البنك الدولي: ارتفاع أسعار الغذاء والوقود دفع 64 مليون شخص إلى الفقر

العضو المنتدب سري اندراواتي تحدثت في الرياض عن 3 إجراءات للحد من ارتفاعات الأسعار

ارتفاع اسعار المواد الغذائية ضغط على ميزانيات ذوي الدخل المحدود ( الشرق الاوسط)
TT

كشف البنك الدولي أمس أن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود دفع أكثر من 64 مليون شخص إلى خط الفقر المدقع خلال العام الماضي 2010، مشيرا إلى أنه وفر مساعدات بنحو 152 مليار دولار على شكل قروض ومنح وضمانات للدول الأعضاء منذ عام 2008.

وقالت سري مولياني اندراواتي العضو المنتدب للبنك الدولي إنه «في عام 2010 واصل البنك تقديم المساعدات إلى البلدان النامية، وزاد من إنفاقه على المشاريع حيث بلغ مجموع المشاريع 255 مشروعا بقيمة 4.9 مليار دولار».

وأوضحت مولياني أن «أسعار السلع الغذائية ارتفعت في أوائل عام 2008، ثم تراجعت إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عام، لتعود وترتفع في الأشهر الستة الأخيرة مما سيؤثر على الكثير من الفقراء والطبقة الوسطى، مشيرة إلى أنه اعتبارا من يناير (كانون الثاني) 2011 تم إقرار 1.44 مليار دولار من برنامج مساعدات، صُرف منه حتى الآن 1.1 مليار دولار، تستخدم لإطعام الأطفال الفقراء والأطفال الصغار، وحتى الآن استفاد من هذا البرنامج 30 مليون شخص من 40 بلدا».

وكانت مولياني تتحدث خلال مشاركة لها في الملتقى السعودي الاقتصادي، الذي اختتم أعماله في العاصمة السعودية الرياض، والذي عقد على مدى يومين برعاية وزارة المالية، ومشاركة مسؤولين حكوميين ورجال أعمال.

وتابعت العضو المنتدب للبنك الدولي أن «الملتقى يعقد في وقت تشهد فيه المنطقة العربية توترا سياسيا إضافة إلى توتر مستمر في الاقتصاد العالمي»، مؤكدة أنه «كان لارتفاع أسعار الغذاء والوقود الذي بدأ عام 2008 عواقب وخيمة بالنسبة للاقتصاد العالمي».

وقالت: «نحن في البنك الدولي، نولي اهتماما خاصا لتأثير هذه الأحداث على الفقراء، إذ تشير تقديراتنا إلى أنه تم دفع أكثر من 64 مليون شخص إلى خط الفقر المدقع عام 2010 نتيجة لهذه الأزمات، ونتيجة لهذه الظروف انتقلنا بسرعة لتوسيع نطاق المساعدة التي نقدمها إلى البلدان النامية. ومنذ يوليو (تموز) 2008 استطعنا أن نوفر 152 مليار دولار للدول الأعضاء على شكل قروض ومنح وضمانات». وأكدت أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية مسألة تثير قلقا خاصا لمنطقة الشرق الأوسط، لأن المنطقة تعتمد على استيراد المواد الغذائية. وزادت: «على سبيل المثال ارتفعت أسعار الحبوب 40 في المائة، والسكر 77 في المائة، في الأشهر الستة الماضية»، مشيرة إلى أن توقعات البنك الدولي في ما خصّ ارتفاع أسعار هاتين السلعتين تلزم نفقات إضافية بقيمة 19 دولارا للشخص الواحد، وللحد من التعرض لموجات أسعار المواد الغذائية يوصي البنك بثلاثة إجراءات. وحدد البنك الإجراءات في تعزيز شبكات الأمان لذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون الحصول على الغذاء عندما ترتفع الأسعار، وتعزيز الإمدادات الغذائية المحلية من خلال التركيز على الإنتاجية الزراعية والمحاصيل، إضافة إلى زيادة الاستثمار في البحث والتطوير وزيادة كفاءة إدارة المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وتحسين كفاءة سلسلة التوريد، وتحسين إدارة المخاطر الزراعية للحد من تقلبات السوق.

وتابعت العضو المنتدب قولها: «قمنا بزيادة القروض التي يقدمها البنك في مجال الزراعة والتنمية الريفية من الصفر في عام 2008 إلى 359 مليون دولار عام 2011، كما أنه وعلى الصعيد العالمي نما الإقراض لدينا في هذا القطاع من متوسط قدره 3 مليارات دولار سنويا خلال عامي 2006 و2008 إلى 4.7 مليار دولار خلال عامي 2009 و2010، ونحن نهدف إلى زيادة الإقراض لدينا في هذا القطاع بين 6 و8 مليارات دولار سنويا في المدى المتوسط».

وكان الملتقى قد استكمل جلساته من خلال بحث الاقتصادات الإقليمية والصناعة المصرفية في السعودية والخليج والاستثمار في البنية التحتية، ومدى مساهمته في دعم النمو الاقتصادي.

وأجمع خبراء شاركوا في الجلسة الأولى إلى أن المنطقة تمر حاليا بمرحلة انتقالية، حيث أشار الدكتور هنري عزام رئيس دوتشيه بنك في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أن «هذه التحركات تعود بشكل رئيسي إلى عدم قدرة الفئات الشبابية، ذات النسبة العالية في المجتمع العربي، على الانخراط في سوق العمل وارتفاع نسب البطالة فيها إلى مستويات كبيرة، وصلت إلى 45 في المائة في بعض البلدان».

وأضاف: «تمر المنطقة بمرحلة انتقالية ستؤدي إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي لتصل في بعض الدول إلى مستويات سالبة، وتمتد لأشهر وربما لسنوات مقبلة»، معتبرا أن «المنطقة تعيش مرحلة غير واضحة»، موضحا أن «إغلاق البورصة المصرية لفترة تقارب الشهر هو أحد أهم المؤشرات على حالة عدم اليقين التي تسود المنطقة في الوقت الراهن، ولهذا السبب نلاحظ خروج عدد من المحافظ الاستثمارية من الأسواق العربية وبخاصة الأجنبية منها». من جهته، أشار الدكتور جهاد ازعور نائب الرئيس في شركة «بوز أند كومباني» إلى أن المتغيرات الراهنة تدفع اقتصادات المنطقة نحو تحقيق أكبر للعدالة الاجتماعية، موضحا أن سلسلة إجراءات اتخذت في عدد من حكومات المنطقة لتدعيم الاستقرار في اقتصاداتها، لافتا في الوقت نفسه إلى أن «هذه الإجراءات تبقى ناقصة ما لم تقترن بآليات دعم اجتماعي لتصيب الشرائح الأكثر ضعفا في المجتمع، على أن لا يكون لها ارتدادات تضخمية».

وأكد على أن «حجم المتغيرات في المنطقة كبير»، كما أكد أن تأثيرها على الأسواق لا يزال محدودا، بدليل أن الأخيرة لم تتراجع أكثر من 15 في المائة، وشدد على ضرورة مراقبة التضخم والسيطرة عليه، من خلال إعداد أجندة قصيرة المدى كالحوكمة، وخلق فرص عمل تستوعب أعداد البطالة المرتفعة، وبناء عقد اجتماعي جديد يحدد بوضوح علاقات أطراف العمل بعضها ببعض، إضافة إلى استكمال الإصلاحات البنيوية في المنطقة وتعزيز تكاملها الاقتصادي.

وقالت عليا مبيض مدير وكبير الاقتصاديين في شركة «باركليز الشرق الأوسط وأفريقيا» إن مجموعة عوامل تستقطب اهتمام المستثمرين في المنطقة العربية، إضافة إلى التطورات الأخيرة، ومن أبرز هذه العوامل التعددية التي تتمتع بها المنطقة، ارتفاع مستوى التنمية البشرية في دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة الفوائض المالية التي تتمتع بها، في مقابل تدنيها في الدول العربية الأخرى حيث زادت نسبة الفقر في البعض منها 3 أضعاف. وأبدت مبيّض قلقها من أن يؤدي الإنفاق الحكومي المتزايد في المنطقة، وبخاصة في السعودية، إلى صعوبة في إدارة السيولة في أسواق المنطقة، ولفتت إلى أن ما يقوم به المستثمرون في الوقت الراهن، هو إعادة تقييم للمخاطر على مستوى المنطقة ليبنوا قراراتهم المستقبلية. من جانبه، اعتبر الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجموعة «الزامل» أن ما يجري الآن من تطورات له بالتأكيد تأثيرات سلبية على المدى القصير لا تتخطى 12 شهرا، ولكن ذلك سيكون له انعكاسات إيجابية جدا على المستقبل.

وشدد الزامل على «ضرورة بقاء أسعار النفط فوق 100 دولار، للحفاظ على معدلات نمو قوية»، مؤكدا على أن المرحلة المقبلة ستشهد دورا أكبر للدولة في تحريك الاقتصاد المحلي، وانحسار نسبة الفساد التي كانت وراء اندلاع الأحداث الأخيرة، وتراجع دور الشركات العملاقة لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة، مبديا تفاؤله في أن «ما يجري حاليا في المنطقة هو شبيه إلى حد كبير بالتجربة التركية الرائدة». في حين شهدت الجلسة الثانية نقاشات حول الصناعة المصرفية في السعودية والمنطقة وتحديات المرحلة المقبلة، حيث حدد عبد المحسن الفارس الرئيس التنفيذي لمصرف الإنماء محركات العمل المصرفي السعودي في المرحلة المقبلة في مجال دعم مشاريع البنية التحتية، والتمويل السكني، وتمويل الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، إضافة إلى تمويل الشركات.

وقال: «تشير الإحصاءات إلى أن نسبة التمويل الممنوح لكبرى الشركات السعودية إلى حجم الاستثمار، لا تزال دون المعدلات العالمية، ذلك إضافة إلى الفرص الزاخرة في مجال تطوير وابتكار المنتجات، وتطوير نشاط التمويل عبر أسواق الدين وأسواق رأس المال».

وأكد الرئيس التنفيذي لمصرف الإنماء أن أبرز التحديات التي تواجه المصارف السعودية خلال الفترة المقبلة، تكمن من ناحية في الأوضاع الجيوسياسية للمنطقة، ومن ناحية أخرى في مثابرة معدلات الفائدة العالمية على مستوياتها المنخفضة الحالية.

من جهته، أكد الشريف آل غالب رئيس قطاع الشركات بالبنك الأهلي التجاري وجود تفاوت في حجم الأصول البنكية بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، مقابل تسجيل جميع تلك الأسواق نموا متواصلا في حجم أصولها المصرفية خلال الفترة الممتدة من عام 2005 حتى عام 2009، وأوضح أن الأزمة قد دفعت المصارف الخليجية إلى تعزيز حجم مخصصاتها بمستويات عالية، لتغطية الزيادة في القروض المتعثرة مما انعكس بطبيعة الحال سلبا على صافي أرباح تلك البنوك خلال فترة 2009 - 2010. من جانبه، قال الدكتور يحيى اليحيى إن التوجيهات الجديدة لبازل 3 تفرض على المصارف قيودا متشددة لناحية السيولة ولناحية التوافق والمواءمة ما بين آجال الأصول وآجال المطلوبات في ميزانيات البنوك. وأضاف: «على الرغم من سعة المجال الزمني الممنوح للمصارف لاستكمال تطبيق التوجيهات الجديدة لبازل 3 وهو عام 2019، فإن تلك التوجيهات ستحد من قدرتها على توفير تمويلات طويلة الأجل للمشاريع». وتابع: «خلال الفترة الممتدة من عام 2006 وحتى عام 2009 تم تمويل ما نسبته 57 في المائة من المشاريع المتوسطة وطويلة الأجل بواسطة قروض مصرفية. لكن المتطلبات الجديدة لبازل 3 ستحول دون قيام المصارف بنفس الدور بالمستويات السابقة وحتما بتكلفة أعلى بكثير من السابق». وبناء عليه يكمن الحل البديل بحسب الدكتور اليحيى، في تطوير وتعزيز دور سوق رأس المال لتعويض النقص الناتج عن القروض المصرفية المتوسطة وطويلة الأجل. وكشف علي البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء، أنه من المتوقع أن يصل عدد مشتركي الكهرباء إلى 4 ملايين مشترك خلال السنوات العشر المقبلة، مشيرا إلى أن القطاع الخاص لديه فرصة حقيقية للاستثمار في قطاع الكهرباء، كونه من القطاعات الأكثر جدوى على المدى البعيد.

وقدرت الاستثمارات في قطاع الكهرباء بنحو 60 مليار ريال (16 مليار دولار)، في حين أن التوقعات تشير إلى الحاجة لنحو 80 مليار دولار (21.3 مليار دولار) لتغطية الطلب. وداعا المقاولين إلى تجنيد طاقاتهم لخدمة قطاع الكهرباء في السعودية، وفق معايير تقنية متقدمة. وأكد الدكتور فيصل العقيل مدير تطوير الأعمال والشؤون الإدارية في شركة «مواد الإعمار القابضة» أن حركة الاستثمار المكثف في مجال الصناعة والمشاريع التنموية في الشرق الأوسط، وخاصة في منطقة الخليج العربي، تؤكد أن المشاريع الإنشائية تحتاج إلى تعبئة وحشد طاقاتها.