صلاحيات رئيس الجمهورية قبل وبعد «الطائف» تبقيه «سيد التأليف»

رزق لـ«الشرق الأوسط»: مفهوم الحصة ينتقص من مقام الرئاسة.. ولسنا بحاجة لتعديل صلاحيات الرئيس

TT

يطرح التعثر اللاحق بعملية تشكيل الحكومة اللبنانية موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية، في ضوء معارضة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لإعطاء الرئيس «حصة» في الحكومة الجديدة. وإذا كان عون ينطلق في موقفه هذا من استناده إلى الأكثرية الجديدة في البرلمان، فإن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يحتفظ بدوره بورقة مهمة هي توقيعه الذي لا مناص منه لتشكيل الحكومة.

ولا شك أن اتفاق «الطائف» حوّل رئيس الجمهورية الماروني من الرجل الأقوى في الدولة اللبنانية إلى شريك أساسي في الحكم، بعد تقليص صلاحياته لمصلحة مجلس الوزراء مجتمعا، وأحيانا لمصلحة رئيس الحكومة، إلا أنه لا شك أيضا أن «دستور الطائف» لم يسحب من بين يديه ورقة تأليف الحكومة.

وتظهر مقارنة بسيطة لصلاحيات رئيس الجمهورية قبل وبعد «الطائف» أنه فقد جزءا كبيرا من مهام استراتيجية، إلا أنه احتفظ بحيثية ودور أساسي في تشكيل الحكومات. وتنص المواد 49 إلى 63 من الدستور اللبناني على صلاحيات رئيس الجمهورية، التي تتلخص في أنه يحق له أن يطلب إعادة النظر في قانون أقره مجلس النواب، يعود له أن يطعن في القانون لمخالفته الدستور أمام المجلس الدستوري، يحق له الطلب من مجلس الوزراء إعادة النظر في مقررات اتخذها سابقا، كما يحق له توجيه رسائل إلى مجلس النواب عندما تقتضي الضرورة ليتوجه عبرهم إلى الرأي العام اللبناني، لتبقى صلاحية الاشتراك مع الرئيس المكلف في تأليف الحكومات الصلاحية الأبرز التي لم تسلب منه.

أما أبرز الصلاحيات التي فقدها الرئيس بعد «الطائف»، فهي اختيار رئيس الحكومة وتعيين الوزراء، السلطة الإجرائية التي كان يتولاها بمعاونة الوزراء وأُنيطت بمجلس الوزراء، كذلك إبرام المعاهدات الدولية وإقالة الوزراء وتعيين موظفي الفئة الأولى. كما انتُزعت منه وأُنيطت برئيس الحكومة رئاسة مجلس الوزراء ودعوة المجلس للانعقاد ووضع جدول أعماله والتنسيق بين الوزراء ومتابعة أعمال الإدارات والمؤسسات العامة.

ويرى الخبير القانوني والدستوري والوزير السابق إدمون رزق أنه «على الرغم من كل ما سبق ذكره، فإن رئيس الجمهورية لديه اليوم كامل الصلاحيات التي تمكنه من ممارسة دوره ومهامه، وبالتالي لا حاجة لتعديل صلاحياته لأن لديه ما يكفيه وأكثر»، موضحا عبر «الشرق الأوسط» أن «الصلاحيات التي انتزعت بعد (الطائف) مجرد صلاحيات وهمية لم يكن يمارسها الرئيس أصلا لأنها صلاحيات اسمية من عهد المفوض السامي». ويقول «كل الحديث الدائر اليوم حول موضوع الصلاحيات هو خارج عن روح اتفاق الطائف والدستور نصا وروحا، فالرئيس يبقى المرجع الوحيد والنهائي الذي يحسم مثلا موضوع تأليف الحكومة، وهو وحده المخول بتوقيع مراسيم التشكيل، إذ يمكن للرئيس المكلف اقتراح عشرات التشكيلات ويعود لرئيس الجمهورية وحده تعيين الوزراء».

ويشدد رزق على أن «رئيس الجمهورية مسؤول عن كل وزير بمفرده، وبالتالي لا شيء يلزمه بتعيين وزير ليس مقتنعا بأهليته، وهو إضافة إلى كل ذلك مدعو وملزم بالتدقيق في كل اسم يقترح عليه لتولي حقيبة وزارية».

وعما يحكى اليوم عن حق الرئيس في حصة وزارية يقول رزق «رئيس الجمهورية ليس له حصة، لأن مفهوم الحصة ينتقص من مقام الرئاسة ويسيء إلى مفهوم مسؤولية الرئيس، فكل الوزراء يصبحون حصة الرئيس عندما يوافق على تسميتهم، وبالتالي لا يجوز له أن يكون طرفا في أي مساومة أو (بازار) لتأليف الحكومة، بحيث يرتضي بإمرار أسماء لا تتمتع بالمواصفات مقابل إمرار أشخاص محسوبين عليه».

إلى ذلك، يؤكد رئيس لجنة «الإدارة والعدل» النيابية النائب روبير غانم أن «روحية (الطائف) ليست بجعل رئيس الجمهورية ملكة إنجلترا»، مشددا على أنه «لا علاقة لوجود كتلة نيابية بصلاحيات رئيس الجمهورية»، موضحا أن «المادة 49 من الدستور تقول إن رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن، ولكي يكون كذلك يجب أن يكون لديه صلاحيات».

ويلفت غانم إلى أن «رئيس الجمهورية يمكنه أن يرد قرارا لمجلس الوزراء ويوقف قانونا لمجلس النواب، لذلك فهو ليس (باش كاتب) بل لديه صلاحيات معينة أعطيت له من أجل أن يكون هناك توازن».

ويرد عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب زياد أسود، على غانم، مشددا على أنه «ما دامت صلاحيات رئيس الجمهورية تقضي بأن يترأس لا أن يصوّت، فهذا يعني أنه حكم بين الجميع». ويضيف «إما أن نعطي رئيس الجمهورية حصة وزير أو اثنين في الحكومة، ونعطيه صلاحية التصويت في حين أن هذه الصلاحية مجتزأة، أو أن نعطيه لمجرد القول إننا أعطيناه حصة، وهذا ليس حجم فخامة الرئيس».