البلدان الأوروبية تبدأ تنفيذ العقوبات على نظام القذافي.. والنمسا وألمانيا تجمدان أموالا لعائلته

لندن تعلن إحباط محاولة سحب أموال ليبية مطبوعة بقيمة 900 مليون جنيه إسترليني

TT

بدأت الدول الأوروبية، أمس، تجميد أرصدة الزعيم الليبي معمر القذافي وأفراد من عائلته ومسؤولين في النظام الليبي غداة فرض الاتحاد الأوروبي العقوبات. وأعلن البنك المركزي النمساوي تجميد أرصدة «أشخاص معنيين بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي». وأوضح أن الأمر يتعلق بالقذافي وأشخاص مقربين منه. وقال إن لائحة الأشخاص المعنيين ستنقل إلى المصارف النمساوية.

وقال البنك المركزي النمساوي إن الأرصدة الليبية في النمسا تصل إلى نحو 1.2 مليار يورو، لكن يجب تحديد ما إذا كانت هذه الأموال تعود لأشخاص تطالهم العقوبات أم لا.

من جهتها، أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية، أمس، تجميد أموال أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي في ألمانيا والبالغة مليوني يورو مودعة في مصرف خاص. ورفض متحدث باسم الوزارة الكشف عن هوية نجل القذافي والمؤسسة المالية المعنية. وقال بيان إن الوزارة اتخذت هذا «القرار المؤقت حول حالة محددة» بالتشاور مع وزارة الخارجية والمالية والمصرف المركزي وذلك إزاء «التطورات في ليبيا» التي تشهد انتفاضة لا سابق لها ضد نظام معمر القذافي. وعلق وزير المالية راينر برودرلي بالقول إن «ألمانيا تعمل بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وتساند كل المطالبين بالديمقراطية وبدولة القانون».

وفي بريطانيا حيث أعلنت الحكومة اعتبارا من الأحد تجميد أرصدة الزعيم الليبي وعائلته «والذين يعملون باسمهم أو تحت قيادتهم». وأعلنت مجموعة «بيرسون» الرائدة عالميا في نشر الكتب المدرسية وناشرة صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الأسهم التي تملكها ليبيا فيها تخضع لهذا التجميد. وتملك هيئة الاستثمار الليبية نحو 3.27 في المائة من أسهم المجموعة البريطانية وتبلغ قيمتها أكثر من 300 مليون يورو. وأعلنت «بيرسون» أنها تلقت «نصائح قانونية» مفادها أن المشاركين في هذا الصندوق السيادي تشملهم العقوبات.

وبحسب التقديرات البريطانية، فإن العقيد القذافي يملك نحو 20 مليار جنيه إسترليني (32.2 مليار دولار أو 23.4 مليار يورو) من السيولة، وخصوصا في لندن، بحسب ما أفادت به صحيفة «ذي تلغراف». وذكرت معلومات أيضا أنه قد يكون يملك أيضا منزلا في لندن تقدر قيمته بـ10 ملايين جنيه (11.7 مليون يورو).

كما أعلنت الحكومة البريطانية أنها أحبطت محاولة من نظام القذافي لسحب ما قيمته 900 مليون جنيه إسترليني (مليار يورو - 1.4 مليار دولار) من الأوراق النقدية الليبية التي تطبع في بريطانيا. وقال ديفيد كاميرون أمام مجلس العموم قبل يومين، إن «وزارة المال تدخلت لمنع إرسال نقود بقيمة 900 مليون جنيه إلى ليبيا»، مؤكدا بذلك معلومات صحافية تحدثت عن سيناريو محكم وضعته لندن لإحباط عملية السحب القانونية. وبحسب الحكومة البريطانية، فإن أفرادا من نظام العقيد معمر القذافي، طلبوا الأسبوع الماضي إرسال ما قيمته 900 مليون جنيه من الدنانير الليبية التي تطبع في بريطانيا وتخزن في شمال إنجلترا.

وعلى الأثر عمدت الجهات التي تلقت الطلب الليبي إلى إخطار وزارة المال البريطانية التي وضعت خطة محكمة لمنع إتمام عملية نقل الأموال هذه، وهي عملية كانت في حينها قانونية مائة في المائة، ولكن الوزارة احتاجت إلى بعض الوقت لاستصدار القرارات اللازمة لمنعها قانونا، بحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز». وأضافت الصحيفة أن وزير المال البريطاني جورج أوزبورن أشرف شخصيا على إحباط هذه العملية بعدما أبلغه معاونوه أن هذه الأموال، التي تخوفت بريطانيا من إمكانية أن يستخدمها القذافي لتمويل مرتزقة استقدمهم لمواجهة حركة الاحتجاج ضد حكمه، لا يمكن الحؤول في الحال دون إرسالها إلى ليبيا لأنها عملية قانونية تماما ومنعها بحاجة إلى قرارات يتطلب استصدارها بعض الوقت.

وقضت الخطة التي وضعتها الوزارة بوضع كل العوائق الممكنة من أجل كسب الوقت ومنع إرسال شحنة المال هذه، بحسب الصحف البريطانية. وبموجب هذه الخطة، قال المسؤولون البريطانيون لمحادثيهم الليبيين إنهم بحاجة إلى بضعة أيام لإيجاد الطائرة المناسبة لنقل هذه الشحنة من الأموال.

وأضافت الصحف أن المسؤولين الليبيين أجابوا السلطات البريطانية بأن طائرة نقل الأموال جاهزة وبالتالي لا داعي للتأخير، فما كان من إدارة الجمارك البريطانية إلا أن أخطرتهم بأن هذه الطائرة لا يمكنها أن تهبط إلا في مطار «كنت» في جنوب إنجلترا الذي يبعد مئات الكيلومترات عن مكان وجود النقود.

وأضاف المسؤولون البريطانيون أن نقل صناديق المال من شمال إنجلترا إلى جنوبها لا بد أن يتم في «موكب أمني» يضم 20 سيارة رباعية الدفع. وبنتيجة هذه المناورات تمكن أوزبورن من الحصول على الوقت اللازم واستصدار القرارات اللازمة لمنع خروج هذه الأموال من البلاد.

من جانب آخر، أفادت عدة صحف إيطالية بأن روما، الشريك الأساسي لطرابلس، تنظر أيضا في تجميد أسهم ليبيا في شركات إيطالية. واكتفت وزارة الاقتصاد بالقول إن اجتماعا مرتقبا للخبراء، الثلاثاء، سيتطرق إلى هذه المسألة. وقيمة الأسهم التي تملكها طرابلس في مجموعات إيطالية تصل إلى 3.6 مليار يورو كما ذكرت صحيفة «إيل سولي 24 أوري» الاقتصادية. وطرابلس مساهم رئيسي في يونيكريديه أكبر مصرف في البلاد (7.5 في المائة) وتملك أيضا 2.01 في المائة من مجموعة الطيران والدفاع «فينميكانيكا» و7.5 في المائة من نادي يوفنتوس. كما تملك ليبيا أيضا نحو 0.5 في المائة من مجموعة «إيني» النفطية.

وفي باريس، أعلن الوزير الفرنسي المكلف الشؤون الأوروبية لوران فوكييه، أمس، أن فرنسا تريد رقابة على كل التحركات المالية الليبية، لا سيما لمنع الدولة الليبية من بيع أسهمها في شركات أوروبية لتمويل عمليات القمع. وقرر الاتحاد الأوروبي، الاثنين، تجميد أرصدة القذافي و25 من المقربين منه، وبدأت دول الاتحاد تطبيق القرار الواحدة تلو الأخرى. وفيما اعتمدت الأمم المتحدة السبت عقوبات ضد العقيد القذافي وعائلته والمقربين منه، أعلنت كندا الأحد عن تجميد أرصدة محتملة، فيما قالت أستراليا، الاثنين، إنها تحقق في وجود مثل هذه المبالغ. وقالت النرويج إنها تنوي الانصياع لتنفيذ عقوبات الأمم المتحدة. والولايات المتحدة التي أعلنت عن فرض عقوبات الجمعة الماضي، أعلنت أول من أمس، أنها جمدت منذ ذلك الحين «30 مليار دولار على الأقل» من الأسهم الليبية. وقررت سويسرا من جهتها الخميس تجميد الأرصدة التي قد يكون يملكها القذافي وأوساطه في الاتحاد «بمفعول فوري».