الأمم المتحدة تدعو دمشق إلى احترام حقوق الإنسان.. والأسد إلى الحوار مع المتظاهرين

إدارة أوباما مترددة وحذرة في التصرف حيال الاضطرابات في سورية

TT

بينما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، أن بان كي مون «قلق بشدة» إثر سقوط قتلى مدنيين في سورية خلال المظاهرات التي اندلعت، أول من أمس، تبدو إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مترددة في أن تلقي بثقلها إلى جانب المتظاهرين المناهضين للنظام السوري، على الرغم من الصعوبات التي يسببها لها منذ وقت طويل.

وذكر بيان صدر عن المتحدث باسم بان كي مون بمناسبة زيارة الأخير لكينيا أن «الأمين العام قلق بشدة على الوضع في سورية حيث سقط عدد آخر من المدنيين خلال المظاهرات الشعبية الأخيرة»، وأضاف أن الأمين العام «يأسف لاستخدام العنف ضد متظاهرين مسالمين، ويدعو إلى وقفه فورا»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتظاهر آلاف السوريين الجمعة مطالبين بالحرية، وقتل تسعة أشخاص على الأقل وأصيب العشرات برصاص قوات الأمن، وفق ناشطين وشهود. وتابع البيان أن «الأمين العام يجدد دعوته الحكومة السورية إلى احترام التزاماتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان».

وإذ أخذ بان كي مون علما بالنية التي أعلنتها الحكومة السورية للقيام بإصلاحات، أبدى «اقتناعه بأن لا حل آخر سوى الحوار الفوري حول إصلاحات شاملة تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري».

إلى ذلك، حيا المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، الجمعة «شجاعة وكرامة» المتظاهرين في سورية، منددا بأعمال العنف السياسية التي أسفرت عن تسعة قتلى إضافيين.

وكعادة واشنطن منذ بدء الاضطرابات، دعا كارني الحكومة السورية إلى احترام حقوق الإنسان والسماح بقيام مظاهرات.

لكن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ذكرت خلال الأيام الأخيرة أنه لا مجال للمقارنة بين الوضع في دمشق وذلك السائد في ليبيا التي تشهد تدخلا عسكريا غربيا ضد نظام معمر القذافي.

وتأتي الاضطرابات في سورية بعدما اختارت الولايات المتحدة، بعد أعوام من التوتر مع دمشق، أن تعين سفيرا جديدا لدى هذا البلد، مما يعتبر رهانا على حوار مع النظام السوري الذي يثير تقاربه مع إيران قلق الدول الغربية.

وقال مراقبون في واشنطن إن الحذر الذي لا تزال الإدارة الأميركية تبديه سببه أنها لا تزال ترى حتى الآن أن الأسد ستكون له الكلمة الأخيرة في مواجهة المتظاهرين، معولا خصوصا على أجهزته الأمنية القوية.

وقال المعارض السوري عمار عبد الحميد، الذي يترأس مؤسسة «ثروة» إن الولايات المتحدة ستقبل بالتغيير عندما يحصل.

ورأى أن واشنطن «تخشى» حتى الآن «ألا يتنحى الأسد بسهولة وأن يتمكن من خلق وضع صعب قد يفضي إلى سيناريو حرب أهلية».

وفي رأي مارينا أوتاواي مديرة الأبحاث حول العالم العربي في مؤسسة «كارنيغي»، فإن الولايات المتحدة تتعامل مع الثورات العربية، كل منها على حدة، لافتة إلى أن دعمها للتغيير في تونس ثم في مصر لا يعني أنها ستتبنى الموقف نفسه في سورية. وأشارت أوتاواي إلى خطر ظهور التيار الإسلامي في حال تغيير النظام، وذلك على الرغم من سحق الإخوان المسلمين في عام 1982 إبان رئاسة حافظ الأسد والد بشار.

وأوضحت أنه لا أحد يعلم أين هم الإخوان اليوم، وخصوصا أن معلومات المسؤولين الأميركيين عن المشهد السياسي في سورية، هي أقل مما يعلمه هؤلاء عن مصر وتونس.

وتوقعت أوتاواي أن يتعاطى الجانب الأميركي ببراغماتية مع الحالة السورية على المدى المنظور، لكنها تداركت: «إذا تواصلت الحركة الاحتجاجية وأظهرت إمكان حصول تغيير، فالأفضل للولايات المتحدة عندها أن تتعاون مع المتظاهرين».

وتحدث دبلوماسي أوروبي في واشنطن هذا الأسبوع عن المخاوف التي تتقاسمها بلاده مع الولايات المتحدة.

ولاحظ هذا الدبلوماسي، الذي رفض كشف هويته، أن في سورية «شبكات إسلامية أكثر من ليبيا، إضافة إلى علاقات مع إيران وحزب الله»، وأضاف أن «الهدف ليس الإطاحة بالأسد ولا استبدال نظام موال لإيران به». لكن عبد الحميد اعتبر أن هذا الحذر لا يجدي، مذكرا بالعلاقات الوطيدة حاليا بين دمشق وطهران.