الحكومة المصرية ترجئ الحوار الوطني وسط انتقادات واسعة لجلسته الأولى

عبد العزيز حجازي لإدارة الملف

TT

قرر مجلس الوزراء المصري إرجاء جلسات الحوار الوطني مؤقتا وتكليف رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عبد العزيز حجازي بتولي ملف الحوار الذي جاء مشهده الافتتاحي مخيبا للآمال، على خلفية انتقادات وُجهت لجلسته الأولى بشأن غياب رؤية واضحة للحوار وسوء التنظيم، واستبعاد قوى سياسية رئيسية في البلاد. وسخر نشطاء من جلسات الحوار قائلين: «ما زال النظام يعتمد على التكتيكات ذاتها؛ فبعد (غزوة الجمل) يستخدم اليوم (حوار الجمل)»، في إشارة إلى نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل المكلف بإدارة الحوار الوطني، الذي أُبعد من تولي الملف.

وقال بيان صدر عن مجلس الوزراء، أمس: إنه تقرر نقل إدارة الحوار الوطني خارج مظلة الحكومة، على أن يقتصر دورها على توفير ما يلزم لإنجاح الحوار.

واتفق المؤتمرون على أن الجلسة الأولى افتقرت إلى التنظيم وقالوا إنه من غير المعقول أن تتم دعوتنا صباح يوم الحوار.. وشكوا من عدم الإعداد الجيد لحوار يفترض فيه رسم مستقبل مصر ووضع عقد اجتماعي جديد.

ورد نائب رئيس الوزراء بقوله: «إن جلسة الأربعاء الماضي كانت جلسة إجرائية لإطلاق الحوار، ومن المقرر تخصيص الجلسات الأربع التالية لوضع أسس الحوار والتوصل إلى الشكل النهائي للورقة الأساسية التي ستطرح للحوار الشامل والاتفاق على الموضوعات التي يتناولها».

وأثار حضور رموز محسوبين على النظام السابق استياء الحضور، وقال الناشط السياسي جورج إسحاق، المنسق العام السابق لحركة «كفاية»، الذي شارك في الجلسة الأولى: «لقد واجهت انتقادات شديدة في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي (جمعة الإنقاذ).. وسألني الناس في الميدان: كيف تجلس مع هؤلاء؟».

وشارك من رموز الحزب الوطني الديمقراطي الدكتور حسام بدراوي، الذي استقال من الحزب لاحقا بعد أن أمضى أيامه الأخيرة قبل تخلي مبارك عن السلطة في البلاد كأمين عام للحزب، بالإضافة إلى هاني عزيز، رجل الأعمال القبطي.

وتابع إسحاق: «رفضنا وجودهما ولا نقبل أي مصالحة مع أي من رموز النظام السابق، وأعلنت ذلك في الجلسة كما أعلنه عصام العريان (عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين)، وسكينة فؤاد (صحافية وقيادية بحزب الجبهة الديمقراطية)»، مشيرا إلى أنهما لم يعلقا على موقفنا، قائلا: «قعدوا ساكتين طبعا.. يردوا يقولوا إيه؟».

وأكد إسحاق أن الحوار لم يتبلور بعدُ، وما زال في أول الطريق، لافتا إلى وجود اقتراح بتشكيل لجان مختلفة «لكي لا نهدر الوقت»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم يتحول الحوار لحوار مؤسسي يرفع توصياته للحكومة والمجلس لن يفضي إلى أي نتيجة».

ويهدف الحوار، بحسب تصريحات للدكتور عصام شرف، رئيس حكومة تسيير الأعمال الذي يحظى بتأييد واسع، إلى بناء توافق وطني حول المبادئ الأساسية الحاكمة والآليات لوضع رؤية مستقبلية لعقد اجتماعي جديد، يحدد الإطار العام لتحديات عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي التي أفرزتها ثورة «25 يناير».

لكن انتقادات عدَّة واجهت انطلاق الحوار، أبرزها: غياب ممثلين عن الأحزاب الرئيسية في البلاد. وقال الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع اليساري لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحزب لم يتسلم دعوة حتى الآن»، مؤكدا أن «(التجمع) لا يمانع من المشاركة بشرط أن تصلنا الدعوة في وقت مناسب».

وعلق السعيد على جلسات الحوار ساخرا بقوله: «هم دلوقتي بيغشوا»، وتابع: «وكأنه لا توجد قدرة على الابتكار، هم يسيرون على خطى عبد الناصر حين شكل لجنة المائة لمناقشة رؤوس موضوعات، وهو ما أفضى إلى المؤتمر القومي الذي أنتج الميثاق».

من جهته، رفض الدكتور عصام العريان، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان والمتحدث الإعلامي، الدعوة المتأخرة للحوار الوطني، وعدم وجود جدول عمل أو معلومات خاصة باللقاء.

وانتقد، خلال كلمته في الحوار، عدم وضوح الهدف والمنتج المنتظر أن تخرج به هذه اللقاءات والسقف الزمني لها، مشيرا إلى أنه سمع أن هذا اللقاء للتمهيد لوضع دستور جديد. وأعرب عن خشيته من أن يكون منتج هذا الحوار معدا سلفا، وجاءت دعوتهم لإقرار هذا المنتج في وقت محدد.

ورفض العريان دعاوى المصالحة مع رموز النظام القديم، وقال في تصريحات للموقع الرسمي للجماعة: «نحن نتحدث عن نظام وليس عن مواطنين، فلا أحد يستطيع إقصاء المواطنين، والنظام إما أن ينتهي بكل رموزه، وإما أن تظل الثورة مستمرة».