مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: القذافي يمكن أن يرحل في أي وقت وحالته النفسية متدهورة

العقيد منع أعضاء الحكومة من السفر خارج البلاد.. وأصيب بحالة وجوم بعد انشقاق كوسا

ثوار ليبيون يتبادلون إطلاق النار مع قوات القذافي خارج مدينة البريقة (أ.ب)
TT

قالت مصادر ليبية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يفرض حظرا، منذ بداية الانتفاضة الشعبية ضده، على سفر كبار مسؤولي الحكومة الليبية إلى الخارج، خوفا من أن يستقيلوا من مناصبهم، أو يعلنوا انشقاقهم عن نظام حكمه.

وكشفت المصادر المقربة من العقيد القذافي لـ«الشرق الأوسط» أن القذافي أصيب بصدمة عنيفة وحالة من الوجوم بعدما تم إبلاغه بنبأ انشقاق موسى كوسا، وزير الخارجية، وانتقاله إلى لندن بعدما حصل على ضمانات أميركية وبريطانية باعتباره شاهد ملك ضد نظام القذافي.

وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن كوسا خرج إلى تونس في مهمة رسمية تم تكليفه بها من قبل القذافي لإجراء محادثات مع دول التحالف الغربي للبحث عن حل، مشيرة إلى أن كوسا قرر مغادرة منصبه بعدما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، وأيقن أن النظام على وشك السقوط.

ولفتت المصادر إلى أن رئيس جهاز المخابرات، أبو زيد عمر دوردة، ورئيس البرلمان، محمد أبو القاسم الزوي، بالإضافة إلى الدكتور البغدادي المحمودي، رئيس الحكومة في طريقهم إلى الانشقاق أيضا على نظام القذافي، مشيرة إلى أن هؤلاء المسؤولين الثلاثة أوعزوا إلى مقربين منهم بهذا الاتجاه في الآونة الأخيرة.

كما علمت «الشرق الأوسط» أن الدكتور شكري غانم، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا قد أبلغ بعض مساعديه ورؤساء شركات نفطية أجنبية خارج ليبيا أنه غير راض تماما عن تطورات الوضع الراهن، وعن الطريقة التي يتعامل بها القذافي مع الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت مختلف المدن الليبية منذ شهر فبراير (شباط) الماضي.

وقالت المصادر إن القذافي بدأ يشعر بالوحدة والعزلة، وأن سلوكه الشخصي تغير على نحو متسارع منذ آخر ظهور علني له يوم الثلاثاء الماضي، موضحة أن القذافي مع ذلك لم تصدر منه أي بادرة يمكن اعتبارها علامة على الاستسلام والاستعداد لمغادرة ليبيا كحل نهائي وأخير.

لكن القذافي تجاهل أمس هذه التطورات وعاد ليحذر مجددا القوى الغربية من أن الضربات الجوية المتصاعدة ضد بلاده فجرت حربا بين المسيحيين والمسلمين يمكن أن تخرج عن السيطرة.

وقال القذافي في كلمة مكتوبة تليت في التلفزيون الحكومي، دون أن يظهر شخصيا: «إذا استمروا فإن العالم سيدخل في حرب صليبية حقيقية. لقد بدأوا شيئا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه».

وأضاف: «إن الحكام الذين قرروا شن حرب صليبية بين المسلمين والمسيحيين عبر البحر الأبيض المتوسط، والذين خرجوا عن القانون الدولي وعن ميثاق الأمم المتحدة تسببوا في دمار البحر المتوسط وشمال أفريقيا وقتلوا أعدادا كبيرة جدا من المدنيين في ليبيا.. هؤلاء الذين أصيبوا بجنون القوة ويريدون فرض قانون القوة على قوة القانون».

وتابع القذافي، وفقا للبيان: «إنهم تسببوا في تدمير المصالح المشتركة بين الشعب الليبي وشعوبهم، وقوضوا السلام وأبادوا مدنيين ويريدون أن يعيدونا إلى العصور الوسطي».

ولم يظهر القذافي علانية منذ الأسبوع الماضي، بعدما بث التلفزيون الرسمي لقطات قال إنها لسيارته وهو بداخلها لكن لم تتبين ملامحه، علما بأن القذافي خاطب الليبيين عدة مرات من الساحة الخضراء القريبة من مقره الحصين في ثكنة باب العزيزية في طرابلس.

ويقول مسؤولون ليبيون إن القذافي أجبر على تغيير جدول أعماله المعتاد بعد ضربة جوية أصابت مقره الرئيسي مؤخرا.

وفي وقت سابق، قال موسى إبراهيم الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية، إن «القذافي سيبقى في ليبيا حتى النهاية» لقيادتها للنصر على أعدائها، على حد تعبيره. واعتبر إبراهيم أن الضربات الجوية الغربية ضد ليبيا لم تؤد إلا إلى توحيد قيادتها العليا ضد «عدو واضح»، مضيفا للصحافيين في طرابلس أنه إذا كانت لهذا «العدوان» من أثر فإنه أدى فقط لالتفاف الشعب حول القائد وتوحيد الشعب الليبي. وتابع: «إن الناس أصبحوا يرون الآن (عدوا واضحا)».

وسئل إبراهيم عما إذا كان القذافي وأبناؤه ما زالوا في البلاد فقال: «اطمئنوا.. كلنا هنا وسنظل حتى النهاية. هذه بلادنا». واستطرد: «إن الحكومة الليبية قوية على كل الجبهات».