الرياض: 23 ألف مطعم تتنافس في التصاميم والأجواء الجذابة

تتميز بها العاصمة السعودية.. وتكلف ديكورات بعضها 80% من قيمة المشروع

المطاعم تعد أبرز أماكن الترويح عن النفس للكثير من العائلات في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

تنافس كبير يشهده نحو 23 ألف مطعم في أرجاء مدينة الرياض، حيث تعد من أبرز وسائل التنزه لدى سكان المنطقة، وهو ما يدفع بمالكيها إلى التفنن في تصميمات ديكوراتها الداخلية والخارجية، في محاولة منهم للفت الأنظار وجذب العملاء لديهم بصورة مستمرة.

تصميمات غريبة ومميزة ولافتة يجدها قاصدو المطاعم في العاصمة، التي قد تشبه في مجملها مباني عالمية مشهورة، بينما يكون معظمها نتاج جهود شخصية دون استقاء من أي تصميمات معروفة، إلا أن جميع تلك المطاعم تتفق على قاعدة واحدة تتمثل في مراعاة خصوصية مجتمع الرياض المختلف عن بقية مجتمعات مناطق السعودية الأخرى.

مطاعم الرياض المخصصة للعائلات عادة ما تكون مكونة من طابقين لا تقل مساحة المطعم الواحد عن 70 مترا مربعا، إلى جانب واجهاتها الواقعة على الشوارع الرئيسية بواقع 8 أمتار، التي يحتل معظمها شوارع شمال الرياض.

مطعم «كاتشب»، أحد المطاعم الشهيرة في مدينة الرياض، ويطغى عليه اللون الأحمر في معظم لمساته وديكوراته من إضاءة أخذت شكل عبوات «الكاتشب»، عدا عن الجدران وغيرها، ليتماشى مع اسمه، يمزج في جوه العام ما بين الأجواء الشبابية والكلاسيكية كي يصل في النهاية إلى حالة وسط بين تلك الأجواء.

وأوضح عبد الله باعشن، مدير مطعم «كاتشب» في الرياض، أن تكلفة ديكورات المطعم تشكل ما نسبته 80 في المائة من إجمالي قيمة المشروع التي تتراوح ما بين مليونين و5 ملايين ريال، لافتا إلى أن الديكور يشمل الأثاث والتصميم الداخلي والخارجي والإضاءة وغيرها من الإكسسوارات الجانبية في المطعم.

وقال باعشن في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «باعتبار أن لـ(كاتشب) 3 فروع على مستوى العالم، فإننا نحاول أن نجعل للديكور إطارا موحدا في كافة فروعه، إلا أن التفاصيل الأخرى يتم تصميمها باختلاف ثقافة البلد وعاداته وتقاليده»، مبينا أن كثرة التنافس بين المطاعم في الرياض من شأنها أن تسهم في تخفيف إقبال العائلات عليها.

وأشار إلى أن الثقافة المنتشرة بين سكان منطقة الرياض تتمثل في تجربة أي مطعم جديد يتم إنشاؤه، خصوصا أن المطاعم تعد أحد أبرز وسائل التنزه لديهم في ظل اقتصارها على أماكن محدودة فقط، مضيفا: «إن الإقبال الكبير على المطاعم يتركز في منطقة شمال الرياض».

ومما يلفت الأنظار في مطعم «كاتشب» تصميمات دورات المياه التي أخذت شكل ثمرة الطماطم من الخارج، إلى جانب اللون الأحمر الذي غلب على تصميمها الداخلي، عدا عن مزهريات مملوءة بالطماطم أيضا تم تزيين طاولات المطعم بها.

وما يميز تصميم المطعم أيضا، لوحة جدارية تبلغ مساحتها نحو 2.5 متر مربع أخذت شكل عبوة كاتشب، غير أنه لم يتم تلوينها بألوان عادية، وإنما تجمع عددا كبيرا جدا من صور لوجوه أشخاص كي تكون تلك الوجوه بمثابة وحدات صغيرة تستخدم في تلوين وتشكيل اللوحة، وهو ما ذكره عبد الله باعشن، موضحا أن تلك الجدارية موجودة في كافة فروع مطعم «كاتشب».

وذكر باعشن أن مطاعم الرياض باتت تعمل على خلق أجواء داخلية غريبة ومختلفة لجذب أكبر عدد ممكن من العائلات وتحقيق استمتاعهم بالمكان وليس فقط بما يتم تقديمه من الطعام، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه المطاعم تراعي أيضا خصوصية مجتمع المنطقة التي قد تختلف قليلا عن بقية مجتمعات السعودية الأخرى.

وأضاف: «إن الحواجز الساترة في الجلسات العائلية أمر أساسي في معظم المطاعم، حيث إن ما لا يقل عن 30 في المائة من عملاء مطعم (كاتشب) يطلبون وضع تلك الحواجز، وهو ما جعلنا ننفذها بشكل مرن ليسهل وضعها أو إزالتها بحسب رغبة العميل»، موضحا أن بعض المطاعم تنشئ الحواجز كبناء ثابت ضمن الديكورات الموجودة لديها.

ولأن الإضاءة تعد من أساسيات تصميمات الديكورات في كافة المجالات، فإن مطاعم الوجبات السريعة في الرياض تتميز بإضاءتها الصاخبة والواضحة، في حين تعمد المطاعم الكلاسيكية إلى استخدام الإضاءة الخافتة، بينما يغلب على المطاعم الشبابية الإضاءة المعتدلة التي تجمع بين الوضوح والعتمة.

إجازة نهاية الأسبوع في منطقة الرياض تبدأ منذ يوم الثلاثاء وحتى الجمعة، التي عادة ما تشهد زحاما كبيرا على المطاعم، الأمر الذي يحتم على الأهالي اللجوء إلى الحجز مسبقا في أي مطعم يريدونه قبل نهاية الأسبوع.

ورغم وجود مطاعم عالمية مشهورة في الرياض، فإن هناك مطاعم أخرى باتت تستقي تصميماتها من مبان مشهورة على مستوى العالم بشكل يواكب البيئة السعودية وينافس في الوقت نفسه تلك المطاعم العالمية، من ضمنها أحد المطاعم الهندية الذي يشبه في تصميمه تاج محل بالهند.

مدير فروع أحد المطاعم الشهيرة في منطقة الرياض، فضل عدم ذكر اسمه، أكد أن أبرز ما يسعى المطعم إلى إخراجه بشكل جاذب هو كبائن العائلات الموجودة في المطعم، التي تتراوح مساحاتها ما بين 9 أمتار و12 مترا مربعا بحسب حجم الطاولات الموجودة فيها.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من الضروري جدا مراعاة خصوصية مجتمع الرياض، وهو ما يجعلنا نصمم قسم العائلات على هيئة جلسات وكبائن مستقلة ومغلقة، إلا أننا في الوقت نفسه نحاول عدم المبالغة كثيرا في الشكل الخارجي للمطعم، لا سيما أن ذلك من شأنه أن يعطي انطباعا أوليا للعملاء بارتفاع أسعارنا».

وبين أن تصميمات الديكورات في المطعم تعود إلى اجتهادات شخصية وتصميمات خاصة لا يتم استقاؤها من أي تصميمات أخرى، إلى جانب البحث عن أشكال مميزة حتى للمطابخ الموجودة داخل المطعم نفسه، بحسب قوله، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تكاليف تصميمات المطعم تتراوح ما بين 300 و400 ألف ريال.

وبحسب اشتراطات أمانة منطقة الرياض، فإن المطاعم التي تحوي أقساما للعائلات والمكونة من طابقين لا بد أن تكون على مساحة 70 مترا مربعا يتم توزيعها وفق شروط حددتها، من ضمنها تخصيص 40 مترا مربعا لصالة تقديم الطعام تشمل مغاسل الأيدي ودورات المياه.

كما يشترط تخصيص 30 مترا مربعا من إجمالي مساحة المطعم لتحضير الطعام والطبخ والمستودع، بالإضافة إلى أن لا تقل واجهة أي مطعم عن 8 أمتار على الشارع التجاري.

ومن بين اشتراطات أمانة منطقة الرياض للمطاعم في حال وجود مكان التحضير والطبخ في الطابق العلوي فإنه يجب ترك ارتداد متر واحد على الأقل عن المجاورين، بينما ينبغي إنشاء سلم خاص للخدمة منفصل تماما عن سلم الزبائن إذا كانت صالة في الطابق العلوي.

ومنعت الأمانة أيضا وضع الأفران في الطابق العلوي واقتصار موقعها على الطابق الأرضي فقط، فضلا عن منع وضع المداخن والهوَّايات على الواجهة الرئيسية للمطعم، شريطة أن يتم رفعها بمعدل مترين وما فوق عن ذروة المبنى مع ضرورة تركيب أجهزة تنقية «فلاتر» لمداخن الشوايات.

وبحسب اشتراطات أمانة منطقة الرياض في ما يتعلق بالمطاعم، فإنه يمنع فتح نوافذ على المجاورين أو الشوارع الفرعية وفق الأنظمة المعمول بها، إلى جانب توفير المطعم مخرجا للطوارئ. وكانت إحصائيات أخيرة نشرتها «الشرق الأوسط» في وقت سابق قد أعلنت عن توقعات بزيادة نسبة حجم السوق السعودية في قطاع المطاعم المتخصصة بنسبة تبلغ ما يقارب 18 في المائة، وذلك بعد أن بلغ نحو 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار)، لتعتبر السعودية الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط في مجال المطاعم.