وثائق أمن الدولة تثير جدلا في مصر.. و«غرفة جهنم» لا تزال تحتفظ بأسرارها

بعد اقتحام مقار أمن الدولة.. واعترافات وزير الداخلية الأسبق

TT

كشف حادث سير تعرضت له سيارة نقل على الطريق الدولي الساحلي تفاصيل جديدة تتعلق بمحاولة التخلص من وثائق سرية في عدد من أجهزة الدولة خلال الفترة الأخيرة، إذ أدى انقلاب السيارة إلى تناثر آلاف الوثائق التي تعود لمصلحة الجمارك، وتجمع المارة حولها في مشهد يعيد للأذهان مشاهد اقتحام مقرات جهاز أمن الدولة مطلع الأسبوع الحالي.

وفيما كانت المظاهرات المليونية بميدان التحرير تطالب بحل جهاز أمن الدولة، كانت عملية واسعة من التخلص من أوراق سرية قد بدأت بالفعل في مقرات الجهاز في مختلف المحافظات، وتفجرت شرارة المواجهة بين المواطنين بالإسكندرية حينما لاحظ نشطاء سياسيون حركة مريبة أمام مقر الجهاز بالمدينة وتصاعد أعمدة الدخان منه، وهو ما أدى لاحتشاد الآلاف في محاولة لاقتحام المقر حفاظا على الوثائق، وهو المشهد الذي تكرر في مقار الجهاز جميعها في اليوم التالي.

وفيما كان ضباط أمن الدولة قد أنجزوا جانبا كبيرا من مهمتهم، نجح المواطنون في التحفظ على عدد من الوثائق، لكن نشطاء وإعلاميين شككوا في مصداقية هذه الوثائق، قائلين إن ضباط أمن الدولة تركوها عن عمد لإثارة الفوضى في البلاد، لافتين إلى أن الوثائق المهمة تم التخلص منها بالفعل.

وانتقل ملف وثائق أمن الدولة إلى عهدة النيابة العامة للتحقيق في الواقعة وتم إيقاف عدد من الضباط المسؤولين عن عمليات حرق وفرم الوثائق، فيما تولى الجيش تأمين المقار وتعليق العمل بها.

وبينما امتنع عدد من الصحف المصرية والقنوات الفضائية عن نشر الوثائق، انتشر عدد منها على شبكة الإنترنت، لكن القليل الذي تكشف فتح شهية المصريين لكشف المزيد من أسرار الجهاز الذي ظل يحكم مصر خلال العقود الثلاثة الماضية، بحسب النشطاء السياسيين. وهو ما أعاد إلى الأذهان ما نسب إلى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي عما سماه «غرفة جهنم». وكان العادلي قد كشف خلال التحقيقات عن وجود غرفة بالمقر الرئيسي للحزب الوطني بوسط القاهرة، الذي تعرض للاحتراق يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، تحتوي على تقارير موثقة بالصوت والصورة والمستندات لجرائم وفضائح تدين وزراء، وكبار رجال الدولة، ورجال أعمال، ودبلوماسيين لاستغلالها وقت اللزوم في ابتزازهم وتغيير مواقفهم أو تكميم أفواههم، بحسب تقارير صحافية محلية. وأشار العادلي خلال التحقيق معه إلى أن مكان تلك الغرفة لا يعلمها إلا صفوت الشريف الأمين العام السابق للحزب الوطني وجمال مبارك رئيس لجنة السياسات، مشيرا إلى أن تقارير غرفة جهنم كانت تسلم باستمرار إليهما لتشكل أداة ضغط بيديهما ضد المسؤولين.

وهدد العادلي بأنه حال تم تقديمه ككبش فداء لخطايا النظام السابق فإنه لن يتردد في إفشاء أسرار «غرفة جهنم»، حيث قال إن «جميع الأوامر الخاصة بوزارة الداخلية كانت تصدر عن الرئيس مبارك بشكل شخصي خلال خط الاتصال المفتوح بين الوزارة والرئاسة» مشيرا إلى أنه لم يكن الآمر الناهي بوزارة الداخلية، وأنه كان يتلقى تعليمات من الرئيس السابق، مؤكدا أنه سيقلب الطاولة على الجميع باستخدام تلك الوثائق.

وكانت تسجيلات لمكالمات هاتفية بين إعلاميين ورجال أعمال تسربت إلى شبكة الإنترنت مؤخرا، كشفت عن علاقات وممارسات وصفت بـ«المشبوهة» للتأثير على الرأي العام المصري، وبالإضافة لمعلومات سرية أخرى تم تسريبها في الفترة الأخيرة طالت شخصيات مشهورة في المجتمع المصري مما يوحي بأنها خرجت من رحم غرفة جهنم.