اليمن: أفق التسوية.. ومخاوف السلاح والاقتتال الداخلي

اليمن يدخل منعطفا خطرا مع وصول الحوار إلى طريق مسدود

TT

دخل اليمن منعطفا خطيرا مع وصول أفق الحوار السياسي إلى طريق مسدود، وقد أفادت مصادر محلية متعددة أن عددا من معسكرات الجيش والمواقع العسكرية والأمنية غادرت مواقعها في أكثر من محافظة يمنية جنوبية نحو العاصمة صنعاء، في ظل ما يشبه «التدهور الأمني»، في أنحاء متعددة من البلاد.

وتقول مصادر محلية إن معسكرات ووحدات أمنية يمنية، سلمت معداتها العسكرية الثقيلة واتجهت نحو العاصمة صنعاء، دون تأكيد رسمي، فالمواقف الرسمية تؤكد، بصورة متواصلة، أن قادة الألوية العسكرية وضباطها وأفرادها، يواصلون التأكيد على «ولائهم» لنظام الرئيس علي عبد الله صالح، وهو الأمر الذي لم يكن معهودا؛ فالمؤسسة العسكرية، طالما كانت حصنا منيعا أمام أي تطلعات وطموحات لاختراقها أو «الاقتراب» منها، ولم تكن وسائل الإعلام، في أي مكان، تجرؤ على تناول قضاياها، حتى وسائل الإعلام الرسمية لم تكن لتتحدث عن نفي قائد عسكري أو معسكر أي نوع من «التمرد» بأي صورة من الصور، لكن في الوقت الراهن بات الأمر مختلفا.

فمنذ انسلاخ أو انشقاق جزء غير محدود من أفراد الجيش اليمني وقوات الأمن، كضباط وصف جنود، عن مؤسساتهم أو انضمامهم إلى «ثورة الشباب»، باتت المؤسسات الرسمية اليمنية «تلاحق»، يوميا، أنباء هذه الانشقاقات، وتسعى إلى نفي هذه الانشقاقات التي باتت «موضة» و«حديث الساعة»، في أجزاء عديدة من البلاد، فلا تكاد تمر دقيقة إلا ووسائل الإعلام الحديثة، وخدمات الهاتف الجوال، تنفي ما نقل في وسائل الإعلام الأخرى، وأحيانا، ما لم ينقل.

هناك مخاوف متفاقمة في ساحة سياسية يمنية مشتعلة.. هناك تهديدات من قبل أطراف رسمية في قمة هرم السلطة بحروب أهلية ضروس، وهناك في ساحات الاعتصام، في جل المحافظات، ما يصفه المراقبون بالإصرار والعزيمة القوية والهادفة إلى إسقاط نظام الحكم. وبعيدا عن أطراف «العملية» أو «اللعبة السياسية»، فلا ينكر المراقبون وجود أزمة.

وبحسب إفادات شهود العيان، فإن معظم المحافظات اليمنية باتت تعيش تحت «وضع أمني صعب»، بعد أن انسحبت قوات من الجيش والأمن نحو العاصمة صنعاء، لكن مصادر محلية تؤكد أن انسحاب قوات الأمن والجيش اقتصر على مناطق معينة يعتقد أنها «مسرح» لما يعتقد أنها ساحات مواجهة معينة، لكنها ما زالت مستمرة في مناطق حساسة وذات أهمية بالنسبة للنظام.

وبالقدر الذي استبشرت به قطاعات واسعة من الراغبين في رحيل نظام صالح، فإن مخاوفهم ازدادت مع تحركات مقربيه وإحكام سيطرته على مؤسسات أمنية ذات تأثير ميداني مباشر، لكن الأمر، الأكثر خطورة، هو انتشار «المؤيدين المسلحين»، فهؤلاء الذين لا يخضعون للسيطرة الأمنية، هم أكثر إخافة من غيرهم من الجيش النظامي.

ويعتقد البعض من المراقبين أن صالح سلح «ميليشيات» قبلية، ربما تقوم بأعمال «انتقامية» ضد معارضيه، خاصة أنه خلال الفترة الماضية أجرى سلسلة لقاءات بزعامات قبلية من مختلف المناطق، دون «أجندة معينة»، وتزامن ذلك مع «تمسك» منه ببقائه في السلطة حتى نهاية ولايته. ويقول الكاتب والباحث السياسي اليمني عادل الأحمدي إن لديه معلومات أكيدة بأن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم قام بتوزيع أسلحة على مواطنين من أنصاره، لكن الأحمدي يقلل من أهمية هذه الخطوة ومن المخاوف بشأن المواجهات، وذلك بسبب أن الشعب اليمني جميعه مسلح، ويعتبر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «توازنا في السلاح باليمن»، ويقول إن «أي مواطن لا يحتاج لأن يكون منتميا للحزب الحاكم أو غيره كي يحصل على السلاح، لأن الشعب مسلح أصلا».

في المقابل، توجه وسائل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الاتهامات لعناصر مسلحة في أحزاب «اللقاء المشترك»، وتحديدا أنصار الشيخ حميد عبد الله الأحمر أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المعارضة، بارتكاب حوادث أمنية وإطلاق النار على أنصار الحزب الحاكم، وتتهمه والمعارضة صراحة، بأن لديهم عناصر مسلحة.

وإذا ما أخذت هذه المساءل في سياقها الراهن، فإنها مؤشرات مخيفة لكثير من الناس، وبالأخص العامة، من تطورات المشهد في الأيام القليلة المقبلة، أما إذا ما أخذت في سياق «المناكفات» السياسية، فقد تكون هذه الطروحات، حسب المراقبين، مجرد أوراق ضغط سياسية «ستتلاشى مع أي اتفاق سياسي».