المرأة اليمنية تشارك في «ثورة الشباب» مع أمها وأطفالها لتقديم الدعم والمساعدة

يرددن شعارات تطالب برحيل النظام ويلقين أبياتا شعرية لدرويش في «ساحة التغيير»

TT

على الرغم من أنه لم يمر سوى شهر على ولادتها ندى، فإن زينب المزلم لم تستطع أن تبقى في منزلها دون المشاركة مع النساء في الاعتصامات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح. زينب التي تقف إلى جانب زوجها ليست وحدها، فهناك كثيرات من أترابها يقفن جنبا إلى جنب مع الشباب ومع مختلف مكونات الشعب في ساحات الاعتصام بالمدن اليمنية.

تقول زينب، وهي إعلامية، لـ«الشرق الأوسط»: «نقوم بتقديم المساعدة للثورة في كل المجالات، سواء في اللجان الطبية أو الطعام أو لجان الحراسة والنظام، فضلا عن المشاركة في قيادة الثورة»، وتشير إلى أن «هناك كثيرات من النساء الكبيرات في السن ممن جئن إلى ساحة التغيير بصنعاء للمشاركة معنا، وهناك فتيات موجودات منذ أول يوم للاعتصام إلى الآن»..

أثناء الحديث مع زينب كانت هناك إحدى النساء الكبيرات في السن تقوم بالتفاعل مع الاغاني والاناشيد التي تبث من خلال إذاعة الساحة، وتقوم بترديد شعار: « الشعب يريد إسقاط النظام «، بجانب النساء اللواتي تم تخصيص مساحة لهن في الجهة الشمالية للساحة، وبحسب الاحصائيات الرسمية فإن نصف عدد سكان اليمن هم دون الـ18عاما، وتبلغ نسبة النساء 52% ونسبة الشباب 67% من عدد السكان، وهو ما نجده منعكسا على ساحات الاعتصامات فالمرأة من مختلف الأعمار موجودة بكثافة وطوال اليوم هناك من النساء من يأتين إلى الساحة، بصحبة بناتهن وزميلاتهن وأمهاتهن للمشاركة وتقديم المساعدة.

وتقول فريدة اليريمي، عضو «ائتلاف شباب اليمن الحر» وهي من أوائل المشاركات في الاعتصام: «جئت مع ولدي وعمره 16 سنة من أجل مساندة الشباب والمطالبة برحيل النظام، ولن أرحل إلا برحيله»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المرأة هنا تقدم الكثير المساعدات، منها المشاركة في قيادة وتنظيم الاعتصام، والمشاركة في اللجان الطبية، وتقديم برامج الاعتصام على الساحة، إضافة إلى إعداد الطعام وجمع التبرعات»، وبحسب اليريمي، فإن «وجود النساء هنا يعكس وجودهن في المجتمع، وكثيرات من النساء فقدن أولادهن يوم الجمعة الدامي، ومع ذلك، هن مستمرات في نضالهن».

وعلى الرغم من الكثافة الكبيرة للرجال والزحام الشديد في ساحة الاعتصام، فإن المرأة لم تشكُ من أي مضايقة أو اعتداء. وتقول اليريمي: «وجدنا من الشباب تقديرا كبيرا واحتراما لم نجدهما في الشارع أو أي مكان آخر. هناك حماية وتعامل راق، ولقد عرفنا في هذه الساحة معنى أن تكون المرأة شريكة الرجل»، ثم تضيف: «لقد كنت المرأة الوحيدة التي شاركت في ندوة بإحدى خيام الاعتصام، وأخبرتهم أنه لو كانت هذه الخيمة في قبيلتي فلن أقدر على دخولها، وسط هذا الكم من الرجال، لكن هنا في ساحة التغيير الأمر مختلف، وأظهرتم القيم الحضارية لليمنيين».

وأثناء تجوال «الشرق الأوسط» في ساحة الاعتصام، كانت الصحافية والمذيعة مني صفوان تقدم إلى جانب أحد الشباب فقرات برنامج الاعتصام على منصة الساحة، وتردد شعارات تطالب برحيل النظام وتتلو أبياتا شعرية للشاعر الكبير محمود درويش..

لم يقتصر الأمر على ذلك، ففي الساحة من النساء من قدمن خياما ودعمن الشباب بتجهيزات متنوعة، وتقول سميحة أحمد طالب، وهي ربة بيت لـ«الشرق الأوسط» إنها قدمت للشباب خزان ماء، وخياما ومعونات غذائية، «كما أساعدهم في تجهيزات الكهرباء وتنظيف ما حول الخيام. ولن أبخل عليهم بأي شيء من أجل تحقيق مطلبنا جميعا». وسميحة أم لستة أولاد موجودين في معيتها بساحة الاعتصام، وتلفت إلى أن أحد أبنائها أصيب بالغازات التي أطلقتها قوات الأمن، ومع ذلك، فإن «أبنائي مستمرون في الاعتصام، ودائما أحثهم: إما النصر أو الشهادة»، ثم تردف السيدة سميحة أنها «تشعر براحة نفسية عند وجودها في الساحة»، وأنها تلزم نفسها، يوميا بـ«ساعة أو ساعتين للحضور من منزلي في غرب العاصمة، الذي يبعد نحو خمسة كيلومترات من الساحة، ولأنني أمتلك سيارة فإنني أقوم بتوصيل النساء من حارتي إلى هنا للمشاركة».

وتوجد في «ساحة التغيير» بصنعاء، أيضا، الكاتبة الصحافية، أفراح حامد القدسي، بصحبة ابنتيها، 4 و6 سنوات، وهما تلصقان فوق جبينيهما لافتات صغيرة كتب عليها «ارحل» ويقلن لـ«الشرق الأوسط»: «لأنه كاذب، عليه أن يرحل»، أما والدتهما فتقول: «دائما ما أدخل في جدال مع كثير من زميلاتي حول أهداف الرحيل وكيف يمكن لنا أن نبني دولة مدنية كي نعيش من أجل بلادنا وليس من أجل شخص أو حزب، وأجد من يخوفني من الاعتداء، وأن اليمن ستكون في فوضي، لكني أرد عليهن بأن اليمن منذ 33 سنة تعيش في فوضى، ولن يحدث أكثر مما قد مضى، وأقنعهن بأن الغد هو الأفضل».

ولا تخلو مشاركة النساء في «ثورة الشباب» من مضايقات يتعرضن لها من قبل أشخاص من خارج ساحة الاعتصام، وبعضهن يتعرضن لمضيقات من أسرهن لخوفهم عليهن، ومن هؤلاء النسوة سلوى، التي تعرضت للمضايقة بعد خروجها من الساحة، وتقول إن شخصا مجهولا قام بملاحقتها إلى باب منزلها وإنه «هددني بأنه سيقوم بالاعتداء علي إذا واصلت المشاركة في هذا الاعتصام، لكني أخبرته أنني لن أخاف منه وسأواصل النضال من أجل تحقيق مطلبنا»، وتضيف: «الفساد والظلم في هذا النظام يجب أن نوقفه بأي ثمن وعبر نضالنا السلمي، وتحقيق المطلب من أجل مصلحة الشعب، التي هي فوق مصلحة الرئيس وحاشيته».

أما الشابة أميرة صالح (20 عاما) فتقول إنها جاءت «بشكل عفوي» على الرغم من بعض المضايقات من قبل أسرتها، وتعتقد أن وقت التغيير حان، وأنه «لم يعد هناك مجال لنظام الشخص الواحد لأنه يكرس الاستبداد. لقد أطلقت تونس، الشرارة الأولى، ومصر تبعتها، ونحن الآن في الطريق إلى ذلك، ونحن مؤمنون بقوتنا وبقوة الشباب وقوة الشارع على تغيير أنظمتنا المستبدة».

وترى الناشطة الحقوقية انتصار سنان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ساحات التغيير ألغت السلبيات التي كانت تعترض المجتمع من قبل البعض، وأصبحت المرأة والرجل شركاء في كل شيء»، وتقول سنان، وهي إحدى مؤسسات تحالف «وطن على ساحة التغيير»، إن «المرأة الآن تتقدم الصفوف، حتى الصلاة نجد أنها تتقدم الرجال، حيث تخصص لهن مساحة قبل الرجال، إضافة إلى أنه في مناسبة عيد الأم وجدنا أن النساء احتفلن بالعيد في مشهد حاشد قل أن نجده في الأيام العادية».