الحزب الشيوعي العراقي في عيده الـ 77: لم نصل للبرلمان بسبب التزوير والاستقطابات الطائفية

سكرتيره العام لـ «الشرق الأوسط»: لسنا خاملين.. وتعاملنا مع الأميركيين والإسلاميين كواقع جديد

TT

قال حميد مجيد موسى، السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي إن «جماهير حزبنا في تزايد ونشاطهم الوطني فاعل للغاية في جميع محافظات ومدن العراق»، واصفا نشاط أعضاء حزبه بـ«الفاعل وليس خاملا».

وأضاف موسى قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، وبمناسبة الذكرى الـ 77 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي إن «يسارية حزبنا لا تعني التطرف واللاواقعية، بل إننا اتخذنا الخطوات العملية الواقعية لخدمة العراق وشعبنا العراقي، وقد رفضنا على مدى سنوات نضال جماهيرنا الديكتاتورية والحرب التي أدت إلى احتلال العراق»، مشيرا إلى أن «الحرب وقد وقعت، في 2003، فقد وجدنا أنفسنا أمام مهمة وطنية لبناء العراق بما ينسجم ومصالح أبناء شعبنا، وكان علينا أن نخوض النضال بكل جوانبه سواء في الشارع أو في الإعلام والمؤسسات الحكومية وبين الجماهير».

وحول مشاركة أقدم حزب سياسي يساري لا يزال عاملا في الساحة السياسية العراقية في مجلس الحكم الذي أسسته الإدارة الأميركية، والعمل مع أحزاب إسلامية في الحكومة، قال سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي «نحن تعاملنا مع واقع جديد مفروض على العراق والعراقيين من غير أن نتنصل عن مبادئنا وأهدافنا بعيدا عمن يطلقون الشعارات الفارغة، فقد تمسكنا، ولا نزال، بضرورة إجلاء القوات الأميركية من العراق، ونقف باستمرار إلى جانب جماهير شعبنا، وقد شاركنا سواء في مجلس الحكم سابقا أو في البرلمان والحكومة لاحقا بعد أن أجرينا استفتاء عاما لأعضاء حزبنا الذين وافقوا على ذلك خدمة للعراقيين»، موضحا أن «تعاون الحزب الشيوعي العراقي مع بعض الأحزاب الإسلامية بدأ منذ التسعينات، بعد الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وعندما كنا في المعارضة داخل العراق، فالحزب الشيوعي لم يترك العراق في أقسى مراحله، وكانت هناك برامج سياسية مشتركة بغض النظر عن الآيديولوجيات وذلك لبناء عراق ديمقراطي، إذ كانت هذه الأحزاب الإسلامية تناضل هي الأخرى ضد الديكتاتورية، ولم ندع الخلافات الآيديولوجية تقف عائقا أمام نضالنا المشترك ضد النظام السابق، أما الآن وقد تراجعت بعض هذه الأحزاب عن بعض ما اتفقت عليه فهذا عائد لها»، مشيرا إلى «أننا اعتمدنا ومنذ البداية على المشاركة في الحكومة من غير التخلي عن أي شكل من أشكال النضال سواء كنا في الحكومة أو خارجها، وموقفنا هو العمل بما يخدم الناس وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي وسنعارض أي سلوك بعيدا عن ذلك».

يذكر أن الحزب الشيوعي العراقي كان يتمتع بجمهور كبير من الشباب وطلبة الجامعات والمثقفين والعمال من كلا الجنسين، وبالإضافة إلى كونه أقدم حزب سياسي فإنه كان الأوسع، وكان قد تحالف مع حزب البعث العربي الاشتراكي في بداية السبعينات في إطار الجبهة الوطنية التقدمية، إلا أن حزب البعث انقلب عليهم عام 1978، وبدأت المعتقلات تغص بقيادات وقواعد الحزب الشيوعي حيث نفذت عام 1979 عمليات إعدامات واغتيالات واسعة بين صفوف الحزب الذي تم حظر نشاطه وتم إغلاق صحفه ومصادرة مقراته وأمواله وأجبرت قواعده على توقيع براءات تتضمن حكما بالإعدام فيما إذا تراجع أي من أعضائه عن تعهده وعاد للعمل مع الحزب، كما أن هناك قرارا كان قد صدر عن مجلس قيادة الثورة السابق يقضي بإعدام أي عسكري عراقي، سواء كان ضابطا أو جنديا إذا ثبت انتماؤه للحزب الشيوعي، ومنعت الجامعات العراقية قبول أي طالب يثبت أنه شيوعي. وعلى الرغم من كل هذا التاريخ فإن الحزب الشيوعي لم ينجح في الحصول على مقعد واحد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس (آذار) العام الماضي، ويقول سكرتيره العام في هذا الصدد «إن أسباب عدم وصولنا إلى البرلمان هي الظروف التي سادت الحالة السياسية وما رافقتها من استقطابات طائفية وإثنية خلقت أجواء سياسية بعيدة عن المشروع الوطني الديمقراطي ونحن لسنا من القوى التي تستند على الانتماءات الطائفية، وأن ما جرى هو الاستقواء بقوى خارجية أجنبية والتمويل السياسي للحملات الدعائية بينما نحن حزب موارده محدودة وتعتمد على اشتراكات وتبرعات أعضائه، وتدخلت قوى خارجية بدءا من الأميركيين وحتى إيران لصالح قوى كبيرة».

وشكك في «نزاهة الانتخابات وقوانينها وأداء المفوضية العليا للانتخابات ولولاها لكنا قد حصلنا على ستة مقاعد على الأقل في البرلمان العراقي خاصة أننا كحزب وطني ولنا انتشار واسع في جميع أنحاء العراق، فلسنا حزب محافظة أو دين أو طائفة أو قومية ولو جمعنا أصواتنا لكنا قد حققنا نتائج أفضل»، معترفا بقوله «نحن لا ندعي بأننا أكملنا آليات الانتخابات، وقد يكون هناك نقص في أدائنا نتج عنه عدم تجميع أعداد كافية للحصول على أصوات تمكننا من الوصول إلى البرلمان».

وعزا موسى أسباب هجوم قوة من الجيش على مقر الحزب الشيوعي الشهر الماضي والمطالبة بإخلائه، إلى «مشاركتنا الفاعلة في التظاهرات التي خرجت في بغداد وبقية المدن العراقية، وهو رد فعل من الحكومة لدعمنا مطالب الشعب المشروعة خاصة أن الحكومة لم تكن راغبة بهذه المظاهرات وكانت متحفظة إزاءها ومشككة بها, منبها إلى أن «هذه المظاهرات أفضل وأسمى طريقة للرقابة الشعبية على سلوك الحكام وعون لهم إن صدقوا في نواياهم لمراقبة الشرور والموبقات التي ترتكب بحق الشعب».