سورية: عشرات القتلى والجرحى بعد اقتحام جامع في درعا.. والسلطات تتهم «عصابة مسلحة»

مصدر سوري: مليون رسالة نصية على الهواتف الجوالة من إسرائيل تدعو السوريين للشغب

محتجون سوريون يعبرون أحد شوارع درعا أمس وقد أشعلوا فيه اطارات سيارات وذلك أثناء المواجهات بين المناوئين للحكومة السورية وقوات الأمن (أ.ب)
TT

أكد شهود عيان في منطقة درعا السورية لـ«الشرق الأوسط» وقوع عشرات القتلى والجرحى فجر أمس، في الهجوم الذي شنته القوات السورية على معتصمين في المسجد العمري في درعا. وقال الشهود إن القوات السورية والأمنية اقتحمت مدينة درعا بعدما ضربت عليها طوقا أمنيا قطعت خلاله الاتصالات الهاتفية والإنترنت والكهرباء، وباشرت بإطلاق النيران من الأسلحة الخفيفة والرشاشات حتى وصلت منطقة المسجد العمري حيث قامت باقتحامه تحت جنح الظلام بعد منتصف الليل.

وأضاف الشهود أن العملية استمرت حتى الساعة الثالثة والنصف فجرا، وقد توزع القناصة في الشوارع وعلى الميادين والتقاطعات العامة. وأضاف الشهود أن عدد القتلى والجرحى بالعشرات، حيث عمدت القوات المقتحمة إلى استعمال قنابل الغازات المسيلة للدموع وأخرى للأعصاب والتي تعمل على شل الحركة والجهاز العصبي. وأشاروا إلى أنه تم اعتقال المئات، ثم نقلوا إلى سجن في منطقة لغز شمال درعا. وقال الشهود أيضا إن القوات الأمنية نقلت المصابين والجثامين من ساحة المسجد العمري. وأشار أبناء درعا الجنوبية الواقعة على الحدود مع الأردن إلى أنهم استعملوا الهواتف الجوالة على الشبكة الأردنية بعد أن قطعت الاتصالات.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشطين حقوقيين أن 15 شخصا على الأقل قتلوا أمس في درعا التي تشهد مظاهرات غير مسبوقة منذ يوم الجمعة الماضي. وقال ناشط حقوقي فضل عدم الكشف عن اسمه للوكالة: «إن عدد القتلى الذين لقوا مصرعهم إثر الهجوم الذي شنته القوات السورية على المعتصمين أمام مسجد العمري 9 قتلى بينهم امرأتان وطفل وطبيب بالإضافة إلى عنصرين من قوى الأمن».

وأضاف في وقت لاحق «لقد قتل اليوم 6 أشخاص بعد إطلاق قوات الأمن السورية النار على معزين» أثناء عودتهم من تشييع فقيدين قتلوا فجرا. إلا أن ناشطا آخر أكد في ظل تضارب في عدد الضحايا «مقتل 13 شخصا أمام جامع العمري ومن 5 إلى 6 أشخاص على الأقل إثر الاعتداء الذي حصل على المعزين». وأشار ثالث إلى أن حصيلة القتلى اليوم «بلغت 11 قتيلا من درعا وقتيلين من القرى المجاورة».

إلا أن السلطات الرسمية اتهمت «عصابات مسلحة» في درعا بالاعتداء على طاقم طبي، وقال مصدر مسؤول في بيان رسمي نقلته وكالة أنباء سانا إن «عصابة مسلحة قامت بالاعتداء المسلح بعد منتصف ليلة أمس ـ الثلاثاء ـ على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري في درعا ما أدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة». وأضاف المصدر: «قامت قوى الأمن القريبة من المكان بالتصدي للمعتدين واستطاعت أن تصيب عددا منهم وتعتقل بعضهم وسقط شهيد من قوى الأمن». وتابع أن «قوى الأمن ستواصل ملاحقة العصابة المسلحة التي تروع المدنيين وتقوم بعمليات قتل وسرقة وحرق المنشآت العامة والخاصة في درعا».

وتحدث المصدر الرسمي عن «أن العصابة المسلحة قامت بتخزين أسلحة وذخيرة في جامع العمري واستخدمت أطفالا اختطفتهم من عوائلهم كدروع بشرية، وأن قوى الأمن تقوم بملاحقة العصابة المسلحة المعتدية». وأرفق البيان بصور فوتوغرافية وشريط تلفزيوني عرضه التلفزيون السوري، قال المصدر إنها كانت للأسلحة مع رزم من النقود التي صودرت في الجامع العمري. وأشار المصدر إلى أن «العصابة المسلحة قامت بترويع سكان المنازل المجاورة للجامع العمري باحتلالها هذه المنازل واستخدامها لإطلاق النار على المارة والقادمين للصلاة وقد تصدت قوى الأمن لأفراد العصابة المسلحة وقامت بملاحقتهم لتقديمهم للعدالة».

واتهم المصدر المسؤول «جهات خارجية» بمواصلة «بث الأكاذيب عن الأوضاع في درعا». وقال إنها «تدعي وصول رسائل وصور من داخل المدينة ووقوع مجازر»، واضعا ذلك في سياق «تحريض الأهالي وترويعهم بينما يتعاون الأهالي مع قوى الأمن على ملاحقة أفراد العصابة المسلحة واعتقالهم وتقديمهم للعدالة». ولفت المصدر المسؤول إلى أن «أكثر من مليون رسالة (إس إم إس) وصلت من الخارج مصدر أغلبها من إسرائيل تدعو السوريين إلى استخدام المساجد منطلقا للشغب بينما تواصل قوى الأمن العثور على مخابئ للأسلحة المهربة عبر الحدود وأجهزة اتصال متطورة في درعا إضافة إلى مواصلتها اعتقال المجرمين وتقديمهم للعدالة».

وقد عرض التلفزيون السوري صورا عن الأسلحة والذخائر والأموال التي قالت السلطات السورية إن «العصابة المسلحة خزنتها في جامع العمري بدرعا». وأظهر شريط الصور كمية من الأسلحة بينها مسدسات وبنادق كلاشنيكوف وصناديق تحوي قنابل يدوية وذخائر ومبلغا كبيرا من المال.

ولكن النشطاء الثلاثة الذين تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية، نفوا الرواية الرسمية التي تحدثت عن ضلوع «عصابة مسلحة» بالوقوف وراء أحداث درعا. وأورد النشطاء بعض أسماء قتلى «وهم الدكتور علي المحاميد وطاهر المسالمة وماهر المسالمة وعمر عبد الوالي مسالمة وامرأة من عائلة مسالمة». كذلك نفى إمام وخطيب المسجد العمري، الشيخ أحمد الصباصنة، في تصريح لتلفزيون «العربية»، وجود عصابات مسلحة داخل المسجد. وقال: «ليس هناك عصابات مسلحة في الجامع.. المعتصمون كانوا سلميين يطالبون فقط ببعض الإصلاحات». وأضاف أن قوات الأمن المركزي السورية منتشرة في درعا وأنهم أخلوا الجامع من المحتجين.

من جهته، أكد رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري أن «بعض مطالب» المواطنين في محافظة درعا هي «مطالب محقة». وقال إن «الحكومة تدرس الآلية المناسبة لتنفيذ بعض هذه المطالب، إذ سيتم في الفترة القريبة إصدار حزمة متكاملة فيما يتعلق بالتشغيل والقوى العاملة وفرص العمل لخريجي الجامعات». واتهم عطري في مقابلة تلفزيونية جهات خارجية لم يسمها بالتخطيط «لفك اللحمة الوطنية التي نعتز بها في سورية» وقال: «هذه الأجندات بدأت تتكشف، وبعض منها يأتي مع الأسف من دول مجاورة»، مشيرا إلى «وجود مجموعة من (المندسين) الذين حاولوا ويحاولون استغلال هذه المطالب الوطنية التي ينادي بها المواطنون لكي يتم تحويلها في اتجاه آخر».

ولم يفلح الإعلاميون في الدخول إلى مدينة درعا حيث الجامع العمري يوم أمس، علما أن أكثر من فريق صحافي من مراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية كانوا قد جالوا في مدينة درعا وقراها يومي الاثنين والثلاثاء والتقوا الأهالي. وقال مصدر رسمي سوري إن «المصورين والصحافيين يطلبون الحماية من قوات الأمن الموجودة في درعا لأن رسائل تهديد بالقتل تصلهم عبر الهاتف الجوال من الخارج تحذرهم من نقل وقائع الجرائم التي ترتكبها العناصر الإجرامية المسلحة ضد المدنيين» بحسب ما قاله المصدر المسؤول. في المقابل، تشكلت يوم أمس مجموعة جديدة على صفحات موقع التواصل الاجتماعي، سمت نفسها «حركة شباب 15 آذار»، دعت إلى أن يكون يوم الجمعة يوم «جمعة الكرامة» لنصرة درعا. وعرفت الحركة عن نفسها بأنها «حركة سورية شبابية مستقلة لا تنتمي إلى أي حزب أو منظمة تهدف إلى بناء سورية أفضل وتصحيح أخطاء الحكم والمجتمع من خلال التغيير البناء».