تونس: «عقدة الكرسي».. في معرض تشكيلي

فسحة من الأمل تطغى على الزائرين لمعرض آمال الزعيم

من أعمال آمال الزعيم في معرض «عقدة الكرسي» («الشرق الأوسط»)
TT

تتدلى الحبال من أعلى كرسي لا يبتعد كثيرا عن كراسي الإعدام المعدة لقتل النفس الحر. ألوان حمراء قانية لا يمكن أن تحيل إلا إلى دماء الثورة التونسية التي تأججت في وقت قياسي. بعض البياض وسط الألوان الحمراء كدلالة على وجود قسط من الصفاء وفسحة من الأمل وسط الأوضاع التي تتراوح بين القتل والدماء. تلك هي أهم الانطباعات التي يخرج بها الزائر إلى معرض الرسامة التونسية آمال الزعيم الذي يحمل عنوان «عقدة الكرسي». المعرض انطلق في بهو دار ثقافة ابن رشيق وسط العاصمة التونسية منذ يوم 24 فبراير (شباط) الماضي، ويتواصل إلى غاية العاشر من مارس (آذار) الحالي، وهو يتكون من عشرين لوحة تشكيلية أسماؤها تمثل إشكالا لناظرها. «مناقشة شائكة»، «ثقب»، «اغتيال الرسم»، «لعنة والكرسي»، «نفق»، «ارحل»، «ثورة»، «الشهيد»، تلك هي بعض عناوين اللوحات التي عرضتها الرسامة في معرضها الجديد، ومعظمها متناغم مع الثورة التي عرفتها تونس خلال الأسابيع الأخيرة.

عن المعرض وعنوانه المثير ومشكلة الكراسي في العالم العربي، قالت الرسامة التونسية آمال الزعيم، إن المسالة من وحي اللحظة، الفنان ينبض بنبض الشارع ولا يمكن أن يكون في برج عاجي، بل عليه أن ينطلق من الواقع وينتج أفكارا سرعان ما تجد صداها فوق لوحاته التشكيلية.

وعن «عقدة الكرسي» عنوان المعرض، قالت زعيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكرسي بمعنى السلطة جعلت في الأصل لنفع الناس مهما كان المنصب السياسي كبيرا أم صغيرا، ولكن الكثير يتشبثون بالكراسي حتى يصبح الشخص مرادفا للكرسي، وهي على حد تعبيرها «عقدة معقدة من الصعب حلها وفكها». وأضافت: «كنت أفكر في تنظيم المعرض بشارع الحبيب بورقيبة وسط الشباب الثائر منذ يوم 14 فبراير الماضي، وبمجرد أن حملت لوحة «لعنة الكرسي» أمام المسرح البلدي بالعاصمة حتى هجم عليه الشباب وحملوا الكرسي بين أياديهم منادين بسقوط الكراسي، عندها شعرت بأن فكرتي قد وصلت إليهم. سألناها إن كانت قد ركبت على موجة الثورة للوصول إلى الجمهور الذي قد لا تعنيه الفنون التشكيلية، فردت قائلة هذا «غير صحيح، فمعارضي كلها تتجه نحو الإنسان حتى قبل الثورة، ففي عهد بن علي نظمت معرضا تحت عنوان (رحلة الروح)، فيه الكثير من التنبؤ بما قد يحصل في تونس».

وحول دلالات «لعنة الكرسي»، قالت الزعيم إن الكرسي مهترئ وبه ثقوب من مناطق عدة ربما من الجلوس المتواصل، أما الحبل المتدلي فهو دلالة على إمكانية الموت بشر الأعمال، سواء أكان بالقتل أو الانتحار أو الهرب والعيش في المنفى، كلها معان للقتل بفعل الكرسي.

الزعيم تحدثت كذلك عن لوحة الثورة التي تتراوح بين الأحمر القاني رمز الثورة والتضحيات، والأبيض الناصح فسحة الأمل في مستقبل أفضل. وعلقت على الأمر قائلة: «أنا متفائلة أكثر من العادة، وهذا خلافا للعادة، ولدي إيمان بأن الواقع في تونس لن يكون أبدا أسوأ مما كان. للتونسيين إحساس بالخوف أقرؤه على وجوه الشبان الذين زاروا المعرض، ولكنني أدعو الجميع إلى عدم الخوف من المستقبل، ففي آخر النفق نور متلألئ ينتظر المثابرين».