شبح الحزب الوطني يخيم على المشهد السياسي في مصر.. ومطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية

قيادات به قالت إنه «لم يعد من الممكن إصلاحه».. والمعارضة تخشى عودته

TT

على هدير ثورة «25 يناير» التي أطاحت بحكم الرئيس المصري حسني مبارك تغيرت خريطة القوى السياسية في مصر، وجاءت لعبة الكراسي الموسيقية بالحزب الوطني الديمقراطي، الذي حكم البلاد خلال العقود الثلاثة السابقة، ليحتل موقع الإخوان المسلمين، ويصبح فزاعة القوى السياسية، والشبح الذي تخشى من عودته إلى سدة الحكم في البلاد من جديد.

ورغم الغموض الذي يحيط بمستقبل الحزب الوطني الذي استقال أمينه العام الدكتور حسام بدراوي عقب أيام من توليه المسؤولية، واتهام عدد كبير من رموزه في قضايا فساد، طالت رئيسه حسني مبارك ونجله «جمال» الأمين المساعد لشؤون السياسات، وكذلك أمين التنظيم أحمد عز، وعددا من قياداته، ما زالت «فلول الحزب» كما تطلق عليها المعارضة المصرية مصدر قلق كبير، الأمر الذي دعا القوى السياسية للاعتراض على إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي مبارك عن السلطة، إجراء الانتخابات البرلمانية في شهر يونيو (حزيران) القادم.

قيادات ائتلاف شباب الثورة أعلنوا بوضوح خلال لقائهم بقيادات بالمجلس العسكري قبل يومين، رفض الائتلاف لإجراء الانتخابات البرلمانية في هذا التوقيت، وقدموا تصور بديل قالوا إنه «يسمح بانتقال سلمي للسلطة من دون أن يهيمن خطر عودة الحزب الوطني لمقاعد البرلمان مرة أخرى على مكتسبات الثورة»، ويتلخص تصورهم في إجراء الانتخابات الرئاسية بعد 6 أشهر من الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي قدمتها اللجنة الدستورية التي تشكلت أخيرا بقرار من المجلس العسكري بهدف تسهيل آليات ترشح المستقلين لمنصب رئيس لجمهورية. ويوضح شادي الغزالي حرب عضو الائتلاف أن الإشكالية الحقيقية تتلخص في أن إجراء أي انتخابات في الظرف الراهن ودون إفساح الوقت المناسب للأحزاب السياسية يعطي الفرصة للقوتين الأكثر تنظيما في البلاد وهما جماعة الإخوان المسلمين والقيادات الوسيطة «الصف الثاني والثالث» للحزب الوطني للحصول على مقاعد مجلس الشعب.

ويتابع: «الانتخابات لا تزال فردية وبالتالي ما يتحكم فيها بشكل أساسي وفي أغلب المحافظات العصبية العائلية أو القبلية.. لم نتعلم بعد الاختيار وفق برنامج سياسي وعليه سنجد البرلمان المقبل هو برلمان الحزب الوطني أو الإخوان المسلمين».

من جهتها، حاولت الجماعة طمأنة الرأي العام وأعلنت عزمها عدم الدفع بمرشحين لنيل أغلبية في البرلمان، مكتفية بالتنافس على ثلث المقاعد انطلاقا من شعار الجماعة الذي رفعته في الانتخابات السابقة «مشاركة لا مغالبة». قيادات الحزب الوطني تحمل رؤية مختلفة، عبر عنها أمين تنظيم أمانة القاهرة الدكتور جمال السعيد بقوله إنه «من الصعب جدا إعادة بناء الحزب الوطني من جديد». ويتابع السعيد الذي تقدم باستقالته من الحزب في أعقاب الثورة المصرية: «الدنيا تغيرت ولا بد من إعادة النظر في المنظومة السياسية في مصر على نحو شامل». الموقف نفسه يتبناه باهي صالح رئيس مجلس محلي محافظة المنيا الذي يؤكد أنه لا مجال لعودة الحزب.. يقول: «لم يعد الحزب مقبولا شعبيا.. ولا مجال للإصلاح من الداخل»، ويضيف: «في السابق لم يكن من الممكن المشاركة بفعالية في العمل العام إلا عبر منظومة الحزب الوطني، فالحزب كان المنفذ الوحيد المتاح أمامنا لتقديم شيء لهذا البلد». صالح الذي يعتزم تقديم استقالته من الحزب الوطني يؤكد أن عددا كبيرا ممن وصفهم بـ«الشرفاء» حاولوا مرارا تغيير الحزب من الداخل لكن «ذلك لم يكن ممكنا»، يقول: «في مؤتمر الحزب الأخير حاولت فتح نقاش مع الدكتور زكريا عزمي (رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق.. الأمين العام المساعد لشؤون العضوية والمالية والإدارية) حول اللامركزية وهو ما قابله بالرفض الشديد.. وحينها توقع البعض أنها المرة الأخيرة التي يمكن أن أحصل فيها على موقع في المحليات».