قوات القذافي تواصل قصفها لمدينتي الزنتان ومصراتة.. والثوار يتراجعون مجددا من البريقة

العقيد يرسل مبعوثا إلى باباندريو > وصول وفد بريطاني إلى بنغازي > مسؤول أممي: 400 ألف شخص فروا من ليبيا

TT

أعلن متحدث باسم الثوار الليبيين، أمس، أن وفدا بريطانيا وصل، مساء السبت، إلى بنغازي، معقل الثوار، موضحا أن مهمته «سرية»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ورفض مصطفى الغرياني، المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية توضيح أسباب هذه الزيارة التي تأتي بعد شهر من توقيف الثوار فريقا بريطانيا في بنغازي.

واكتفى الغرياني بالقول: «إنه وفد. الأمر سري. إنها قضية احترام»، تاركا للسلطات البريطانية أن تدلي بمزيد من التفاصيل.

وقالت بريطانيا أمس إنها أرسلت فريقا من الدبلوماسيين إلى ليبيا للاجتماع مع زعماء معارضين في مدينة بنغازي.

ووصل الوفد، السبت، برئاسة كريستوفر برنتيس، سفير بريطانيا في روما، الذي سبق أن عمل سفيرا لبلاده في بغداد.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان: «سيواصل العمل الذي بدأه الفريق السابق، وسيسعى للتوصل لمزيد من المعلومات بشأن المجلس الوطني المؤقت وأهدافه وما يحدث في ليبيا بصورة أوسع».

وكان الدبلوماسي الفرنسي أنطوان سيفان تولى منصبه كممثل لفرنسا لدى المعارضة الليبية في 29 مارس (آذار) الماضي. وفي اليوم نفسه، وصل موفد أميركي هو كريس ستيفنز إلى منطقة بنغازي. وفي السادس من مارس الماضي، أوقف المتمردون الليبيون فريقا مؤلفا من دبلوماسيين بريطانيين اثنين، وستة حراس ينتمون إلى قوات النخبة البريطانية، بعد وصول هؤلاء إلى بنغازي بواسطة مروحية.

وأثار هذا الوفد استياء المعارضة الليبية، التي قالت إنها رفضت التحدث إليه، كونه دخل البلاد بشكل غير قانوني.

إلى ذلك، قال مسؤول رفيع في الحكومة اليونانية لـ«رويترز» إن نائب وزير الخارجية الليبي، عبد العاطي العبيدي، وصل أمس إلى أثينا كي يسلم رسالة من العقيد القذافي لرئيس الوزراء اليوناني.

وأضاف أن الحكومة الليبية «طلبت إرسال مبعوث يحمل رسالة إلى رئيس الوزراء جورج باباندريو، ولهذا حضر (المبعوث) إلى أثينا».

وفي غضون ذلك، واصلت القوات التابعة للزعيم للقذافي أمس قصفها لمدينتي الزنتان ومصراتة بغرب البلاد، في محاولة لاستعادتهما من قبضة الثوار.

يأتي هذا بينما يواصل الثوار في المدينتين مساعيهم لصد هجمات قوات القذافي التي تحاصرهم منذ أكثر من أسبوع.

وفي مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية، قصفت قوات الجيش الليبي مبنى يضم مستشفى، مما أسفر عن عدد من الإصابات، حسبما ذكر شاهد عيان على حساب على موقع «تويتر». وقال المتحدث باسم شباب ثورة 17 فبراير، عبد الباسط بومزيريق، لقناة «الجزيرة» إن كتائب القذافي قصفت أحياء ومنازل مصراتة بالدبابات، وهي تحاول اقتحام المدينة من أكثر من محور، كما حاولت الوصول إلى مقر إذاعة مصراتة.

وقال أحد سكان مدينة مصراتة لـ«رويترز» إن شخصا واحدا على الأقل قُتل، كما أصيب عدة أشخاص آخرين في ساعة مبكرة من صباح أمس، عندما قصفت القوات الموالية للقذافي مبنى في مصراتة، التي يسيطر عليها الثوار. وأضاف الساكن الذي تحدث هاتفيا من المبنى الذي يستخدم الآن كمستشفى مؤقت: «تأكد وجود قتيل لدينا ولا نعرف عدد الجرحى. سيارات الإسعاف بدأت تصل الآن لنقل الجرحى».

وقال إن القصف أصاب مبنى كان يستخدم سابقا لمعالجة الجرحى من القتال في مصراتة. ونقل المرضى والطاقم الطبي إلى موقع آخر قبل بضعة أيام.

وقال طبيب في المدينة لـ«رويترز»، أول من أمس، إن 160 شخصا معظمهم مدنيون قتلوا خلال القتال الذي دار في مصراتة، الأسبوع المنصرم. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من الروايات الواردة من مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس؛ لأن السلطات الليبية لا تسمح للصحافيين بتغطية الأخبار بحرية في المدينة.

وفي الزنتان، قال متحدث باسم الثوار للقناة إن القصف أسفر عن تدمير عدد من محطات المياه والكهرباء. وكان الثوار قد استعادوا مؤخرا السيطرة على معظم مناطق مدينة البريقة الساحلية بشرق البلاد.

وفي البريقة، اضطر الثوار الليبيون، الذين كانوا يتقدمون صباح أمس في اتجاه مدينة البريقة النفطية (شرق) إلى التراجع أمام قوات القذافي، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وتقهقر ما بين 300 إلى 400 من الثوار بعد أن تجاوزوا خط الجبهة بنحو 10 كلم شرق البريقة، على طريق أجدابيا، وسمع دوي انفجارات قوية انطلاقا من مواقع قوات القذافي. وحلقت طائرات حلف شمال الأطلسي، التي أوقفت غاراتها الجوية خلال الأيام الأخيرة، الهجوم المضاد الذي كانت قوات القذافي تشنه في زحفها إلى الشرق، أمس، على المنطقة. واستؤنفت المعارك صباح أمس حول البريقة، حيث سيطر الثوار على جامعة النفط، وهي مجمع ضخم في مدخل المدينة (800 كلم شرق طرابلس و240 كلم جنوب غربي بنغازي، معقل المعارضة).

وقال معارضون ليبيون إن طائرات حربية حلقت فوق البريقة ليلا، في الوقت الذي اشتبكت فيه المعارضة المسلحة مع قوات القذافي من أجل السيطرة على البلدة الواقعة بشرق ليبيا. وسمع مراسل لـ«رويترز» كان قرب البوابة الشرقية للبريقة دوي انفجارات ونيران مدافع آلية صباح أمس. وتصاعد دخان أسود غربا، وتحركت مئات السيارات التي تقل مقاتلين متطوعين بعيدا عن البلدة.

وقال أسامة عبد الله، وهوأحد المعارضين: «الطائرات التي حلقت الليلة (قبل) الماضية لم تقصف أي شيء»، مشيرا إلى أن غياب الضربات الجوية ناجم عن تولي حلف شمال الأطلسي قيادة الائتلاف الدولي من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا.

وأضاف: «الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عظيم، ولكن حلف شمال الأطلسي ليس كذلك».

وقتلت ضربة جوية للائتلاف الغربي 13 من الثوار في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة قرب البوابة الشرقية للبريقة، ووصفت قيادة المعارضة القصف بأنه كان خطأ غير متعمد، مضيفة أن الضربات الجوية ضرورية ضد قوات القذافي المسلحة بشكل أفضل. وقال صديق لعبد الله، اكتفى بذكر اسمه الأول فقط، وهو يوسف: «نحن بحاجة إلى أسلحة يمكنها قتال الدبابات وصواريخ غراد التي يملكها القذافي».

وأشارت تصريحات لمقاتلين متطوعين إلى أن الوحدات العسكرية المناهضة للقذافي، والمدربة بشكل أفضل، واصلت القتال ضد قوات الحكومة في اتجاه وسط البريقة دون أي نتيجة واضحة.

والقتال في البريقة مستمر منذ فترة، ويتشبث الثوار بمواقعهم بعد تراجع اتسم بالفوضى من قرب مسقط رأس القذافي في بلدة سرت، على بعد أكثر من 300 كيلومتر إلى الغرب. وسعى قادة المعارضة المسلحة لكسر الجمود بنشر أسلحة أثقل وتوحيد القيادة، وكذلك سعت إلى إبعاد المتطوعين الأقل خبرة والأقل تسليحا والصحافيين عن الخط الأمامي. وقال معارض آخر يدعى خالد أحمد مهدي إنه سمع دوي قصف أثناء الليل من موقعه على بعد نحو 20 كيلومترا في الشرق من وسط البلدة. وأضاف: «سمعنا صوت قصف، ثم أصوات قذائف مورتر وأعيرة. بعض الاشتباكات ما زالت مستمرة، ولكنها ليست كثيرة».

إلى ذلك، أعلن رشيد خاليكوف، المنسق الأممي للشؤون الإنسانية، في ليبيا، أن 400 ألف شخص (أغلبهم من جنسيات دول العالم الثالث) فروا من ليبيا، منذ بدء الثورة الليبية في 17 فبراير (شباط) الماضي، عبر النقاط الحدودية لهذا البلد مع تونس ومصر وتشاد والنيجر والجزائر». ودعا المسؤول الأممي، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية، المجموعة الدولية إلى توفير 310 ملايين دولار لمساعدة اللاجئين الذين يواصلون الفرار من ليبيا.

وقال: «قبل ثلاثة أسابيع كنا نحتاج 160 مليون دولار واليوم نحتاج 310 ملايين دولار».

ولفت خاليكوف، الذي زار أول من أمس مخيمات اللاجئين (الفارين من ليبيا) جنوب تونس إلى أن الوضع الإنساني في هذه المخيمات «تحت السيطرة»، بفضل جهود منظمات الإغاثة الدولية، والمساعدات المالية التي وفرتها المجموعة الدولية، لكنه عبر عن «القلق من عدم القدرة على السيطرة على الوضع مستقبلا إن توقفت المساعدات الدولية». وأضاف: «إذا طالت فترة إقامة اللاجئين في هذه المخيمات وتباطأ ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، قد يؤدي ذلك إلى شعورهم بالغضب ويشكل عبئا اقتصاديا على دول الإقامة».

ووصف الوضع داخل ليبيا بأنه «مثير للقلق»، بسبب عدم وجود طواقم دولية تعمل مع الطواقم الإنسانية التابعة للأمم المتحدة هناك، قائلا إن هذا الأمر «حال دون الحصول على معلومات دقيقة حول ما يحصل في ليبيا».

وأورد في هذا السياق أن الأمم المتحدة لا تملك أي معلومات دقيقة حول عدد قتلى وجرحى المواجهات الدائرة في ليبيا بين الثوار وكتائب معمر القذافي.

وأضاف أن الأمم المتحدة «قلقة جدا» من عدم قدرة المدنيين الليبيين على الحصول على الخدمات الأساسية، وخاصة الرعاية الصحية، داعيا «كل أطراف النزاع إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين».

وأشار إلى أن الضربات الجوية التي توجهها قوات التحالف لأهداف عسكرية تابعة للزعيم الليبي معمر القذافي، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1973، خلفت قتلى في صفوف الثوار الليبيين، وأن كثيرا من الأجانب الذين يعملون في ليبيا تم اتهامهم بأنهم مرتزقة يقاتلون مع القذافي، داعيا «كافة أطراف النزاع إلى احترام القانون الدولي الإنساني».

يذكر أن خاليكوف تسلم مهامه كمنسق أممي للشؤون الإنسانية في ليبيا بداية شهر مارس الماضي.