطية النقص في سوق النفط العالمية وتعويض صادرات ليبيا، تهدف إلى الضغط للحد من الارتفاع أسعار البترول نوعا ما، لأن السعودية من أهم اللاعبين الأساسيين في سوق النفط العالمية، بحكم حجم إنتاجها، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، إضافة إلى الفائض الإنتاجي الذي يصل إلى نحو 4 ملايين برميل يوميا، وهذا ما جعلها الدولة المرجحة في «أوبك»، وعلى المستوى العالمي في تحقيق التوازن لأسواق النفط. إضافة إلى ما تملكه من إمكانات وتقنية الإنتاج، مما جعلها مسؤولة أمام العالم لتتدخل لسد النقص في الإمدادات حال حدوثه.

ولم يستبعد أبانمي أن تواصل أسعار النفط ارتفاعاتها إلى أرقام قياسية في ظل المخاوف من التأثير على الإمدادات النفطية في المستقبل بسبب القلاقل والأحداث القريبة من منابع النفط، والممرات المائية كمضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس. وأشار إلى أن تنامي الخوف وعدم الاطمئنان على الإمدادات، يدفع بالمضاربين وصناديق المضاربة في البنوك بالمضاربة على العقود الآجلة لتوقعاتهم بأن الأسعار سوف تزيد، مؤكدا أن أغلب المضاربات في واقعها مضاربات على براميل ورقية وليست سوقية حتى إنه تصل التداولات الورقية إلى نحو 10 أضعاف المعروض.

وأشار إلى أن تجاوز الأسعار حاجز الـ100 دولار مؤشر خطر، وسيكون له تأثير على التنمية الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ورفع معدل التضخم العالمي، مما سينعكس حتى على الدول المصدرة للنفط مثل السعودية التي تعد دولة مستوردة للسلع الأساسية. مضيفا أن ذلك أيضا قد يؤدي إلى خفض الطلب على البترول، ومن ثم الضغط على السعر إلى ما دون 30 دولارا في المستقبل. واستعرض مجلس الوزراء السعودي الأوضاع الراهنة لسوق البترول العالمية، وانعكاس الأحداث التي تمر بها ليبيا على إنتاجها من البترول.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام، قوله بعد اجتماع مجلس الوزراء إن المجلس الذي «يأمل كل الخير والرخاء والاستقرار لليبيا وشعبها يتطلع أن تنجلي تلك الظروف الطارئة، وأن يعود إنتاج ليبيا إلى مستواه في القريب العاجل». مضيفا أن المجلس يؤكد في هذا الصدد «سياسة المملكة الثابتة بحرصها على استقرار السوق وتوافر الإمدادات والتشاور مع المنتجين في (أوبك) وخارجها والمستهلكين لتحقيق التوازن في السوق البترولية وتجنب تقلباته الضارة لما فيه صالح الجميع».