موازنة فلسطينية «متأخرة» لـ2011 بـ3.7 مليار دولار تهدف إلى تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية

رفعتها حكومة تصريف الأعمال للرئيس.. ونقابة الموظفين ترفضها وتؤكد أنها ستعتمد على الفقراء عبر فرض ضرائب

TT

أقرت حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية، موازنة العام الحالي 2011 في جلسة استثنائية عقدت، أول من أمس، في وقت متأخر، وأحالتها للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للمصادقة عليها وإقرارها بقانون، في ظل غياب المجلس التشريعي.

واضطرت الحكومة لعقد الجلسة قبل نهاية الشهر الحالي، وأقرت الموازنة، بانتظار أن يقرها الرئيس، قبل أن يتعطل العمل المالي الحكومي، مع بداية هذا اليوم، إذ ينص الفصل الأول لقانون الموازنة على توقف الإنفاق بعد 3 شهور من السنة المالية من دون إقرار الموازنة.

وحتى يقر الرئيس الموازنة، ستتوقف الوزارات عن إبرام عقود جديدة أو إجراء تعيينات.

وحسب القانون؛ يُقدم مشروع الموازنة للمجلس التشريعي لإقراره بندا بندا، وبسبب تعطل أعمال المجلس التشريعي، فقد تم تنسيبه للرئيس لإقراره بقانون.

ويبلغ حجم الموازنة للعام الحالي نحو 3.7 مليار، وقد أعدت لتحقيق «الأهداف الموضوعة في خطة الحكومة الـ13 للسنة الثانية في بناء مؤسسات الدولة، وإنهاء الاحتلال (موعد مع الحرية)» حسب ما جاء في بيان حكومي.

وقالت الحكومة إن مشروع قانون الموازنة العامة لهذا العام يمتاز بتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، والمحافظة على معدل النمو الاقتصادي في العام الحالي بحدود ما تحقق في العام الماضي (نحو 9 في المائة)، كما يستهدف مشروع القانون خفض العجز الإجمالي من 21 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، إلى 17 في المائة في العام الحالي.

ووفق مشروع الموازنة المقدم للرئيس الفلسطيني، فإن الموازنة الجديدة تتوقع زيادة في حجم الإيرادات خلال العام الحالي لتصل إلى 2.25 مليار دولار، أي بزيادة تصل نسبتها إلى 11 في المائة مقارنة مع عام 2010، وبحيث تغطي ما نسبته 66 في المائة من حجم النفقات الجارية، التي تتراوح نسبتها بين 26 و27 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

أما بخصوص النفقات في عام 2011، فيشير مشروع قانون الموازنة إلى ارتفاع في فاتورة الرواتب لتصل إلى 1.71 مليار دولار، أي بزيادة 6 في المائة مقارنة مع العام الماضي، الأمر الذي يعكس علاوة غلاء المعيشة والارتفاع الطبيعي المتصل بالأقدمية والترقيات.

وينطوي مشروع قانون الموازنة على ضبط النفقات التشغيلية في عام 2011، لتكون بسقف 1.36 مليار دولار، أي في حدود ما كانت عليه في العام الماضي، كما يتضمن مشروع قانون الموازنة تخفيضا في النفقات المتصلة بقطاع الكهرباء بما يعكس استمرارا في تحسن الجباية، وفي إدارة هذا القطاع بشكل عام، ونتيجة لذلك أمكن توفير ما يكفي من موارد لزيادة النفقات التحويلية بنسبة 18 في المائة، سيتم استغلالها لصالح شبكة الأمان الاجتماعي، كما ستزداد النفقات الجارية للتربية والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية بنسبة 4 في المائة، لتصل إلى 41 في المائة من إجمالي الموازنة، وهو ما يعكس الأهمية التي توليها السلطة للنهوض بهذه القطاعات.

ومقابل ذلك، ارتفعت قيمة النفقات التطويرية، وفق مشروع قانون الموازنة، بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 500 مليون دولار في عام 2011، بينما انخفضت قيمة العجز المالي الحالية لتصل إلى 967 مليون دولار، ويتوقع أن يتم تغطية هذين البندين من قبل الجهات المانحة.

واستحدث الحكومة بندا في موازنة السلطة الوطنية لدعم «حراس الأرض»، ويقضي بتوفير دعم مالي شهري منتظم للعائلات المقيمة بصورة دائمة في التجمعات البدوية في المناطق المهمشة والمتضررة من الجدار والاستيطان.

ويبقى للرئيس حق قبول أو رفض أو طلب تعديل بنود الميزانية. ويعتقد أنه سيبت فيها سريعا، غير أن نقابة الموظفين العموميين، وهي أكبر نقابة في الأراضي الفلسطينية، رفضت الموازنة، وطلبت من الرئيس عدم إقرارها.

واعتبر بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية أن قانون الموازنة «شأن شعبي بامتياز»، وقال في بيان إن «من يقره هم ممثلو الشعب (المجلس التشريعي)، وبما أن المجلس التشريعي معطل، فعلى الحكومة التواصل مع كل الفئات، وعلى رأسها ممثلو الكتل البرلمانية والنقابات، وعدم الخضوع لإملاءات البنك الدولي، الذي كان سببا مباشرا في الهبات الشعبية في المنطقة».

ووصف زكارنة، الموازنة بأنها تحوي «قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه الحكومة»، وأردف: «وبشكل خاص ما تم تلخيصه بكلمة (الاعتماد على الذات) وهي بالفعل اعتماد على الفقراء والشركات التي لا تجد رواتب العاملين فيها، من خلال فرض ضرائب غير مسبوقة، وعدم دفع علاوة غلاء المعيشة».

وكانت الحكومة نفت في وقت سابق أنها ستقر ضرائب جديدة، وقالت إنها ستحسن جباية الحالية وحسب. وأضاف زكارنة أن «الاعتماد على الذات هدف يجب أن يبقى، وأن يكون من خلال حفر آبار غاز أو بترول أو دعم الزراعة وتسويقها دوليا وفتح مشاريع إنتاجية وصناعة ومحاربة المستورد وبرامج تطويرية، وليس فرض ضرائب، مؤكدا أن النقابات ستواجه بقوة بنود هذه الموازنة، التي لا تراعي مطالب الموظفين المقدمة للجنة الدائمة للحوار مع النقابات».

وقال زكارنة: «تحاول الحكومة أن تظهر دعمها للشرائح الاجتماعية، وهذا غير دقيق، وخاصة أن ما يدفع للعائلة أحيانا، كل 3 أشهر، لا يزيد عن 700 شيقل، علما بأن المواطن الفلسطيني لا يطلب المساعدة، وإنما فرص عمل».

وأكد زكارنة أنه «من الأهم والواجب أن يكون ضمن الموازنة خطة لمواجهة جنون الأسعار ودفع غلاء معيشة 29 في المائة للموظفين، حسب تقرير مركز الإحصاء ودعم المنتجات الأساسية بنسبة 44 في المائة».

وناشد زكارنة أبو مازن لعدم اعتماد قانون الموازنة وإجراء حوار مع النواب والنقابات، مؤكدا أن الوضع الفلسطيني الحالي جعل الفلسطيني يتعامل مع حكومة مستقيلة لإنجاح مبادرة الرئيس لإنهاء الانقسام، والجميع يقبلون أن تستمر عملية الصرف بنسبة 1/12 من موازنة 2010 لحين إعداد موازنة مقبولة.