برلين تقترح إدراج برنامج لإعادة شراء الديون العامة في آلية الإنقاذ ولندن تخشى أزمة مالية جديدة

خطة لوقف تكييف مستوى الأجور حسب مستوى التضخم تثير غضب حكومات ومواطنين أوروبيين

TT

شهدت عدة عواصم أوروبية اتصالات وإضرابات وتصريحات أظهرت وجود تباين في مواقف الدول الأعضاء بشأن الخطط المستقبلية للتعامل مع التطورات الاقتصادية والمالية في التكتل الأوروبي الموحد، وبدلا من تنسيق المواقف بين أفراد الأسرة الأوروبية الموحدة قبيل انعقاد القمة المقررة الحادي عشر من الشهر الجاري عبرت حكومات بل والرأي العام في عدة دول عن رفضها لاقتراح فرنسي ألماني بوقف تكييف مستوى الأجور حسب مستوى التضخم، وتأثرت بلجيكا على سبيل المثال بإضراب أصاب البلاد بالشلل التام نتيجة توقف عمال وسائل النقل عن العمل وسارت مظاهرات حاشدة في عدد من المدن ووسط الشوارع التجارية مما تسبب في تعطيل حركة السير وعمليات البيع والشراء.

وبالتزامن مع ذلك، تدرس الحكومة الألمانية إمكانية إدراج برنامج لإعادة الشراء غير المباشرة للديون العامة في آلية الإنقاذ المالية الدائمة لمنطقة اليورو، وفقا لما ذكرته تقارير إخبارية.

وقالت جريدة «فرانكفورت إليجمينه سيتونغ» أمس إن برلين تدرس جدوى هذا الخيار أمام سوء الموقف المالي في كل من آيرلندا واليونان، على الرغم من الخلافات القوية حول هذا الإجراء داخل الائتلاف الحاكم.

وتسمح المبادرة، التي تدرسها الحكومة الفيدرالية وتتضمن مشاركة القطاع الخاص، لآلية الإنقاذ المالي الدائمة بمنطقة اليورو منح قروض للدول المدينة لكي تتمكن من إعادة شراء ديونها. ويفترض أن هذا البرنامج قد طرح خلال اللقاء الذي عقدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الجمعة الماضية مع رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر ويهدف إلى تقليل آثار أزمة الديون التي تواجه كلا من اليونان وآيرلندا والبرتغال وإسبانيا. ويرى خبراء أن هذا الأمر ربما يتحول إلى نقطة خلافية جديدة داخل الائتلاف الحكومي الذي ترأسه ميركل بسبب معارضة الليبراليين لهذه الخطوة. وفي بروكسل وقبل أيام من انعقاد قمة منطقة اليورو، الشارع البلجيكي وحكومة تصريف الأعمال البلجيكية يقفان ضد الاقتراح الفرنسي الألماني بوقف تكييف مستوى الأجور حسب مستوى التضخم، وتنوي الحكومة البلجيكية تطبيق اتفاق جرى بينها وبين أكبر نقابة في البلاد، حول تكييف الأجور مع التضخم، برفع مستواها في القطاع الخاص بنسبة حدها الأقصى يفوق بـ0.3% مستوى التضخم.

مسؤول نقابة «آي بي في في» فيليب فان مويلدر يقول: «لحسن الحظ، إلى حد الآن، حكومة تصريف الأعمال البلجيكية قالت – بخصوص موقف ساركوزي والسيدة ميركل من تكييف الأجور مع مستوى الأسعار - إنه غير صائب. وسنساعد الحكومة على الثبات على موقفها».

متظاهر آخر قال: «شخصيا لست بلجيكيا، لا يمكنني أن أصوت، أنا بريطاني، لكنها الطريقة الوحيدة للتعبير عن عدم رضانا.. أي الحضور هنا للتظاهر». والمشروع الفرنسي الألماني بوقف تقدير مستوى الأجور وفق تطور التضخم يلقى مقاومة شديدة من النقابات وحتى من بعض الحكومات. ما أدى إلى دخول رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي على الخط في محاولة منه لإيجاد حل توافقي ينهي الجدل الحالي.

ومن جهتها أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تفاؤلها بقدرة الاتحاد الأوروبي على التغلب على مشكلة المديونية التي يعاني منها بعض أعضاء التكتل مثل البرتغال واليونان وآيرلندا. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي بعد لقاء رئيس «مجموعة اليورو» رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر إن الاتحاد الأوروبي «يسير على طريق صحيح سيؤدي إلى تخطي مشكلات المديونية التي يعاني منها». وأعربت عن ثقتها الكاملة بقدرة القمة الأوروبية التي ستعقد في 11 مارس (آذار) الجاري على «إرسال إشارة قوية» إلى أسواق المال بأن دول منطقة اليورو قادرة على حل مشكلاتها المالية. من جانبه قال يونكر في المؤتمر الصحافي إن القمة المرتقبة «ستتمخض عن تقديم حلول محكمة» لمشكلة المديونية. ومن المقرر أن يعقد رؤساء حكومات ودول منطقة اليورو التي تضم 17 عضوا قمة في 11 مارس الجاري تهدف إلى تقديم خطة شاملة لاستراتيجية تثبيت العملة الأوروبية الموحدة (يورو).

وستتزامن القمة مع اجتماع مماثل لدول الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 عضوا لمناقشة آخر التطورات على صعيد الأزمة الليبية والأوضاع الراهنة في كل من مصر وتونس.

وستناقش القمة استراتيجية جديدة تتضمن صناديق الإنقاذ الأوروبي وتأسيس مجلس أزمات اقتصادي في منتصف عام 2013، إضافة إلى بحث اقتراح ألماني بتأسيس ما سمته برلين «اتحاد القدرة على المنافسة» وتشديد قوانين اتفاقية الاستقرار التي تعرف باسم «اتفاقية ماستريخت» بجانب مناقشة دور البنوك العملاقة في إدارة الأزمات واحتمال إجراء تعديلات على المساعدات المقدمة لكل من اليونان وآيرلندا.

وعلى صعيد متصل حذر محافظ البنك المركزي البريطاني، ميرفين كينغ السبت من أن بريطانيا ربما تعاني من أزمة مالية جديدة مثل تلك التي جرت في 2008 إذا لم يتم إصلاح المصارف. واعتبر كينغ، في حوار نشرته جريدة «ديلي تليغراف» أن الإصلاح يعتبر موضوعا «هاما وطارئا». وقال المسؤول إن المنظومة البنكية لا تزال تعاني من «انعدام التوازن» الذي بدأ يزداد مجددا. ويرى محافظ المركزي البريطاني أن ثقافة المنافع على المدى القصير والمكافآت التي تضعها البنوك تتحمل «مسؤولية» مشكلات القطاع. وتساءل كينغ: «لماذا ترغب البنوك دائما في دفع المكافآت؟ لأنهم يعيشون في عالم مهم للغاية ولا يمكن السماح بسقوطه، لذا حينما يتعرضون للفشل تتدخل الدولة لإنقاذهم». وحث المسؤول البنوك على التخلي عن التفكير في ضرورة «تحقيق منافع الأسبوع المقبل» واتهمهم بـ«استغلال عملائهم بشكل روتيني». وأضاف كينغ: «الكثير من الأشخاص في مجال الخدمات المالية قالوا خلال العقدين الماضيين إنه إذا كان من الممكن تحقيق مكاسب نقدية على حساب العملاء فهو أمر مقبول للغاية».