إحصاء سكاني في البلقان يثير حساسية

الهجرة وتداخل القوميات والسيادة الناقصة أبرز المعوقات

TT

شرع عدد من دول غرب البلقان، مطلع الشهر الحالي، في عملية إحصاء السكان، على غرار بلدان الاتحاد الأوروبي. وتكتسي العملية حساسية بالغة، إذ لا تزال شعوب المنطقة تذكر حروب التسعينات. وفيما باشرت كوسوفو، والجبل الأسود، وكرواتيا، عمليات الإحصاء، قررت صربيا ومقدونيا تأجيل الأمر إلى الخريف المقبل.

وطلبت بلغراد من صرب كوسوفو، عدم المشاركة في عملية الإحصاء السكاني، إذا لم يكن تحت إشراف الأمم المتحدة. بينما لم يتم الاتفاق بعد في البوسنة على إجراء عمليات الإحصاء السكاني، لعدم توفر بعض الشروط، كعودة المهجرين، إلى مناطق السيطرة الصربية في البلاد، إضافة لعدم وجود قانون ينظم هذه العملية حتى الآن.

وقال المؤرخ سعاد حاجيتش لـ«الشرق الأوسط»: «أثناء وبعد الحرب، زاد عدد سكان صربيا، وكرواتيا، بفعل الهجرة النسبية من كوسوفو، والبوسنة، فالكثير من صرب البوسنة، ولا سيما الذين كانوا في المدن ذات الأغلبية المسلمة كسراييفو، وتوزلا، وزينتسا، وبيهاتش، وغيرها، انتقلوا بمحض إرادتهم للعيش في صربيا». وتابع: «هناك آلاف من صرب كوسوفو، وصرب كرواتيا، موجودون حاليا في صربيا وكثير منهم لا يرغبون في العودة».

والوضع في صربيا، مشابه إلى حد ما بكرواتيا، فهناك أعداد من كروات البوسنة، لم يعودوا إلى البوسنة، ولا سيما سكان المناطق التي يهيمن عليها الصرب، فيما يسمى «جمهورية صربسكا» داخل البوسنة. بيد أن المشكلة الكبرى تقع في البوسنة، وتحديدا في الدائرة البوشناقية، حيث يوجد نحو مليون نسمة في الخارج، نصفهم تقريبا، انقطعت صلتهم نهائيا بالبوسنة، على صعيد المواطنة بعد حصولهم على جنسيات دول أخرى تشترط على حامل جنسيتها عدم الاحتفاظ بجنسيته الأصلية.

ولهذه الأسباب تصر الأوساط الوطنية في البوسنة، على عدم إجراء تعداد للسكان على غرار دول الجوار الأخرى، حتى تتم عملية عودة المهجرين، وهو ما يحتاج إلى معجزة. وحسب آخر إحصاء تم في البوسنة عام 1991، كانت البوسنة تضم أكثر من 4 ملايين نسمة، منهم مليونا بوشناقي وأكثر من مليون صربي وأكثر من 750 ألف كرواتي.

وفي كوسوفو، حيث يعود آخر إحصاء إلى 1981 عندما كانت إقليما في الاتحاد الصربي، دعت بلغراد السكان الصرب المحليين إلى عدم الرد على أسئلة المحققين الذين ترسلهم بريشتينا. وتؤكد صربيا التي ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو الذي أعلن في 2008 أن المؤسسات الكوسوفية ليس مسموحا لها القيام بإحصاء كهذا. وتفيد التقديرات أن عدد سكان كوسوفو يبلغ 2.1 مليون شخص يشكل الألبان 90% منهم. وصربيا، الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان في المنطقة (نحو 7.5 مليون نسمة) وأرجأت التعداد إلى الخريف لأسباب تتعلق بالميزانية، قالت إنها تريد إجراء الإحصاء في كوسوفو أيضا. وفي الجبل الأسود حيث أكد 32% من السكان البالغ عددهم نحو 620 ألف نسمة أنهم صرب في 2003، يثير التعداد جدلا وخلافات عدة.

وفي مقدونيا التي قررت أيضا إرجاء الإحصاء حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، يتعلق الجدل بحجم المجموعة الألبانية التي كانت في 2002 تمثل ربع السكان البالغ عددهم مليوني نسمة. وتخشى أحزاب المعارضة الألبانية حصول «انتهاكات» تهدف إلى تخفيض عدد الألبان في هذا البلد.