22 منظمة حقوقية تطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بفتح حوار مجتمعي حول قضايا الإصلاح

قالت إن نتائج الانتخابات البرلمانية ستتوزع بين قدرة الحزب الوطني المادية والقدرة التنظيمية لـ«الإخوان»

TT

طالبت 22 منظمة حقوقية، أمس الأربعاء، المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بفتح حوار مجتمعي يضم جميع الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني حول المرحلة الانتقالية، محذرة مما وصفته بـ«خطورة اختزال الحوار مع أشخاص بعينهم».

وقالت المنظمات، في بيان لها أرسلته إلى قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن «رغبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إنجاز مهامه في أسرع وقت ممكن، من شأنها أن تقود عمليا إلى بناء المؤسسات الدستورية بطريقة لا تختلف كثيرا عما عرفه نظام مبارك. وما لم يفسح المجال للقوى والتيارات والحركات الشبابية، التي قادت هذه الثورة، في التعبير السياسي عن نفسها عبر أحزاب جديدة وإعلام مستقل، فإن نتائج الانتخابات القادمة ستظل تتنازعها قدرة أعضاء الحزب الوطني الحاكم على توظيف العصبيات والمال، والقدرات التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في توظيف الدين والعمل الخيري في جذب أصوات الناخبين».

وأشار البيان إلى أن «دماء المصريين التي سالت في مواجهة الاستبداد ومن أجل استعادة الحرية والكرامة، تقتضي توفير المناخ والضمانات المناسبة، التي تهيئ الطريق لأن تجسد عملية الانتقال الديمقراطي وبناء المؤسسات الدستورية الأهداف السامية التي أريقت هذه الدماء من أجلها. ويستوجب ذلك أن تحظى عملية الانتقال الديمقراطي - تحت قيادة مجلس رئاسي مشترك وحكومة مدنية جديدة - بأوسع قدر من الشراكة بين الشعب، ممثلا في قواه التي قادت الثورة - نساء ورجالا - والمجلس الأعلى للقوت المسلحة، وهو ما يتطلب تنظيم حوار مؤسسي مع الأحزاب والجماعات السياسية والمجتمع المدني، وعلى رأسها التنظيمات الشبابية التي أطلقت الثورة، وعدم اختزاله في التحدث إلى أفراد، وإتاحة الفرصة لأوسع حوار مجتمعي لصنع المستقبل الذي يتطلع إليه الجميع».

وقعت على البيان 22 منظمة حقوقية، بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، إضافة إلى ائتلاف شباب الثورة.

وقال مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن إجراء الانتخابات البرلمانية في ظل الأوضاع الحالية لن يأتي ببرلمان يعبر بشكل حقيقي عن المواطنين، موضحا أن إجراء الانتخابات سوف يجعل أصوات الناخبين موزعة بين أعضاء الحزب الوطني الذين سيستخدمون الأموال في شراء الأصوات والعصبيات القبلية، وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أكثر قوى المعارضة تنظيما واستعدادا للانتخابات.

وأضاف حسن «يجب أن يتم مد الفترة الانتقالية لمدة عام، بحيث يقوم فيها مجلس رئاسي بإدارة شؤون البلاد، ويتم خلالها إطلاق الحريات السياسية والعامة حتى تتمكن الأحزاب من التواصل مع الجماهير». وطالب البيان بسرعة تشكيل مجلس رئاسي مؤقت، يضم شخصيات مدنية مستقلة إلى جانب ممثل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، على أن يتولى هذا المجلس تشكيل حكومة مدنية انتقالية من التكنوقراط، كما يتولى تشكيل هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد يعكس تطلعات الشعب المصري - التي عبرت عنها الثورة - في دولة مدنية محايدة تجاه مختلف الأديان والمعتقدات، وتأسيس حكم ديمقراطي برلماني، يتخذ الخطوات الضرورية والفورية لإطلاق الحريات العامة، تمهيدا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية على أسس متكافئة، ترتكز على قاعدة المساواة وعدم التمييز على أساس الجنس أو أي اعتبار آخر، وتضمن تمثيلا وتعبيرا لمختلف الآراء والتوجهات والأفكار.. مع ضرورة وضع ضمانات كافية لتمثيل الشباب والنساء في كل من الحكومة المدنية الانتقالية والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.

وحذرت المنظمات من أن إجراء الانتخابات وفقا لتعديلات دستورية محدودة وغير منضبطة، حسب البيان «يهدد عمليا التطلعات إلى تحقيق التوازن والفصل بين السلطات، ويهدد بالإبقاء على الصلاحيات الديكتاتورية ذاتها التي يتمتع بها رئيس الجمهورية من دون أدنى محاسبة، والصلاحيات الديكورية للبرلمان، طبقا لنصوص الدستور المعطل، أي استمرار النظام التسلطي ذاته من دون مبارك وبعض أعوانه».

وقال البيان إن المنظمات تتابع جهود المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد في فترة عصيبة يتعين عليه فيها أن يضطلع بمسؤولياته وتعهداته بالاستجابة لمطالب وطموحات الشعب المصري التي عبرت عنها ثورة 25 يناير.

(كانون الثاني)، وأن يواجه تداعيات الإطاحة الثورية بنظام حكم مبارك، وما اقترن بها من تفكك وانسحاب مريب للمؤسسة الأمنية، والكشف عن ومحاصرة أبعاد كارثية لظواهر النهب والفساد المالي والإداري وإفساد الحياة السياسية، والذي شاركت فيه شبكة واسعة النطاق، تضم مؤسسة الرئاسة ورموزا بارزة لما يعرف باسم الحزب الوطني الحاكم وقيادات نافذة داخل البرلمان والسلطة التنفيذية.

وأضاف البيان «تدرك المنظمات أن سلوك القوات المسلحة قد شكل دعما رئيسيا للثورة المصرية في إنجاز خطوتها الأولى بإزاحة الرئيس السابق، وبحل مجلسي الشعب والشورى اللذين كان تشكيلهما موصوما بالتزوير الفاضح.. غير أن المنظمات والمجموعات تستشعر قلقا متزايدا إزاء المسار الذي تمضي فيه ترتيبات المرحلة الانتقالية، التي يفترض أن تؤسس لبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وهو الهدف الأسمى الذي قدم المصريون من أجله تضحيات غالية».