القذافي يطالب رؤساء التحالف بالرحيل.. وينصح شعوبهم بالبحث عن بديل

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: العقيد يسعى لإقناع الغرب بخطة انتقالية تبقيه رمزا مؤقتا ويتولى أحد أبنائه السلطة

TT

بينما يحاول الثوار المناوئون لنظام حكم العقيد معمر القذافي استعادة زمام الأمور، واستعادة مثلث ومدن النفط، بدا القذافي المختفي عن الأنظار مصمما على المضي قدما في محاولة تسويق مشروع رفضه الغرب يتعلق بوجوده في الحكم بشكل رمزي مع تسليم السلطة إلى أحد أبنائه في فترة انتقالية تتراوح ما بين عامين وثلاثة أعوام.

وراجت أمس تكهنات بظهور وشيك للقذافي بشكل مقتضب لرفع الروح المعنوية لمقاتليه وأنصاره في طرابلس، علما أن القذافي لم يظهر هو أو أي من أبنائه بمن فيهم نجله الثاني سيف الإسلام القذافي علنا منذ الأسبوع الماضي.

وفي غضون ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية نقلا عن مصادر ليبية رسمية لم تكشف عن هويتها، مطالبة القذافي بتنحي حكام دول التحالف الذين قرروا شن ما وصفه بـ«الحرب الصليبية الثانية بين المسلمين والمسيحيين»، مشيرة إلى أن هذه المطالبة جاءت انطلاقا من إصرار القذافي على أنه لن يتم حل هذه المشكلة إلا برحيل هؤلاء الحكام الذين اتخذوا قرار هذه الحرب بأنفسهم دون استشارة شعوبهم، على حد قوله.

وقالت الوكالة إن «القذافي يؤكد أن هؤلاء الحكام لديهم مطامع استعمارية في المنطقة، وليس لديهم أي نية في إحلال السلام العالمي أو تحقيق المصالح المشتركة للشعوب، بل يستمرئون الحروب والعدوان وقتل أعداد كبيرة من المدنيين، ويدمرون المصالح المشتركة بين الشعب الليبي وشعوبهم التي أغرقوها وأغرقوا العالم معها في الأزمات الاقتصادية والمالية التي استفحلت ولم تنته».

وأضافت أن «القذافي يؤكد أيضا أن هذه المشكلة لن تحل إلا برحيل هؤلاء الحكام الذين قرروا شن هذه الحرب الصليبية الثانية، والذين ليس لهم علاقة بما يجري داخل ليبيا، فالليبيون هم أصحاب الحل والعقد، وأهل مكة أدرى بشعابها»، على حد تعبيره.

وكان القذافي قد طالب في رسالة مكتوبة بثتها وسائل الإعلام الليبية الرسمية دون أن يظهر، برحيل الحكام الذين قرروا شن ما سماه حربا صليبية ثانية بين المسلمين والمسيحيين. وقدم القذافي حلا لهذه المشكلة، من وجهة نظره، دعا فيه إلى أن يرحل هؤلاء الحكام فورا، مطالبا شعوبهم بالبحث عن بديل لهم، عن رؤساء جدد يحترمون العلاقات بين الشعوب، ويقدرون معنى العلاقات الدولية والقانون الدولي، ولا يؤمنون بالصليبية، على حد قوله.

من جهته، جدد الاتحاد الأفريقي دعوته لوقف الأعمال العسكرية في ليبيا، وحل النزاع القائم بين قوات القذافي والمعارضة المسلحة عبر الحوار. وقال يان بينغ، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني لراديو «سوا» من لندن، حيث سيعقد اجتماعات مع وزير الخارجية ويليام هيغ إن الاتحاد الأفريقي يصر على توليه مهمة حل الأزمة في ليبيا عبر المبادرة التي أطلقها في العاشر من الشهر الماضي. وأضاف: «نرفض التدخل الأجنبي، لا نريد تكرار ما حصل في الصومال، وتدخل المجتمع الدولي، وشن غارات، ثم غادر تاركا وراءه بلادا من دون حكومة مدة 20 عاما، لسنا على استعداد لمواجهة حرب أهلية، أو لتقسيم البلاد».

وقال المسؤول الأفريقي إنه سيناقش تطورات الأزمة مع كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، بعد الاجتماعات التي سيعقدها في لندن، مشيرا إلى أنه سيسعى أيضا للقاء موسى كوسا، وزير الخارجية الليبي الذي انشق مؤخرا على نظام القذافي. لكن مصادر في المجلس الانتقالي المناهض للقذافي، قالت في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من معقل الثوار في مدينة بنغازي شرق ليبيا، إن عرض القذافي مجرد مناورة لكسب مزيد من الوقت، وتمكين قواته من تحسين أوضاعها المتردية على طول خطوط المواجهة المحتدمة على أكثر من جبهة شرقا وغربا.

وأوضحت المصادر أن المجلس يرفض هذا العرض، ويجدد مطالبته للقذافي بالتنحي الفوري وغير المشروط عن السلطة واستسلام القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية له، مشيرة إلى أن المجلس على استعداد لتقديم ضمانات بعدم المساس بأي ممن يلقي السلاح ويتخلى عن دعم نظام القذافي.

من جهة أخرى، اتهمت وزارة الخارجية الليبية الحكومة البريطانية بممارسة ما وصفته بـ«سياسة الكذب والتدجيل» على مجلس العموم والشعب البريطاني بشأن مشاركتها الكبيرة في العدوان على ليبيا. وقال مصدر رسمي ليبي في تصريح نقلته الوكالة الرسمية إن حكومة بريطانيا تقدم معلومات مضللة إلى مجلس العموم، تقوم على التهويل والمبالغة التي ليس لها أساس من الصحة بشأن مشاركتها في الحرب الصليبية الثانية على ليبيا، حتى تغطي على مساهمة سلاحها الجوي بقدر كبير في قتل مئات المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الليبي ظلما وعدوانا، وحتى تغطي أيضا على الخسائر الفادحة التي ستلحق بالاقتصاد البريطاني نتيجة هذه الحرب.

وأعرب المصدر عن ثقته في قدرة الشعب البريطاني وفعالياته السياسية والشعبية التي نظمت مهرجانا ليلة الخميس الماضي في لندن تحت شعار «ارفعوا أيديكم عن ليبيا»، على فضح سياسة هذه الحكومة والحجج الواهية التي تسوقها لتبرير هذا العدوان الذي لا أساس له في القانون الدولي والشرعية الدولية.

ودعا المصدر أبناء الشعب البريطاني وفعالياته السياسة والشعبية إلى «النهوض بقوة ضد هذه الحكومة ومطالبتها بالرحيل حتى لا تخرج الحرب التي ورطتهم فيها عن نطاق السيطرة كما خرج عن نطاق السيطرة التضخم الاقتصادي الذي يدمر مدخرات المواطنين البريطانيين، والذي بلغ 4 في المائة بعد بدء العمل بضريبة القيمة المضافة على المبيعات مطلع هذا العام، بالإضافة إلى العجز في الميزانية البريطانية الذي تجاوز 10 في المائة من الناتج القومي باعتراف المحللين الاقتصاديين البريطانيين والحكومة البريطانية نفسها».