مستثمرون: حظر تصدير الذهب يضر بالاقتصاد المصري

القاهرة اتخذت القرار تخوفا من خروج أموال بعد تحويلها إلى سبائك أو مشغولات

أحد محال بيع الذهب المشغول في وسط القاهرة (رويترز)
TT

انتقد مستثمرون في قطاع الذهب بمصر قرار الحكومة بحظر تصدير الذهب بجميع أشكاله ومصوغاته ومشغولاته، مؤكدين أنه سيضر بالصناعة والاقتصاد ويفتح الباب لعمليات تهريب للمعدن الأصفر الثمين، كما سيسهم في إنهاء حالة استقرار الدولار أمام الجنيه المصري.

وأكد هؤلاء في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن الحكومة المصرية تهدف من وراء هذا القرار المفاجئ إلى القضاء على محاولات تهريب أموال كبيرة للخارج بعد تحويلها إلى مشغولات ذهبية أو سبائك. وأصدر الدكتور سمير الصياد وزير التجارة والصناعة المصري قرارا وزاريا بحظر تصدير الذهب بجميع أشكاله ومصوغاته ومشغولاته حتى نهاية يونيو (حزيران). وقال الصياد إن هذا القرار جاء نظرا لما تمر به مصر من ظروف استثنائية في المرحلة الراهنة وحفاظا على ثروات البلاد إلى حين استقرار الأوضاع.

وأكد يوسف الراجحي مدير عام شركة «سنتامين مصر»، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار حظر تصدير الذهب المقصود منه منع تهريب أموال من مصر للخارج من خلال تحويلها إلى ذهب على أشكال مختلفة، منبها إلى أن هذا القرار لا يسري على شركته كما لا ينطبق على إنتاج منجم ذهب «السكري» (الواقع في مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر بالصحراء الشرقية) الذي تديره شركته.

وأوضح الراجحي أن شركته، وهى الوحيدة في مصر التي تنتج الذهب، تعمل وفقا لقانون صدر من مجلس الشعب بالتنقيب عن الذهب، كما أن إنتاج الشركة المستخرج من المنجم حسب قانون الشركة يعطينا الحق في تصديره للخارج دون أي عوائق لتنقيته ودمغه ثم بيعه، وهو إجراء لا يتم في مصر ولا توجد إمكانات لذلك حسب قانون تأسيس الشركة.

وكشف مدير عام شركة «سنتامين مصر» عن إرسال مذكرة عاجلة إلى وزير التجارة والصناعة المصري فيها شرح وضع الشركة واتفاقية تشغيلها، وأن قرار حظر التصدير لا ينطبق على شركته لأن القرار به تعميم، متوقعا الرد من الوزير خلال أيام لتصحيح ذلك.

وحول تأثير القرار على الكميات المصدرة من منجم «السكري»، قال الراجحي إنه لا توجد في الوقت الحالي كميات من الذهب للتصدير، مشيرا إلى أن التصدير يتم كل 10 أيام.. و«خلال الـ10 أيام الماضية صدرنا 462 كيلوغراما وقبلها تم تصدير 503 كيلوغرامات»، متوقعا عدم تأثر أسهم الشركة المدرجة في بورصة لندن بقرار وزارة التجارة المصرية لأن الشركة تعمل بكامل طاقتها. وتابع أن القرار سيضر بشركات كبيرة في مصر تقوم بالاتجار في الذهب من خلال صهر «الذهب المكسور» وتصديره للخارج، وهو ما سيتم منعه وفقا لقرار حظر التصدير مما يضر بهذه الشركات والعمالة بها.

وأشار إلى قيود كبيرة وتعقيدات تواجهها الشركات خاصة الكبرى بمصر حاليا عند إجراء تحويلات مالية للخارج لشراء مستلزمات مصنع أو قطع غيار لتنفيذ بعض التوسعات، وهو ما يتسبب في تأخير العديد من المشاريع الجديدة.

ومنجم «السكري» يعتبر واحدا من أكبر مناجم الذهب في العالم، لاحتوائه على تركيزات عالية من الذهب، بالإضافة إلى ضخامة حجم الاحتياطات المؤكدة به، التي تصل إلى 16 مليون أوقية ذهب، في حين يبلغ إجمالي الاحتياطات غير المؤكدة نحو 20 مليون أوقية، إضافة إلى احتياطات أخرى تحت التأكيد. من جهته، قال الدكتور وصفي واصف رئيس شعبة تجار الذهب في غرفة التجارة المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الحكومة المصرية بحظر تصدير الذهب تم اتخاذه بشكل متسرع، وكان من الأفضل أن يستطلع الوزير المختص آراء العاملين في السوق قبل اتخاذه.

وأضاف أن تصدير الذهب المصري إلى الخارج في أشكال مختلفة يدعم الاقتصاد ويدر نقدا أجنبيا يسهم في استقرار الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري، بدلا من تدخل البنك المركزي لضخ دولارات من احتياطاته (35 مليار دولار) للمحافظة على سوق صرف مستقرة. وأشار رئيس شعبة تجار الذهب إلى أن القرار سيؤثر على حجم صادرات مصر من الذهب، لأن قرار حظر التصدير كان معمما دون تحديد، مؤكدا أنه سيضر بالمصانع ويؤدي إلى زيادة البطالة بعد الاستغناء عن عدد كبير من العمالة داخل هذه المصانع.

وتوقع مصطفى نصار رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيجيبت غولد» لصناعة الذهب والمجوهرات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يؤدي قرار حظر التصدير إلى بروز عمليات تهريب ذهب إلى الخارج، مشيرا إلى أنه سيضاعف من مشكلات هذه الصناعة التي تضررت كثيرا بعد أحداث ثورة 25 يناير. وقال نصار إن أغلب المصانع في مصر تقوم بإرسال الذهب إلى الخارج، خاصة دبي لتصميمه وفق «أحدث الموضات»، ثم يعود مرة أخرى ليتم بيعه في مصر، وهذا بالطبع سيتوقف حسب قرار الحظر، لافتا إلى أن السوق المصرية تعاني حاليا من ركود كبير في حركة الشراء والبيع.

وتخضع التحويلات المالية من مصر إلى الخارج لجميع الأفراد والمؤسسات إلى تدقيقات غير عادية بعد أحداث ثورة 25 يناير، تخوفا من هروب أموال لمسؤولين ورجال أعمال تم تجميد أرصدتهم.