اليمن: حالة الطوارئ تثير جدلا سياسيا وبرلمانيا.. ومخاوف

أقرها البرلمان بأغلبية الحضور وحسب قانون 1963

TT

أقر مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، حالة الطوارئ التي أعلنها الجمعة يوم الماضي الرئيس علي عبد الله صالح، إثر مقتل أكثر من 50 شابا من المعتصمين برصاص قناصة، أثناء محاولة فض الاعتصام في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء الجديدة.

وصوت البرلمان بأغلبية الحضور بالمصادقة على القرار الجمهوري بإعلان حالة الطوارئ، رغم وجود أصوات معارضة داخل نواب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إزاء الخطوات الإجرائية المطلوبة من أجل التصويت على مثل هكذا مشروع، ومن هذه الأصوات النائب أحمد محمد صوفان، نائب رئيس الوزراء الأسبق، الذي تحدث في البرلمان مطولا بشأن سلبية مجلس النواب إزاء التطورات الجارية في البلاد وعدم قيامه بواجبه نحو مقتل العشرات من شباب اليمن والتوجيه بمحاسبة المتسببين، وتطرق إلى طلب الحكومة من البرلمان المصادقة على قرار إعلان حالة الطوارئ، ووصف ذلك بالقول إن «الحكومة تطلب منا التوقيع على بياض».

وتطرق صوفان، وهو من القيادات الحزبية في المؤتمر التي تحظى باحترام كبير، إلى أن مطلب الحكومة ليس مكتملا، لأنه لم يتضمن مبررات إعلان حالة الطوارئ، إضافة إلى عدم وجود قانون للطوارئ حسبما تنص المادة 121 من الدستور اليمني، غير أن سلطان البركاني، رئيس الكتلة النيابية للحزب الحاكم في البرلمان، رد عليه وقال إنه ولأول مرة منذ 23 عاما وهما زميلان في البرلمان، يجد صوفان «غير حصين»، وذلك في ما يتعلق بحديثه عن عدم وجود قانون للطوارئ. وقال البركاني إن هناك قانونا للطوارئ صدر عام 1963 ولا يزال نافذا، وأن إعلان حالة الطوارئ الذي تم في حرب صيف 1994، استند إلى ذلك القانون.

وأثار قرار البرلمان، أمس، ردود فعل رافضة ومنددة، وقالت كتلة أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة وكتلة الأحرار التي تتكون من النواب الذين استقالوا من الحزب الحاكم، إضافة إلى كتلة النواب المستقلين، إن ما جرى مخالفة دستورية، ووصفه البعض بأنه «فضيحة أخلاقية كبيرة»، وذلك لاستناد البرلمان إلى قانون صدر عام 1993. ويؤكد النواب المعارضون للنظام أن المشروع المقر «فاقد للشرعية»، بسبب إقراره «من دون نصاب» قانوني، حيث يتطلب الإقرار أن يحصل المشروع على أغلبية أصوات أعضاء مجلس النواب الذي يتكون من 300 نائب ونائبه واحدة، وليس أغلبية الحضور، وضمن ما طرحه البرلمانيون بشأن قانون 1963، أنه «شطري» وأصبح باطلا بقيام الوحدة اليمنية عام 1990، وحملوا نواب الحزب الحاكم مسؤولية تبعات ما جرى.

وتشير المعلومات إلى أن 125 نائبا فقط هم من حضروا جلسة البرلمان، أمس، وأن بعضهم لم يصوت لصالح قرار الرئيس بإعلان حالة الطوارئ. ويظهر التصويت التقلص الكبير في الأغلبية المؤيدة للرئيس اليمني الذي كان يحظى بدعم 240 نائبا من أصل 301 قبل بدء الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله في نهاية يناير (كانون الثاني).

وأكدت مصادر برلمانية أن أكثر من 50 نائبا انشقوا عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وقد قاطعوا الجلسة مع باقي النواب المعارضين والمستقلين. وبرر نائب لم يصوت لصالح القرار موقفه بغياب وجود قانون للطوارئ وبارتكاز التصويت على قانون كان يسري في شمال اليمن قبل الوحدة مع الجنوب، فيما طالب النائب الآخر بمحاسبة المسؤولين عن «المجازر» في حق المعتصمين قبل التصويت على الطوارئ.

وكان برلمانيون و«شباب الثورة» وشخصيات اجتماعية وقبلية بارزة كالشيخ صادق بن عبد الله الأحمر، شيخ مشايخ حاشد واليمن، قد استبقوا الجلسة البرلمانية بتوجيه نداء ومناشدة إلى نواب الحزب الحاكم كي لا يشاركوا في الجلسة وفي التصويت. وأعرب النواب الذين انضموا إلى الثورة عن مواقفهم، أمس، من خلال بيان تلاه النائب عبده بشر، رئيس كتلة الأحرار، في منصة ساحة التغيير بوسط العاصمة صنعاء، وبحضور ومشاركة عشرات النواب من مختلف الكتل النيابية.

وكانت حالة الطوارئ أعلنت صيف عام 1994، عندما اشتدت الأزمة السياسية بين شريكي الوحدة اليمنية حينها، وقد أعقب ذلك إعلان حرب ضروس بين الشمال والجنوب انتهت بانتصار الطرف الشمالي.

وبمصادقة البرلمان اليمني، أمس، على قرار إعلان حالة الطوارئ، بغض النظر عن الملابسات القانونية والدستورية، فإن هناك مخاوف شديدة في الشارع اليمني من قيام السلطات اليمنية باتخاذ إجراءات وممارسات أمنية، كفرض حظر تجوال والتضييق على حقوق المواطنين وحرياتهم في التظاهر والاعتصام، ويذهب البعض إلى التخوف من ممارسة قمع عنيف، كما حدث يوم الجمعة الماضي، يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا.