كلينتون تشد من أزر «الجزيرة» بعد تغطيتها أحداث مصر.. والقناة «تستغل» اللحظة

تزايد نسبة الإقبال على مشاهدتها في الولايات المتحدة بعد نحو عقد من اتهامها بـ«الانحياز»

TT

منذ 10 سنوات هاجمت الحكومة الأميركية قناة «الجزيرة» لنهجها الذي يروج لمعاداة أميركا. أما الآن فوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، تشير إلى تغطية الشبكة الإخبارية المتميزة وتنتقد الإعلام الأميركي ضمنا. وتصرح القناة العربية بأنها على استعداد لاستغلال ما تعتبره ازدهارا لما تلاقيه من قبول في الولايات المتحدة.

وأشارت كلينتون أثناء شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ خلال الأسبوع الذي انشغلت فيه القنوات التلفزيونية الأميركية بعرض الممثل شارلي شين إلى أن الشبكات الأميركية كانت في مرتبة متأخرة في المنافسة على المعلومات.

وقالت هيلاري للمشرعين يوم الأربعاء إنه كان لقناة «الجزيرة» الريادة والسبق في تغيير طريقة تفكير الناس وتشكيل توجهاتهم. وأوضحت قائلة: «سواء أعجبتك أم لا، فلا يمكن إنكار أنها كانت فاعلة بحق. وتزداد نسبة مشاهدة قناة (الجزيرة) في الولايات المتحدة لأنها تقدم أخبارا حقيقية. ربما لا تتفق معها، لكنك تشعر أنها تحصل على أخبار حقيقية على مدار الساعة وتقدم مناظرات بين الشخصيات الهامة وأمور نفعلها لقنواتنا الإخبارية التي لا تقدم لنا المعلومات ناهيك عن الأجانب». وبحسب تقرير لوكالة «الأسوشييتد برس» فإنه لم ترتفع نسبة مشاهدة قناة «الجزيرة» كثيرا في الولايات المتحدة لأن خدمة بثها غير متوفرة كثيرا ويمكن مشاهدتها فقط على بعض قنوات الكابل في فيرمونت وأوهايو وواشنطن. لكن ارتفعت نسبة مشاهدة القناة على شبكة الإنترنت خلال المظاهرات في مصر بنسبة 2500%. وكان نحو نصف متابعي القناة من الولايات المتحدة على حد قول الشبكة.

لقد استغلت «الجزيرة» اللحظة وطلبت من زائري الموقع النقر على زر يظهر تلقائيا رسالة على نظام الكابل المحلي للمستخدم يشجع إضافة القناة إلى الشبكة. وقالت المتحدثة الرسمية، مولي كونروي، ظهرت أكثر من 40 ألف رسالة إلكترونية. وقالت إن رؤساء الشبكة زاروا خلال الأسبوعين الماضيين المسؤولين التنفيذيين في «تايم وارنر» و«كومكاست» و«كابل تليفيجين» بحثا عن مساحة على أنظمتهم. وقال عبد الرحيم فقراء، رئيس مكتب قناة «الجزيرة» في واشنطن: «أشارت وزيرة الخارجية إلى أن الأحداث التي شهدتها مصر أقنعت عددا كبيرا من الأميركيين بأن تغطية قناة (الجزيرة) لها تمثل تحولا كبيرا في إدراك الشبكة».

وقال مايكل كليمنت، نائب رئيس قناة «فوكس نيوز»، إن ملاحظات كلينتون «فاجأتني وأثارت فضولي. لدينا قضايا هامة منها قضايا تتعلق بسلامة الناس وسلامة مواطنينا. هل أصبحت العناوين الرئيسية عن قناة (الجزيرة) مقارنة بالأخبار في هذا البلد؟ إنه لأمر مفاجئ بل مثير للفضول».

ورفض ممثلو قناة «سي إن إن» و«إيه بي سي» و«إن بي سي» التعليق يوم الجمعة على تصريح كلينتون. لكن اتفق مع هيلاري فرانك سيسنو، المدير السابق لمكتب قناة «سي إن إن» في واشنطن. وقال سينسو الذي يشغل حاليا منصب عميد كلية الإعلام والعلاقات العامة بجامعة جورج واشنطن: «إنها محقة. لقد أصبحت قنوات الكابل الإخبارية مصدر ضوضاء. لقد كان يفترض أن تكون منفذا لإعلام الناس لكنها عوضا عن ذلك أصبحت منفذا لإثارة الناس».

وزاد توجه قنوات الكابل الإخبارية نحو الرأي من نسبة مشاهدة قناة «فوكس نيوز» الإخبارية الرائدة وقناة «إم إس إن بي سي» الأقل مكانة.

وقاومت قناة «سي إن إن» الاتجاه نحو التركيز أكثر على الأخبار وعانت من تراجع نسبة المشاهدة خلال العامين الماضيين. ومع تخفيض ميزانيتها، تراجع تأثير الأقسام الإخبارية بالقناة. وحتى مع التوجه نحو الرأي، كثيرا ما تقدم الشبكات الإخبارية تغطية في حالة الأخبار العاجلة فقط مثل الثورة المصرية على حد قول سيسنو. ما تفتقر إليه القناة هو مدى الانتباه والرغبة في متابعة الأخبار والسياق. وأوضح قائلا إن هناك إدمانا لمقولة: «وردنا توا». ويمثل تقييم هيلاري كلينتون الشامل للقناة الإخبارية العربية تحولا كبيرا عن الموقف المتخذ منذ 10 سنوات حين شكت إدارة بوش من دعم قناة «الجزيرة» لمعارضي الولايات المتحدة. ووصف دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي السابق، القناة بأنها «منحازة بشكل لا يمكن التماس أي عذر له».

وقد كانت تلك العدوانية من أسباب إخفاق الشبكة في جذب أنظمة الكابل في الولايات المتحدة. وقال عبد الرحيم فقراء إنه مع وجود مشاهدين في الخارج خاصة في العالم العربي ترى القناة تشوقا كبيرا لمتابعة الأخبار. وأضاف: «يمكنك التركيز على قصة لساعات أو لأيام أو حتى لأسابيع حتى تنتهي، بينما في الولايات المتحدة الافتراض القائم هو أن الناس لا يهتمون بالأخبار خاصة التي تتعلق بما يحدث خارج الولايات المتحدة». وقال سيسنو إنه ربما تكون أهمية الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي بالنسبة لقناة «الجزيرة» بقدر أهمية حرب الخليج الأولى في إنشاء قناة «سي إن إن» في الولايات المتحدة.