أشهر ساحات فيينا تستضيف كرنفال الدراجات

يحظى برعاية واهتمام أشهر الرياضيين والسياسيين

TT

أنيقة، بسيطة، سريعة، وفوق ذلك صديقة للبيئة خفيفة على الجيب.. تلك هي الدراجة أو العجلة كما يعرضها ويروج لها كرنفال خاص بدأ بالأمس ويختتم فعالياته المتعددة هذا المساء بساحة المجلس البلدي «الرات هاوس» بالعاصمة النمساوية فيينا.

كرنفال الدراجات كما يبدو، وبكل المقاييس، احتفالا جماهيريا مجانيا تسويقيا ترويجيا كاملا للدراجات فقط بمختلف أنواعها وأشكالها وآلياتها واحتياجاتها، بل وزينتها من أجراس وأبواق وأجهزة إضاءة. كما تستضيف جادة الرات هاوس التي هي ساحة شاسعة تتوسط فيينا لمحال لبيع أزياء رياضية خاصة.

المعرض يعكس طبيعة فيينا كمدينة تجيد تسويق تاريخها الإمبراطوري العتيق في تنسيق تام وتمازج مع نمط حياتها الحديث السريع.

وهكذا هي فيينا تنافس دائما في جودة تامة بحسن استخدام ساحتها الأشهر في أنشطة تتنوع وتتسارع، وفقا لتنوع الفصول الموسمية. فالساحة شتاء تتوسطها حلقة للزحلقة على الجليد، بينما يسبق ذلك ومن منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) تحويلها لأسواق تتكون من أكشاك خشبية تقليدية توفر مختلف أنواع الزينة والمخبوزات والمشروبات الخاصة بالكريسماس، وعندما يحين موعد الاحتفال بمقدم العام، فإن ذات الساحة تمسي ليلة آخر العام أكبر صالة غير مسقوفة لرقص الفالس، ومن ثم تتجدد لترحب صباح أول أيام العام بالجماهير المنتشية، موفرة لهم فرص سماع جماعي للحفل التقليدي الذي تقدمه فرقة فيينا فيلهارمونيكا، أشهر وأقدم أوركسترا موسيقى كلاسيكية. وما إن يحل الربيع حتى تستعد الساحة لاستضافة مختلف المعارض الثقافية والفنية والتجارية، ومع مقدم فصل الصيف فهي وبجدارة وجه المدينة الجميل المنفتح على ثقافات مختلف الشعوب لعرض وتقديم فنونها وأزيائها وأكلاتها الشعبية.

أما في ما يختص بكرنفال الدراجات، فهو يحظى برعاية واهتمام أشهر الرياضيين والنشطاء الأكثر شبابا من السياسيين والسياسيات من مختلف الأحزاب ووجهاء المجتمع، وبالطبع الكثير من الشركات التجارية التي تسهم في تمويله وتنظيمه، حتى تتاح لجمهور المدينة فرص الاستمتاع والوقوف على آخر التطورات في صناعة الدراجات مع الاهتمام والحرص على تقديم عروض خاصة عن تاريخها ودورها في تسهيل حياة من يعشقونها ويعتادون عليها. وتهتم المدينة، عموما، بالدراجات اهتماما بالغا، حيث تمنحها وتخصص لها أجزاء واسعة محددة تحديدا واضحا في كل شارع مسفلت، بالإضافة لتخصيص أماكن منتشرة في كل أنحاء المدينة كمواقف. ليس ذلك فحسب، بل تتوافر تذاكر مخفضة وأحيانا مجانية لنقلها في القطارات وقطارات الأنفاق، أما وسط الجبال والغابات فهناك منتجعات لأصحاب الدراجات، كل ذلك بغرض ألا يقتصر امتلاك الدراجة، على أنها وسيلة رياضية فقط، بل مساهمة وتشجيعا، حتى تنتشر وتشيع ثقافة امتلاكها كوسيلة مفضلة للانتقال والحركة معظم العام، حتى في أيام الشتاء القارص، حيث تهتم البلديات بجرف الثلوج ونظافة الأرصفة والطرقات حتى لا تصبح قيادتها مع سقوط الجليد مسألة خطرة تهدد الحياة.

وفي سياق مواز، ووفقا لإحصاء جديد، فإن 1 من كل 3 من سكان إقليمي سالزبورغ وفورالبورغ يمتلك دراجة، بينما يقل العدد إلى 1من كل 6 بالعاصمة فيينا، ولهذا فإن حكومة إقليم فيينا نافست وبقوة لاستضافة كرنفال الدراجات هذا العام، 3 إلى 4 أبريل (نيسان) الحالي، حتى تتيح لمواطنيها فرصة التعرف بصورة أوسع وأقرب على «ثقافة الدراجة» والتعامل معها كوسيلة مواصلات حديثة صديقة للبيئة بدلا عن السيارات الخاصة ولتسويق الدراجة استغلت شركات الدراجات ارتفاع أسعار المحروقات النفطية، بل مضت متقدمة خطوة أوسع بتخصيص جناح كامل لتسويق الـ«E Bike» أو الدراجة الكهربية.

هذا وتتنوع برامج الكرنفال بصورة جذابة حولت الساحة الشاسعة الفخمة لأجنحة متعددة، منها تلك التي تقدم تدريبات للصغار، وأخرى تقدم أحدث أنواع الدراجات وأغربها شكلا وصناعة، وثالثة عبارة عن سوق «روبابيكيا» تعرض قطع غيار بأرخص الأثمان مع عروض تطرح فكرة تسليم الدراجة القديمة، مقابل منح مالية بنصف ثمن أخرى جديدة تسلم لاحقا عند تقديم أصول شراء الجديدة.

ويختم الكرنفال هذا المساء بمسابقة يشترك فيها 40 متسابقا من 14 دولة يقدمون عروضا باهرة وجريئة للقفز في الهواء بالدراجات من مرتفعات ذات علو شاهق.

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أوضح مسؤول أن التحدي الوحيد الذي تجابهه الدراجات بالعاصمة هو سهولة سرقتها ونقلها سريعا لعرضها للبيع ببعض دول الجوار. داعيا لتكثيف وجود كاميرات المراقبة الإلكترونية في مختلف مواقع ركن الدراجات الخاصة تماما، كما هي الحال في مواقف الدراجات التي تملكها حكومة فيينا التي يمكن للمواطنين تأجيرها بالساعة بواسطة بطاقات الائتمان والانتقال بها، حيثما يشاءون ومن ثم أعادتها لتظل في حراسة وعهدة الحكومة.