الثوار الليبيون يصارعون من أجل تفسير حالة الانشقاق الواضحة بين كبار قيادات جيشهم

حملة دعاية في المساجد والإذاعات لمحاولة إثنائهم عن إطلاق النار بأسلحتهم بشكل تعسفي في الهواء

TT

جاهد أفراد الجيش الليبي المتمرد، أول من أمس، لتفسير حالة الانشقاق الواضحة بين كبار قيادات الجيش، مع الاعتراف في الوقت نفسه بدور الضباط في حدوث إطلاق ناري خاطئ من قبل قوات حلف الأطلسي (الناتو) على صفوف الثوار الليلة السابقة.

وأبرزت الضربة الجوية، التي أسفرت عن مقتل 13 وإصابة 7 من الثوار، مخاطر شن حملة قصف جوي ضد جبهة أمامية نشطة وسريعة الحركة. وكانت الكثير من السيارات وسيارات الإسعاف قد تعرضت للقصف، وأعلن قادة المعارضة أن الثوار ربما كانوا مسؤولين عن القصف لأنهم أطلقوا نار بنادقهم في الهواء احتفالا بما حققوه من مكاسب.

وقال عبد الحفيظ غوقة، نائب الرئيس والمتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، الذي يمثل المعارضة: «كان خطأ فادحا ونحن نقدم الاعتذار، ولن ندع ذلك يحدث مجددا».

ووصل الصراع بين المعارضة والقوات الموالية للعقيد معمر القذافي إلى طريق مسدود؛ حيث يسيطر الثوار على معظم مناطق الجزء الشرقي من الدولة، ويعجزون في الوقت ذاته عن الإطاحة بالقذافي من السلطة.

وذكرت وكالة «رويترز» للأنباء أن القوات الحكومية الموالية للقذافي قصفت في وقت مبكر، أمس الأحد، مدينة مصراتة، المدينة الرئيسية الوحيدة التي صمد فيها الثوار في النصف الغربي من الدولة. وقد كانت المدينة مسرحا لمعارك ضارية في الأسابيع الأخيرة.

جدير بالذكر أن كثيرا من الثوار لم يسبق لهم مطلقا أن حملوا أي سلاح قبل بدء الثورة ضد القذافي في فبراير (شباط) الماضي، كما أن غالبية المتطوعين لم يكونوا قد خضعوا لتوجيه في مارس (آذار) الماضي، عندما قصفت طائرات قوات التحالف قوات القذافي، عند وصولها إلى بنغازي، عاصمة الثوار.

وذكرت المعارضة أن قادتها بدأوا يتلقون تدريبا أفضل وينتهجون أسلوب قيادة أكثر وضوحا، لكن بعد يوم من الضربة الجوية سعت الحكومة الانتقالية إلى التنصل من قائد الجيش المتمرد الذي احتفت به من قبل.

كان المجلس الوطني الانتقالي قد أبدى سعادة كبيرة بوصول خليفة حفتر، العقيد السابق بالجيش، مؤخرا إلى ليبيا بعد إقامته لسنوات في مدينة فولز تشرش، بوصفه قائدا يمكنه أن يمد يد العون في تنظيم الجيش الجديد وتدريب المتطوعين فيه من أصحاب الرتب المختلفة.

غير أن غوقة ذكر، أول من أمس، أن حفتر ليس له أي دور قيادي داخل الجيش.

وقال غوقة، مشيرا إلى تعيين عبد الفتاح يونس رئيسا لأركان القوات المسلحة، وعمر الحريري مسؤولا عسكريا عن الثوار: «لقد حددنا القيادة العسكرية قبل وصول حفتر من الولايات المتحدة». وأضاف: «لقد أخبرنا حفتر أنه في حالة رغبته في العمل يمكن أن يعمل في سياق الإطار الذي وضعناه». وعلى الرغم من ذلك، فقد ذكر مصدر من داخل المجلس العسكري ومقرب من حفتر أن حفتر ما زال يتولى مسؤولية قيادة الجيش، وأن بيان غوقة أثار غضب الشعب.

وأشار مصدر مطلع، شريطة عدم الإفصاح عن هويته نظرا لحساسية الموضوع، قائلا: «انقلبت بنغازي اليوم بسبب ذلك، رأسا على عقب». واستطرد قائلا: «إنهم يقولون يجب أن يرحل غوقة. فهم يريدون حفتر. فلا يمكن أن ينتزعه أي أحد من الجيش، أو من قلوبنا». ومن المعروف أن ثمة توترات بين حفتر ويونس منذ انضمام حفتر إلى يونس في بداية مارس الماضي في بنغازي، وتم الإعلان عن أنه ضابط تحت قيادة يونس. لقد تولى الرجلان منصبيهما عبر طرق مختلفة؛ فقد تخلى يونس، الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية وقائد القوات الخاصة الليبية في حكومة القذافي، عن منصبيه السابقين في فبراير الماضي للانضمام إلى صفوف الثوار. كان حفتر، الذي شارك في الانقلاب العسكري عام 1969، والذي أتى بالقذافي إلى السلطة، بطلا في حرب ليبيا مع جارتها تشاد، لكنه غيَّر موقفه عام 1988 وتم نفيه بوصفه ناشطا ضد النظام. وذكر مصطفى الغرياني، الناطق باسم المعارضة، أن حفتر دخل مختالا إلى المدينة «مثل كلينت إيستوود» تتملكه طموحات القيادة. لكنه قلل من أهمية حفتر للجيش. وقال الغرياني: «كان الكثيرون يرددون: (لقد عاد حفتر، لقد عاد حفتر)، غير أن معظمهم لا يعرف من هو حفتر؛ فقد كان حفتر خارج البلاد لمدة 25 عاما».

وعندما طلب منه تفسير البيان الصادر يوم السبت في ضوء تمسك المجلس مسبقا بحفتر، قال: «هذا هو موقف المجلس اليوم. الوضع مائع.. ووجهات النظر السياسية تتغير بصورة متكررة».

وتبدو قوات الجيش المنضمة للثوار غير واعية بأي انشقاق أو بهيكل القيادة العسكري.

وعند سؤاله عمن يقود الجيش، رد رمزي علي محمد، أحد الضباط، 31 عاما، قائلا: «خليفة حفتر». ورد عبد السلام محمد علي، 52 عاما، والذي ظل في الجيش لمدة 32 عاما، ويتذكر حفتر منذ أيام الحرب مع تشاد: «كلا.. كلا، إنه عبد الفتاح يونس».

وقال محمد، مضيفا أنه شهد زيارة يونس إلى الجبهة الأمامية يوم الجمعة: «إنهما الاثنان معا». واستطرد قائلا: «إن كلا منهما يوجه أوامر للضباط في الحرب؛ فهناك غرفة عمليات واحدة وعقلان مدبران».

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»