اليمن: صالح يقترح نقل صلاحياته لحكومة انتقالية مقابل عدم التنحي.. والمعارضة ترفض

«اللقاء المشترك»: لن نقبل نصف الكعكة

يمنية تحمل شمسية لتقي طفلها حرارة الشمس بينما كتبت على عربته عبارة تطالب الرئيس علي عبد الله صالح بالرحيل وذلك في مظاهرة بصنعاء أمس (رويترز)
TT

كشفت مصادر سياسية مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، أن الرئيس علي عبد الله صالح تقدم بمبادرة سياسية جديدة إلى المعارضة بإشراكها في السلطة مقابل التنازل عن مطلب تنحيه عن السلطة، هذا في وقت خرج فيه مئات الآلاف من اليمنيين في مظاهرات بعدة مدن للمطالبة برحيله عن السلطة.

وقالت المصادر إن اجتماعات مكثفة عقدها الرئيس صالح، خلال الساعات الـ48 الماضية، مع عدد من أبرز قادة المعارضة، وتحديدا في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وذلك بهدف التوصل إلى تسوية سياسية، حيث اقترح صالح تشكيل حكومة مشتركة من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة، وأن تكون هذه الحكومة «انتقالية»، كما اقترح أن ينقل إلى هذه الحكومة صلاحياته الدستورية، مقابل البقاء في منصبه حتى نهاية ولايته عام 2013. وتضمنت مقترحات صالح، أيضا، أن يكون منصب رئاسة الحكومة من نصيب المعارضة، وتقاسم الوزارات بالتساوي، في حين أضافت مصادر إعلامية أن صلاحيات الرئيس لن تنقل بالكامل للحكومة الانتقالية المقترحة، بل سيحتفظ بصلاحياته على وزارتي الدفاع والخارجية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن شخصيات يمنية بارزة طرحت أفكار هذه المبادرة، وتواصل السعي من أجل تحويلها إلى اتفاق، وأن الجانب الأميركي لعب دورا في وضع الكثير من المقترحات، خلال الفترة الماضية، ضمن مساعيه المتواصلة منذ فترة للتوفيق بين السلطة والمعارضة في اليمن.

وفي أول تعليق لأحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، قلل الدكتور عيدروس النقيب، رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي اليمني المعارض، من أهمية ما طرح، وأكد أنه جرى الاختلاف، خلال المساعي السابقة، على مسألة التنحي وتسليم السلطات والصلاحيات لنائب الرئيس «فكيف بنا بتشكيل حكومة ونقل صلاحيات؟»، وأعطى ذلك وصفا بما معناه أنه تم الاختلاف على «الكعكة» كاملة «فما بالنا بنصف الكعكة؟».

وقال النقيب لـ«الشرق الأوسط» إنه لا أحد «يستطيع أن ينصب نفسه على طلبات الشارع اليمني الموجود في الساحات والشوارع بالملايين ويطالب برحيل النظام»، وإن هذا «أمر غير مقبول»، داعيا صالح إلى التنحي. وأشار إلى أن هذا الطلب «قبله بن علي ومبارك قبل صالح»، مؤكدا أن من حق الرئيس علي عبد الله صالح أن «نعمل له توديعا محترما ومشرفا، وأن يرتاح بعد 33 سنة في الحكم».

وأكدت أحزاب «المشترك» تمسكها بمطلب رحيل الرئيس علي عبد الله صالح و«اتهمته بالمناورة وبالإكثار من المقترحات للبقاء في السلطة». وقال الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك محمد قحطان «ليس أمام الرئيس إلا الرحيل من السلطة، وإن رمي البالونات لم يعد له معنى». ونقل موقع «الصحوة نت» المعارض عن قحطان قوله إن «الرئيس كما يبدو يطلق مبادرات تقوم على استبدال المعارضة بـ(المؤتمر الشعبي العام)، وكأن المشكلة في المؤتمر الذي يتولى الحكومة، ونحن في (المشترك) نقول له ارحل فأنت المشكلة يا افندم». وكانت مصادر صحافية تحدثت عن مبادرة جديدة تقدم بها صالح واقترح من خلالها أن يستمر في منصبه حتى موعد إجراء الانتخابات مع نقل صلاحياته لحكومة انتقالية.

في هذه الأثناء، شهدت الكثير من المحافظات اليمنية، أمس، مظاهرات حاشدة للمطالبة بإسقاط النظام، إلى جانب استمرار الاعتصامات في ساحات الحرية والتغيير، ولأول مرة منذ اندلاع «ثورة الشباب»، شوهدت مظاهرات حاشدة تجوب شوارع العاصمة صنعاء وهي تهتف بسقوط النظام و«ارحل يا علي». وقد توجهت تلك المجاميع إلى «ساحة التغيير» أمام جامعة صنعاء للالتحاق بالمعتصمين، كما شهدت محافظة إب ومحافظات أخرى مظاهرات مماثلة. وجميع المظاهرات، تقريبا، وإلى جانب المطالبة برحيل النظام، ندد المشاركون فيها بـ«مجزرة» أبين، التي سقط فيها أكثر من 170 مدنيا، في تفجيرات وقعت بمصنع للذخيرة بمدينة جعار، واتهم المتظاهرون السلطات بالتورط في الحادث من خلال سحب قوات الأمن والجيش المرابطة لحماية المصنع، الأمر الذي سهل لمن يعتقد أنهم عناصر من تنظيم «القاعدة» الدخول إلى المصنع والعبث بمحتوياته، وهو ما أدى إلى انفجاره في المدنيين الذين حاولوا الاستيلاء عليه.

ونظم ائتلاف «شباب الثورة» في ساحات الاعتصامات بالمحافظات، فعاليات بمناسبة ما أطلق عليه «يوم الشهيد»، حيث قتل أكثر من 100 متظاهر من الشباب في صنعاء وعدن في قمع قوات الأمن ومن يسمون «البلطجية» للمعتصمين سلميا.

إلى ذلك، واصلت المجاميع القبلية في التوافد على «ساحة التغيير» بصنعاء لإعلان الانضمام إلى الثورة وتأييدها وتأييد مطالبها. فقد انضمت، أمس، قبائل من منطقة الحيمة بمحافظة صنعاء، كما انضم إلى الساحة الآلاف من سكان حي «ميدان السبعين» الذي تقع فيه «دار الرئاسة»، وهو قصر الرئيس صالح الذي به منزله ومكتبه.

ولم يقتصر الأمر على انضمام رجال القبائل فقط إلى «ثورة الشباب»، فقد انضم، أمس، المئات من الرياضيين الذين خرجوا في مسيرة استقرت في «ساحة التغيير» بصنعاء، وتقدم هؤلاء الرياضيين، نعمان شاهر، رئيس الاتحاد العربي للجودو، وخالد مقبول القادري، مدرب المنتخب اليمني للجودو، وكذا بطل الجمهورية اليمنية للتايكوندو، أنس عقلان.