المعارضة الكردية نفد صبرها إزاء أحزاب السلطة.. وتهدد برفع سقف المطالب

قيادي في «التغيير»: البرلمان عدل عن استدعاء وزيري الداخلية والبيشمركة

TT

رغم أن أحزاب السلطة في كردستان اعتبرت أن مظاهر العنف التي رافقت مظاهرات الشارع الكردي بمدينة السليمانية جاءت نتيجة تدخلات من قوى إسلامية وصفتها بالمتطرفة في المظاهرات الحالية في السليمانية، ولكن تحليلها ضمن إطار الاحتجاجات المتواصلة منذ ما يقرب من شهر ونصف الشهر قد ينبئ بنفاد صبر المتظاهرين الذين حددوا الكثير من المهل الزمنية للسلطة لتلبية مطالبهم، ويبدو أن قادة المعارضة بدأوا بدورهم يفقدون الصبر تجاه مماطلات السلطة وعدم التزام الحكومة بمشاريعهم الإصلاحية، ولذلك يتوقع أن يجتمع هؤلاء القادة في غضون الأيام القليلة المقبلة للتداول والتشاور في اتخاذ موقف موحد تجاه السلطة ردا على إهمالها لمشاريعهم الإصلاحية وإدارة ظهرها لمطالب الشارع الكردي.

ونقلت مصادر قيادية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن قائد المعارضة نوشيروان مصطفى رئيس حركة التغيير وصلاح الدين بهاء الدين أمين عام الاتحاد الإسلامي الكردستاني وعلي بابير أمير الجماعة الإسلامية سيجتمعون خلال الأسبوع الحالي على الأرجح للتداول في موقف موحد للمعارضة تجاه مشروع الإصلاحات السياسية في كردستان، الذي قدمته المعارضة إلى الرئاسات الثلاث منذ أكثر من شهر، والذي انتهت المهلة المحددة الموضوعة لتنفيذه أمام رئاسة وحكومة الإقليم.

في غضون ذلك أكد نائب برلماني عن كتلة التغيير «أن البرلمان الكردستاني الذي كان يتوقع أن يستدعي كلا من وزيري الداخلية والبيشمركة إلى البرلمان للتحقيق معهما حول دورهما في الأحداث التي تشهدها الساحة الكردستانية، قد عدلت رئاسته عن استدعاء الوزيرين المذكورين ورفعت تلك الفقرة من برنامجها للجلسة المقررة لها اليوم (أمس)».

وقال كاروان صالح، عضو لجنة الداخلية والأمن والإدارات المحلية بالبرلمان الكردستاني في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إنه «كان يفترض أن يمثل وزير الداخلية أمام لجنة الأمن والداخلية اليوم (أمس) وحضر الوزير فعلا أمام اللجنة، ولكننا قاطعنا الاجتماع لأنه لم يسمح لنا بمساءلته عن دوره في الأحداث التي تشهدها الساحة الكردستانية، وانحصرت النقاشات داخل الاجتماع في الميزانية العامة، في حين أننا طالبنا بمثوله أمام اللجنة لسؤاله عن دوره كوزير للداخلية في تلك الأحداث، التي أسفرت عن سقوط الكثير من القتلى والجرحى بين المتظاهرين المدنيين».

وأشار النائب البرلماني عن كتلة التغيير إلى «أن البرلمان وضع برنامج عمل جلسة الغد (اليوم) وفيه نقطة محددة باستدعاء كل من وزيري الداخلية كريم سنجاري والبيشمركة جعفر مصطفى لمساءلتهما عن دورهما في الأحداث التي وقعت خلال المظاهرات الاحتجاجية التي أدت إلى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح، وكذلك عن أسباب إرسال قوات عسكرية إلى مدينة السليمانية لتطويقها، إلى جانب إخفاقات الوزارتين في حماية المدنيين المشاركين في تلك المظاهرات، ولكننا أبلغنا بأن رئاسة البرلمان رفعت هذه النقطة من برنامج الجلسة، ولذلك من المتوقع أن نقاطع الجلسة احتجاجا على هذا الموقف». وأعرب النائب في كتلة التغيير عن استغرابه من صيغة تعامل رئاسة البرلمان مع الأحداث الجارية في الشارع الكردي، وقال «الغريب أن مسألة استدعاء وزيري البيشمركة والداخلية كانت إحدى فقرات القرار الذي أصدره البرلمان بهدف احتواء غضب الشارع الكردي، ولكن في الوقت الذي تستدعي فيه رئاسة البرلمان وزير الداخلية لمناقشته حول الميزانية، فإنها تمتنع عن استدعائه لسؤاله عن الدماء البريئة التي أريقت خلال المظاهرات». وأكد النائب أن «إهمال هذه المسائل التي تمثل مطالب ملحة للشارع الكردي سيؤدي بالنتيجة إلى رفع سقف مطالب المحتجين الذين بدأوا يفقدون الصبر من مماطلات السلطة التي باتت تعول على عامل الوقت بهدف تمييع مطالب الجماهير، في حين أن مثل هذا الموقف سيغضب المتظاهرين بشكل أكثر وسيدفعهم إلى رفع سقف مطالبهم في المرحلة المقبلة».

وفي اتصال مع المستشار الإعلامي للبرلمان الكردستاني طارق جوهر سارممي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن رئاسة البرلمان لم تصدر برنامج جلسة اليوم «ولم توقع الهيئة الرئاسية على أي برنامج يحدد فيه استدعاء الوزيرين، رغم أن استدعاءهما مدرج ضمن برنامج البرلمان، ولكننا ننتظر الفرصة المناسبة لذلك». وأضاف أن «البرلمان استدعى رئيس الحكومة فلماذا يتلكأ أو يمتنع عن استدعاء الوزيرين المذكورين بالحكومة، بل إن رئاسة البرلمان بادرت بطرح سحب الثقة من الحكومة داخل الجلسة البرلمانية التي استضيف فيها رئيس الحكومة، فما الذي يخيف رئاسة البرلمان من استدعاء الوزيرين، هذا أمر غير منطقي، أما دعوة كتلة التغيير بالمقاطعة فهي بدورها دعوة غير منطقية، فقد اعتادت كتلة التغيير على المقاطعات المتتالية لأسباب غير موضوعية، على كل حال فإن برنامج جلسة الغد (اليوم) يشمل عدة نقاط أساسية ومهمة جدا تتعلق بتلبية جانب من مطالب الشارع الكردي والمعارضة أيضا، فهناك مناقشة لمشروع قانون تمويل الأحزاب وثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بمنح القروض الميسرة للشباب لتنفيذ مشاريع خاصة بهم، إلى جانب ثلاثة مشاريع قوانين أخرى تتعلق بمنظمات المجتمع المدني».

من جهته، أصدر المجلس المؤقت لقيادة مظاهرات ساحة السراي بمدينة السليمانية بيانا شدد فيه على «أن المجلس سيصعد من موقفه في الفترة القليلة المقبلة بعد انتهاء المهل الزمنية التي أعطاها المتظاهرون للسلطة لتلبية مطالبهم».

وقال البيان «إن السلطة في كردستان فقدت مصداقيتها الكاملة في الاستجابة لمطالب الشعب، وإنه رغم مرور 43 يوما على قيام المظاهرات الشعبية في مختلف مناطق كردستان، فإن السلطة لم تستجب لتلك المطالب ولم تتخذ أية خطوة فعلية على أرض الواقع لتنفيذ أي من تلك المطالب، بل إنها تلجأ إلى محاولات وسيناريوهات متعددة بهدف احتواء غضب الشارع ومحاولة إفراغه من المحتجين.