تحول القوة الفرنسية في «اليونيفيل» إلى قوة انتشار سريع

لإزالة التوتر مع سكان جنوب لبنان

TT

تنهي القوات الفرنسية العاملة في جنوب لبنان ضمن قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل)، في يوليو (تموز) المقبل، عملية تحولها تماما من كتيبة مكلفة بمنطقة جغرافية محددة من جنوب لبنان إلى «قوة انتشار سريع»، عبر استبدال مركبات أخف، أقل إزعاجا للسكان، بدباباتها الثقيلة، في محاولة لنزع التوتر عند أهالي المنطقة.

وبذلك تتفرغ الكتيبة، بناء على طلب قيادة القوة الدولية وبالاتفاق مع دائرة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إلى قوة مساندة توضع تحت تصرف قيادة «اليونيفيل» وتعمل في مختلف مناطق الجنوب اللبناني بناء على طلبه.

وأكد الناطق باسم قوات «اليونيفيل»، أندريه تينانتي، في جنوب لبنان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الإجراء هو جزء من تطبيق (اليونيفيل) للتوصيات الصادرة عن المراجعة التقنية التي قامت بها (اليونيفيل) بالشراكة مع إدارة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تم تبنيها مع تجديد تفويض (اليونيفيل) في عام 2009 بالتشاور مع أعضاء مجلس الأمن ومع الحكومة اللبنانية». وأشار إلى أن «هذا التحول الجديد تم بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني».

وقال إن «انسحاب دبابات القتال الرئيسية (لوكليرك) من قوة الردع السريع، هي جزء من ذلك. وقد تم استبدال مدرعات أخف وزنا تتضمن قدرات مضادة للدبابات بالـ(لوكليرك) في ديسمبر (كانون الأول) 2010. وهذا يتماشى مع أولويات (اليونيفيل) لتعزيز سهولة التحرك ورد الفعل السريع، وفي الوقت نفسه يخفف من الإزعاج للسكان المحليين، ويجنب التسبب في أضرار للطرقات والبنى التحتية بفعل الآلات الثقيلة». وأوضح تينانتي أن «إعادة تشكيل القوة الفرنسية، تقوم، ومن بين أمور أخرى، على استبدال مركبات ذات عجلات تناسب أكثر الطرقات في جنوب لبنان، بالمركبات الثقيلة المزودة بجنازير».

وتسهم فرنسا بقوات «اليونيفيل» بـ1340 جنديا من أصل 11850 جنديا يعملون ما بين نهر الليطاني والحدود اللبنانية - الإسرائيلية. وتشكل الكتيبة الفرنسية ثاني أكبر مساهمة دولية في «اليونيفيل»، وهي ثاني أكبر عملية عسكرية فرنسية في الخارج بعد أفغانستان. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع، لوران تيسيير، في آخر مؤتمر صحافي عقده، إن القوة الفرنسية ستقوم في الأشهر الأربعة القادمة بمهمتين: الاستمرار في تولي أمن منطقة انتشارها الحالية والاضطلاع بمهمة المساندة التي أنشئت أساسا من أجلها قوة الانتشار السريع. ولا تخفي وزارة الدفاع أن وراء ذلك تكمن مهمة «الردع» التي تؤول إلى القوة الفرنسية لمنع التعرض لـ«اليونيفيل» من جهة لمنع العمليات العسكرية المعادية من على جانبي الحدود.

وتحقيقا لهذا الغرض، عمدت القوة الفرنسية إلى تغيير تسلحها عن طريق سحب دبابات «لوكليرك» الثقيلة المجنزرة التي يبلغ وزنها 56.5 طن وطولها 6.53 متر بسيارات مدرعة، مدولبة، وجيدة التسليح.

غير أن لاستبدال «لوكيرك» سببا آخر هو رغبة «اليونيفيل» في سحب أحد أسباب التوتر الذي كان يقوم بين القوة الفرنسية والسكان الذين غالبا ما شكوا من الضجيج الذي تحدثه الدبابة المذكورة ومن عدم ملاءمتها لطرقات الجنوب الضيقة خصوصا في المناطق القروية.

إلا أن قرار الكتيبة الفرنسية بالانتقال إلى قوة انتشار سريع، لاقى بعض التشكيك. وقال الخبير العسكري المقرب من حزب الله، أمين حطيط، إن الخطوة الفرنسية «انتهاك للقرار 1701 الذي لا يعطي القوة الفرنسية ولا أي قوة أخرى الصلاحية بتحول لقوة انتشار سريع» معتبرا أن «الإعلان عن هذه الخطوة وفي هذا الوقت بالذات يثير أكثر من علامة استفهام». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التحول سيفرض إعادة نظر في قواعد الاشتباك، وهذه القواعد تحددها قيادة (اليونيفيل)، وهي مثلا قد تسمح بأن يكون للقوة الفرنسية حرية اتخاذ القرارات والتحرك من دون العودة لقيادة (اليونيفيل)».

وأوضح حطيط التغييرات التي طرأت على مهمة القوة الفرنسية بتحولها لقوة انتشار سريع، قائلا: «أصبح لهذه القوة القدرة على حركة أوسع إضافة إلى قدرة نارية تعالج بها أي أمر طارئ، وهي بذلك تتخطى الأطر العادية والنظامية وأي روتين قد يعوق مهمتها». وتوقع حطيط أن تكون القوات الفرنسية قد قرأت تغيرا في البيئة الأمنية أو الاستراتيجية فاتخذت هذا القرار للتحرك من دون العودة لأحد.