اليمن: الرئيس يطالب المعارضة برفع الاعتصامات ووقف الاغتيالات والتمرد في الجيش

أكثر من 1000 مصاب في تفريق قوات الأمن لمتظاهرين بتعز

TT

أبدى الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أمس، استعداده لبحث التداول السلمي للسلطة «في إطار الدستور»، واشترط رفع الاعتصامات من الساحات والشوارع، قبل البحث في أي قضايا، هذا في الوقت الذي سقط فيه مئات المعتصمين جرحى في مهاجمة قوات الأمن لساحة الاعتصام بمحافظة تعز.

وبعد أقل من 24 ساعة على مبادرة المعارضة لانتقال السلطة في اليمن، دعا الرئيس صالح أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» إلى «إنهاء الأزمة» على نحو حدده بالتالي: «إنهاء الاعتصامات وقطع الطرقات والاغتيالات وإنهاء حالة التمرد في بعض وحدات القوات المسلحة»، وفي النقطة الثانية قال صالح: «نحن على استعداد لبحث التداول السلمي للسلطة في إطار الدستور، أما لي الأذرع فغير وارد على الإطلاق». وكانت أحزاب المعارضة اليمنية تقدمت، أول من أمس، بما سمتها «رؤية لانتقال السلطة» في البلاد وتنص على:

أولا: يعلن الرئيس تنحيه عن منصبه، وتنتقل سلطاته وصلاحياته لنائبه.

ثانيا: يقوم النائب فور توليه السلطة بإعادة هيكلة الأمن القومي، والأمن المركزي، وكذا الحرس الجمهوري، بما يضمن تأديتهم لمهامهم وفقا للدستور والقانون تحت قيادات ذات كفاءة ومقدرة بمعايير وطنية ومهنية بعيدا عن معايير القرابة والمحسوبية وتخضع لسلطة وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع.

ثالثا: يتم التوافق مع الرئيس المؤقت (النائب سابقا) على صيغة للسلطة خلال الفترة الانتقالية تقوم على قاعدة التوافق الوطني بحيث يتم التالي:

1- تشكيل مجلس وطني انتقالي تمثل فيه كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وشباب الساحات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والمرأة على أن يشمل كل مناطق اليمن. ويتولى بصورة أساسية:

أ- إجراء حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الأطراف السياسية في الداخل والخارج دونما استثناء وتطرح فيه كافة القضايا على طاولة الحوار للخروج بحل لكافة القضايا ومنها القضية الجنوبية، والتوصل إلى رؤية للإصلاحات الدستورية الكفيلة بتحقيق الحريات السياسية والثقافية وبناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المواطنة بنظام لا مركزي مع تطوير النظام السياسي على قاعدة النظام البرلماني والأخذ بالقائمة الشعبية.

ب- تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لصياغة مشروع الإصلاحات الدستورية في ضوء نتائج الحوار الوطني الشامل.

2- تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تترأسها المعارضة وتمثل فيها أطراف العمل السياسي وشباب الساحات ورجال الأعمال، وتتولى إضافة إلى مهامها الدستورية تسيير الأمور وتصريف الأعمال، وتثبيت الوضع الاقتصادي والمالي، والحيلولة دون المزيد من التدهور في كافة المجالات.

3- تشكيل مجلس عسكري مؤقت من القيادات العسكرية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة وتحظى باحترام وتقدير في أوساط الجيش، بحيث تمثل في المجلس كل تكوينات القوات المسلحة، ويشترك فيه ممثلون عن المتقاعدين قسريا بعد حرب 1994، وذلك بصورة تجسد وحدة ووطنية هذه المؤسسة لتقوم بدورها وواجباتها الدستورية باعتبارها «ملكا للشعب كله ومهمتها حماية الجمهورية وسلامة أراضيها وأمنها»، بالإضافة إلى مهمتها المؤقتة في حماية ثورة الشعب السلمية، والحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة كيان الدولة.

4- تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاءات العامة تتولى:

- إجراء الاستفتاء على مشروع الإصلاحات الدستورية.

- إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحسب الدستور الجديد.

5- التأكيد على حق التعبير السلمي وحرية التظاهر والاعتصامات السلمية وغيرها لجميع أبناء اليمن، ويتم التحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في كافة الساحات وعلى وجه الخصوص مجزرة عدن وصنعاء وأبين وغيرها من الحالات التي استخدم فيها الرصاص الحي والقنابل الغازية وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة، وتعويض الجرحى والمعوقين وأسر الشهداء.

وفي الوقت الذي كان فيه صالح يجتمع، في صنعاء، بوفود قبلية وشبابية من أبناء محافظة تعز، كانت تجري محاولة جديدة لفض الاعتصام المتواصل في «ساحة الحرية» بتعز من قبل قوات الأمن، وأشارت المعلومات وشهود عيان إلى أن قرابة 1000 متظاهر سقطوا جرحى في قمع المعتصمين وقمع مظاهرة جابت شوارع المدينة وهي تطالب بسقوط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وقال شهود عيان إن قوات الأمن استخدمت القنابل المسيلة للدموع وغازات سامة لـ«تفريق المتظاهرين»، في حين أكد مصدر طبي في المستشفى الميداني بتعز أن أكثر من 20 حالة في حال حرجة، وفي الوقت نفسه وبالتزامن، كانت هناك مظاهرة نسائية تجوب شوارع تعز وترفع ذات مطلب إسقاط النظام. وفي اتصالات مع «الشرق الأوسط»، حمل عدد من المعتصمين من شباب «ساحة الحرية» في تعز، العميد الركن عبد الله قيران، مدير أمن المحافظة، مسؤولية «الاعتداء» على المعتصمين، وقالوا إنه حشد من الليلة السابقة قواته حول الساحة في إشارة إلى «نية مبيتة» لمهاجمة المعتصمين.

إلى ذلك، اتهم حمود خالد الصوفي، محافظ محافظة تعز، المتظاهرين بأنهم «قطعوا شارعا رئيسيا وحرقوا الإطارات ورموا رجال الأمن بالحجارة»، واتهمت مصادر رسمية عناصر المعارضة بالتسبب في إصابة 8 من رجال الأمن بإصابات مختلفة وقالت إن أحد المصابين حالته حرجة ونقل إلى «العناية المركزة» في أحد مستشفيات المدينة.

وقال محافظ تعز «إن اشتباكات وقعت ظهر اليوم (أمس) بين مجموعة من الشباب الموالين للمعارضة، استدعت تدخل رجال الأمن وفك الاشتباك»، ونقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) قوله إن «الشباب المعارضين قاموا بقطع الشارع الرئيسي في وسط مدينة تعز وإشعال الإطارات ورمي رجال الأمن بالحجارة، مما أسفر عن إصابة 8 من رجال الأمن، أحدهم إصابته خطيرة ويرقد حاليا في (العناية المركزة)»، وأضاف أن «تلك المواجهات لم تحدث في ساحة المعتصمين وإنما في الشارع الرئيسي وسط مدينة تعز»، وأشار مصدر أمني في تعز إلى أن «عناصر تابعة لـ(اللقاء المشترك) قامت ظهر اليوم (أمس) بالنزول للشوارع الرئيسية في مدينة تعز لإجبار المواطنين على إغلاق المحلات، ومنع السيارات وحافلات النقل من الحركة»، ونفى المصدر «ما تردد من أنباء عن وجود قتلى وجرحى»، وقال إن السلطة المحلية قامت بالنزول الميداني لـ«احتواء المشاغبين، وفك الاشتباكات التي حصلت بين المواطنين وتلك العناصر التي تسببت في إصابات طفيفة فقط».

وأفاد شهود عيان بأن قوات الأمن كررت هجومها، مساء أمس، على المعتصمين الذين أطلقوا نداء استغاثة لمواطني مدينة تعز لحمايتهم ولسرعة تزويد المستشفى الميداني بالأدوية اللازمة ومده بالكوادر الطبية.

وفي موضوع آخر، قالت مصادر رسمية يمنية إن النائب العام، الدكتور عبد الله العلفي، وجه برفع «صفة الضبط القضائي» عن مدير أمن تعز الحالي في قضية إطلاقه سراح أحد المتهمين بقتل شاب في مظاهرة بعدن التي كان مديرا لأمنها قبل أن ينقل مؤخرا إلى تعز.

وفي العاصمة صنعاء، منعت قوات من «الفرقة الأولى مدرع» التابعة للواء علي محسن الأحمر، المئات من المعلمين من الوصول إلى مبنى رئاسة الوزراء للتظاهر أمامه لرفع مطالب حقوقية، وفي «ساحة التغيير» بصنعاء تعالت الأصوات الرافضة لمبادرة أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» الخاصة بنقل السلطة في اليمن.

وقال بيان صادر عن اللجنة الإعلامية لـ«الثورة الشبابية الشعبية» بـ«ساحة التغيير» بصنعاء، إن المبادرة لا تعنيهم ولا تمثلهم، وإن «أحزاب (اللقاء المشترك)، بتلك المبادرة، لا تمثل إلا نفسها»، وأضاف: «أما نحن في (الثورة الشبابية الشعبية)، فمطلبنا، حتى الآن، هو (ارحل) دون قيد أو شرط أو أي وصاية»، وقال الشباب: «إننا لا نقبل بأي مبادرات مع هذا النظام، ما لم تتضمن الرحيل الفوري غير المشروط».

وأعلن في مدينة عدن، أمس، عن تأسيس كيان جديد هو «ثورة شباب عدن الشعبية» الذي أسسه عدد من الشباب والناشطين السياسيين والحقوقيين من أبناء المدينة، وقال بيان الإشهار إن الكيان «مفتوح للجميع»، وإن تأسيس الكيان جاء «انطلاقا من استشعارهم بالمسؤولية تجاه ما تشهده الساحة الوطنية والشعبية من أحداث وتطورات كبيرة»، وكذا «انطلاقا من حرصهم على المساهمة بتقديم رؤيتهم بالمشاركة في صنع هذه الثورة وصياغة وتحقيق وحماية أهدافها المرحلية والإعداد لما بعد تغير النظام»، وأكد بيان «ثورة شباب عدن الشعبية» أنهم سيعملون على «توحيد كافة الجهود والتنسيق فيما بينهم في ميادين الاعتصام وفي عموم الشارع في إطار محافظة عدن وفي عموم اليمن»، وأنهم سيقومون بـ«خلق آليات ولجان وفعاليات اجتماعية ستعمل على حماية ثورة شباب عدن من أي انحراف، وتحقيق أهداف هذه الثورة»، وقد جرى توجيه دعوة إلى كل الشباب والجماهير وعموم الشعب من أجل «الالتفاف حول هذا الكيان والالتحاق والمشاركة فيه».