دوما تشيع ضحايا الجمعة.. والأسد يكلف عادل سفر بتشكيل حكومة جديدة

عشرات الآلاف يطالبون بالحرية خلال تشييع 8 جنازات > دعوة للتظاهر في المدن البعيدة عن العاصمة الثلاثاء

TT

كلف الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، وزير الزراعة في الحكومة السابقة عادل سفر بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة محمد ناجي عطري، بينما شارك عشرات الآلاف في مدينة دوما، شمال دمشق، في تشييع 8 أشخاص قُتلوا الجمعة من دون تسجيل أي حادث. وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد أصدر مرسوما يقضي بتكليف الدكتور عادل سفر بتشكيل الحكومة الجديدة خلفا لحكومة محمد ناجي عطري. كان الأسد قد وافق، الثلاثاء، على استقالة الحكومة السورية برئاسة عطري وكلفها بتسيير الأعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة التي سيكون من مهامها البدء بتنفيذ برنامج الإصلاحات التي أعلنتها القيادة السورية لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها سورية منذ 15 مارس (آذار). كان الرئيس الأسد في الأسبوع الأخير قد اتخذ عدة إجراءات، منها تكليف القيادة القطرية بتشكيل لجنة قانونية لإعداد دراسة لإنجاز تشريع يضمن أمن الوطن والمواطن ومكافحة الإرهاب تمهيدا لرفع حالة الطوارئ خلال فترة محددة؛ حيث تضم اللجنة عددا من كبار القانونيين لدراسة إنجاز التشريع، التي من المقرر أن تنهي الدراسة قبل 25 أبريل (نيسان) الحالي، كما شكل الرئيس الأسد الخميس الماضي لجنتين للتحقيق بالأحداث التي شهدتها مدينتا درعا واللاذقية، وأخرى تتعلق بإحصاء عام 1962 الذي حرم مئات الآلاف من الأكراد السوريين من الجنسية؛ حيث تم تشكيل لجنة لدراسة حل هذه المشكلة في الحسكة، وقالت مصادر إعلامية: «إن الأمور تسير باتجاه قرار منح الجنسية لنحو 250 ألفا من المصنفين في خانة الأجانب وما بين 10 و15 ألفا من المصنفين تحت خانة المكتومين». بينما ذكرت مصادر مقربة من السلطة أن «لجنة رفع قانون الطوارئ قد تنهي عملها قبل المدة الزمنية المحددة، وأن اللجنة تعتمد فيما تدرسه من قوانين جديدة على المعايير الدولية والقوانين المعمول بها في أوروبا وأميركا وتجاربهما؛ حيث سترتكز القوانين الجديدة على معادلة بسيطة تحفظ أمن الوطن والمواطن وكرامته في آن واحد». من جهة أخرى، نزل عشرات آلاف الأشخاص، أمس الأحد، إلى شوارع مدينة دوما السورية للمشاركة في تشييع 8 متظاهرين قُتلوا الجمعة برصاص قوات الأمن، بحسب ما أفاد شهود في هذه المدينة.

ووسط غياب كامل لأجهزة الأمن وقوات الأمن الداخلي، جرى تشييع الجثامين، وتحدثت مصادر في دوما في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن عن أنها شاركت في تشييع 4 جنازات انطلقت صباح أمس قبل صلاة الظهر، منها اثنتان كانتا لشابين من سكان دوما وأخريان لشابين من بلدة عربين المجاورة لدوما، وأن الجنازة الخامسة كانت لشاب من حمورية وجرى تشييعه هناك، وقالت المصادر إن ذوي القتلى تسلموا جثامين أبنائهم الذين قتلوا مساء أول من أمس من مشفى تشرين، لافتة إلى وجود نحو 30 جثمانا لم تسلم بعد إلى ذويها، بعد الإشارة إلى أن التسليم جرى بعد توقيع تعهد للسلطات بأن تخرج الجنازات صامتة، مقابل ألا تعترض طريقها السلطات أو قوى الأمن، وأضافت المصادر أن «تشييع الشابين ابني دوما جرى بصمت تام من المنزل إلى الجامع؛ حيث تمت الصلاة بهدوء وبحضور وزير الأوقاف».

وسقط القتلى في دوما الجمعة خلال مظاهرة جاءت تعبيرا عن خيبة أمل المتظاهرين مما ورد في خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء الماضي. وأفادت منتهى الأطرش، المتحدثة باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، التي شاركت في التشييع بأنه «لم يسجل أي حادث أمني واختفى عناصر الأمن من المدينة»، موضحة أن «نحو 20 ألف شخص شاركوا في التشييع». وأضافت، في تصريح عبر الهاتف لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «المظاهرات ستتواصل والشعب لن يسكت بعد اليوم بعد أن أسقط حاجز الخوف». وأوضحت أن قوات الأمن «أقامت حواجز عند مداخل المدينة منعت البعض من الدخول إليها مثل الناشط الحقوقي المعارض هيثم المالح». كما نقل مواطن سوري من سكان درعا لوكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات السورية أفرجت، مساء أول من أمس، عن 90 شخصا كانوا قد اعتقلوا خلال مظاهرات الجمعة، وقامت باصات بنقلهم إلى وسط المدينة؛ حيث أطلق سراحهم. وتابع: «لقد أحصينا 90 شخصا أفرج عنهم، وغالبيتهم قالوا إن الوضع كان صعبا، إلا أنهم يخشون تقديم تفاصيل».

وأضاف: «لم يتعرضوا للتعذيب، إلا أنهم ضُربوا قبل نقلهم إلى مكان اعتقالهم».

تأتي هذه الإجراءات المتسارعة على خلفية احتجاجات تشهدها الكثير من المدن والمناطق في سورية انطلقت منذ 15 مارس، سقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى، نتيجة استخدام العنف في قمعها، وكانت الأحداث الأشد في محافظتي درعا واللاذقية؛ حيث تتهم السلطات أطرافا خارجية بتأجيجها. من جانب آخر، ذكر بيان رسمي أن الرئيس الأسد تسلم، صباح أمس، رسالة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «تؤكد وقوف حكومة العراق إلى جانب سورية في وجه ما تتعرض له من مؤامرات تستهدف الاستقرار» فيها، نقلها النائب في مجلس النواب العراقي الشيخ عبد الرحيم الزهيري، مستشار المالكي.

وفي درعا، ذكرت مصادر إعلامية إفراج السلطات أمس عن 18 فتى تقل أعمارهم عن 15 عاما اعتقلوا في الأيام الأخيرة. وقالت مصادر مطلعة: «إن لجنة التحقيق في أحداث درعا واللاذقية تتألف من قضاة من المحافظتين بدأوا بالتحضيرات اللازمة للاستماع إلى الأهالي والشهود تمهيدا لرفع تقريرهم». وإن الكثير من الأهالي «بدأوا تحضير ما يملكونه من وثائق وأوراق وأفلام فيديو تمهيدا لتسليمها لقاضيين كلفا بالتحقيق فيما حدث من أحداث في المحافظة»، وأكدت مصادر حقوقية أن «لجنة التحقيق لن تتأخر أيضا في رفع تقريرها للجهات الوصائية تمهيدا للمحاسبة وأنها بدورها قد تنهي عملها خلال فترة قصيرة».

في تلك الأثناء، أفادت مصادر إعلامية بأن السلطات السورية أفرجت عن 18 طفلا تقل أعمارهم عن 15 عاما اعتقلوا في الأيام الأخيرة. وفي حمص سادت أجواء من الهدوء وسط توارد أنباء عن استمرار فرض طوق أمني حول مدينة تلبية في محيط مدينة حمص؛ حيث لا يزال هناك وجود أمني كثيف على خلفية احتجاجات كبيرة شهدتها تلبيسة يوم الجمعة الماضي مع استمرار حملة الاعتقالات.