لبنان: البطريرك الراعي يدخل على خط التشكيل ويعتبر حكومة اللون الواحد غير دستورية

سلهب لـ«الشرق الأوسط»: نحن نحترم رأيه وعليه أن يحترم رأينا القائل بأن المطلوب ليس حكومة تكنوقراط

TT

دخل البطريرك الماروني الجديد بشارة بطرس الراعي على خط تأليف الحكومة بعد أقل من أسبوع على تنصيبه رسميا. وفي أول موقف سياسي له بهذا الوضوح وهذه الصراحة، أعلن الراعي أنه «ضد تشكيل حكومة من لون واحد لأنها تخالف الدستور»، مطالبا «بحكومة تكنوقراط إلى حين اتفاق المسؤولين فيما بينهم، وإرضاء الطبقات السياسية عبر المحاصصة». وأشار الراعي إلى أن «كل الأمور في لبنان معطلة، تماما كالحياة السياسية والاقتصادية بانتظار تصريف الأعمال».

موقف البطريرك الجديد أثار حفيظة قسم كبير من قوى الأكثرية الجديدة التي فضلت عدم الرد المباشر واعتبار ما صدر عنه موقفا شخصيا لا يلزم البطريركية. وفي هذا الإطار، أوضح عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب سليم سلهب أنه «ومنذ البدء أعلن التيار الوطني الحر أنه لا يتفق على كل الملفات السياسية مع البطريرك الجديد» لافتا إلى أنه «للبطريرك الراعي رأيه الذي نحترمه وبالتالي عليه أن يحترم رأينا القائل بأن المرحلة الحالية تتطلب حكومة سياسية تتخذ قرارات سياسية بمواجهة الاستحقاقات الكبرى التي تنتظرنا وليس حكومة تكنوقراط من دون طعم ولا لون».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، رأى سلهب أن «البطريرك الراعي يتخذ المواقف التي يراها مناسبة وفقا لمعطياته» وأضاف: «من الأساس كان للبطريرك الراعي مواقف مختلفة عن موقف مجلس المطارنة ولكننا نأمل أن يتم تنسيق المواقف الكبرى مع جميع الفئات خاصة إذا كانت مواقف قد تعوق وتعرقل مسيرة معينة».

بدورها، أثنت مصادر تيار المستقبل على موقف البطريرك الراعي معتبرة أنه «كان واضحا جدا برفضه حكومة اللون الواحد». ورأت المصادر وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «موقف الراعي عبارة عن رسالة كبيرة جدا من رجل كبير بموقع كبير» مذكرة أن «حديث البطريرك يتوافق تماما مع موقف دار الفتوى من الملف الحكومي ومن حكومة اللون الواحد».

إلى ذلك، استمر الغموض سيد الموقف حكوميا، ففيما كشفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن هناك فرملة حكومية بانتظار تبلور الوضع الإقليمي والعربي متحدثة لـ«الشرق الأوسط» عن إمكانية عودة الـ«س-س» معدلة للعب الدور الأبرز في المرحلة المقبلة، جزم الدكتور خلدون الشريف المقرب من رئيس الحكومة المكلف أن «لا تدخلات خارجية تعوق التأليف» مؤكدا أن «العقد داخلية وأن المخارج قيد التظهير وقد تبدأ بالظهور خلال ساعات».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» قال الشريف: «الأمور تتقدم وقد دخلنا الشوط الأخير من التشكيل الذي سينتهي إلى حكومة يرضى عنها الرئيس ميقاتي والأكثرية الجديدة وتريح الشارع اللبناني». وعما يعممه نواب تكتل التغيير والإصلاح عن أن لا اتفاق بعد لا على حجم الحكومة أو على الحقائب قال الشريف: «التوافق على هذه الأمور يتم في الربع الساعة الأخيرة ونؤكد أن ولادة الحكومة لن تطول».

ورفض الشريف ما يحكى عن تدخل سوري يكبح التقدم الحكومي وقال: «كل بلد مجاور مشغول بملفاته الداخلية ولا وقت له للالتفات إلى وضعنا علما أننا بأمس الحاجة لحكومة تواكب تطلعات الشعب اللبناني التي باتت بحدها الأدنى والتي تتكسر على حائط الطائفية كما تواكب الاقتصاد اللبناني الذي لا يتطور قيد أنملة رغم أن كل الظروف مواتية لانطلاقها بشكل براق».

ووصف وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي والذي دخل حديثا ومباشرة على خط المشاورات الحكومية الحاصلة مع الرئيس ميقاتي، اللقاء الخماسي الأخير في فردان «بالإيجابي من كل الجوانب وبأنه يبشر ببداية جدية»، معربا عن أمله في «الوصول إلى نتائج إيجابية بالأفكار والاقتراحات والمعطيات الحالية». وإذ تمنى أن «تصل المفاوضات إلى نتائج قريبة»، رفض العريضي «إعطاء مهلة محددة لتشكيل الحكومة»، وأضاف: «فلنصبر على الدهر ولننتظر ماذا يحضر لنا».

بدورها، اعتبرت قوى المعارضة الجديدة أن الحكومة دخلت في غيبوبة نتيجة الصراعات الداخلية لفريق 8 آذار وبسبب ضغوطات إقليمية تدفع باتجاه مزيد من التروي في عملية التشكيل. وفي هذا الإطار، استغرب وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال بطرس حرب «التأخير في تشكيل الحكومة وطريقة سير الأمور بطريقة غريبة تشبه طفلا جديدا يرضع من الديمقراطية».