البحرين: السماح بإعادة صدور صحيفة قريبة من المعارضة بعد إقالة رئيس تحريرها

اتهمتها السلطات بـ«التدليس والكذب وتلفيق الأحداث غير الواقعية»

TT

فجر التلفزيون البحريني مفاجأة كبرى في الأوساط الإعلامية قد تلقي بظلالها على الصحافة البحرينية المكتوبة في الوقت الذي تعيش فيه المنامة ظروفا استثنائية، فقد كشف التلفزيون ليل أول من أمس ضمن برنامج «الراصد» عن ما قال إنها «تجاوزات مهنية» لصحيفة «الوسط» البحرينية وهي الصحيفة الوحيدة المعارضة التي تم الترخيص لها في إطار قانون حرية الصحافة في البحرين وصدر العدد الأول لها في 7 سبتمبر (أيلول) 2002.

وفي ظل تداعيات ما عرض عبر البرنامج قررت هيئة شؤون الإعلام في البحرين في الحال وقف صحيفة «الوسط» وإحالتها إلى التحقيق. قبل العدول عن قرار الإيقاف أمس والسماح للصحيفة بالصدور اعتبارا من اليوم (الاثنين)، ووصفت الهيئة عودة الصدور بأنها تقدير للموقف الذي اتخذه مجلس إدارة الصحيفة تجاه التجاوزات الجسمية التي تم ارتكابها.

وكان مجلس إدارة صحيفة «الوسط» قد سارع أمس إلى اتخاذ قرارات سريعة لتفادي تبعات ما وصفته وسائل الإعلام البحرينية بالفضيحة، وتضمنت القرارات التصحيحية تعيين عبيدلي العبيدلي رئيسا لتحرير الصحيفة بدلا عن منصور الجمري على خلفية إقالة الجمري من منصبة كرئيس للتحرير ووليد نويهض مدير التحرير وعقيل ميرزا رئيس قسم المحليات بالصحيفة.

من جهتها أعلنت جمعية الصحافيين البحرينية أنها ستتبنى موقفا صارما إزاء تلك التجاوزات والطروحات المفبركة التي تبنتها الصحيفة في الأيام الأخيرة الماضية، ودعت الجمعية إلى عقد اجتماع طارئ لها مساء أمس.

وأكد عيسى الشايجي رئيس جمعية الصحافيين في البحرين لـ«الشرق الأوسط»، أن التقرير الذي بثه التلفزيون البحريني وبالوثائق التي تدين صحيفة «الوسط» كان بمثابة الصدمة لجمعية الصحافيين، التي لا تخطر على البال، بل تشكل نقطة سوداء في مسيرة الصحافة البحرينية وضربة لخطي التوازن والاعتدال.

وقال إن الجمعية ستتخذ موقفا إزاء ما حدث والرفع بحيثيات التجاوزات للاتحادين الدولي والعربي للصحافة، معتبرا أن الفبركة التي انتهجتها الصحيفة وكشفها التلفزيون البحريني ليست مخالفة لقوانين وأخلاقيات المهنة الصحافية والكلمة الصادقة فحسب بل جاءت في ظرف عصيب، كانت البحرين خلاله في حاجة لأبنائها الشرفاء للمساهمة بالكلمة الصادقة والطرح المتزن والعقلاني الذي يعزز اللحمة البحرينية وتضميد الجراح، وليس اختلاق الأكاذيب التي تضر بمصلحة وسمعة الوطن وتؤدي لمزيد من الاحتقان، مبينا إلى أن النهج الذي سارت عليه الصحيفة في فبركة الأخبار الكاذبة من شأنه أن يقود الصحيفة للسقوط مهنيا.

وفيما يتعلق بإقالة رئيس التحرير الجمري، قال: «هذا يخص مجلس إدارة الصحيفة ولكننا نرحب بهذه الخطوات وننتظر صدور الجريدة اليوم»، مشيرا إلى أنه كان من الواجب محاسبة المتسببين في القفز فوق أصول المهنة وأمانة الكلمة. وقال إن هيئة الإعلام هي المسؤولة والجهة المعنية بملاحقة الجمري ورفاقه قضائيا.

وكان تلفزيون البحرين قد عرض الليلة قبل الماضية تقريرا ضمن برنامج «الراصد» كشف التجاوزات الخطيرة التي أقدمت عليها الصحيفة مما وصفها بأعمال «تدليس وكذب وتلفيق لأحداث غير واقعية خلال الأحداث التي مرت بها البلاد، والتي كان لها تأثير مباشر في نشر البلبلة وتشويه صورة وسمعة البحرين في الداخل والخارج».

ونقلت وكالة الأنباء البحرينية ما جاء في التقرير التلفزيوني مبينة أنه «موثق بالكلمة والصورة»، مشيرة إلى أنه «تبين فعلا وبالأدلة القاطعة قيام صحيفة (الوسط) بنشر مجموعة من الأخبار والصور المفبركة تم رصدها خلال الفترة من 25 إلى 28 مارس (آذار) 2011 والتي شكلت جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، وقانون الصحافة والطباعة والنشر في مملكة البحرين».

ويكشف التقرير عن أن الصحيفة كانت تعتمد على نشر أخبار قديمة قد نشرت في صحف عربية ومحلية ومواقع إلكترونية ومنتديات مع تغيير فقط أسماء الأشخاص، والتي تبين أيضا أنها أسماء وهمية، وذلك ما كشفت عنه الرسالة الصادرة من مكتب رئيس الجهاز المركزي للمعلومات إلى هيئة شؤون الإعلام بعد استفسارها بشأن بعض الأسماء حيث تبين أن بعض الأسماء الواردة في تلك الأخبار غير موجود في سجلات الجهاز المركزي للمعلومات حتى تاريخ الرسالة وهو 31 مارس 2011.

كما يظهر قيام الصحيفة بنشر صور ووقائع وأحداث وأشخاص على أنها أحداث وقعت في البحرين «بينها صور تتعلق بأحداث خارجية بعضها وقع في فلسطين المحتلة والمغرب، ولأشخاص غير بحرينيين، ما يعني في جملة ما يعنيه أن المنظمات الحقوقية وبعض الدول قد استقت بعض معلوماتها وبياناتها ومواقفها بناء على أخبار كاذبة، كما تعمدت السماح بنشر التعليقات على أخبارها الكاذبة لكي يوجه القراء سيل الاتهامات والقذف بحق الأجهزة السيادية في المملكة ومنها الأجهزة الأمنية».

كما نشرت الصحيفة خبر تعرض طفل للاعتداء من شرطي بالضرب، وقد تبين أن الشرطي الحقيقي والخبر الحقيقي يعود إلى شرطي إسرائيلي، وليس لشرطي بحريني، في إساءة واضحة لرجال الأمن في البحرين وتعمد واضح لتشويه صورتهم.