واليوم.. إلى أين تتجه أسعار العقارات السكنية؟!

TT

الحديث عن مستقبل أسعار العقارات لا بد أنه يشغل رجال الأعمال والشركات المستثمرة الوطنية والأجنبية، وبالأخص العقارات السكنية في المدن السعودية الرئيسية. وذلك بعد أن صدرت قرارات تمس موضوعا كان يمثل مشكلة أو ما يعرف بـ«أزمة السكن». وبالنظر إلى المحددات والظروف التي تحرك أسعار مواد البناء (وبالأخص الحديد) وأجور العمالة.. مما يستوجب أن نضع النقاط على الحروف.

وهنا تنبغي ملاحظة أن ارتفاع أسعار العقارات السكنية يعود لسببين، هما: أسعار الأراضي وتكاليف البناء (مواد وعمالة). وبما أن الطلب على القطع السكنية يتوقع له أن يرتفع جرَّاء التوجه (أكثر) للإنفاق الداخلي. ومن ذلك منح 50 ألف متقدم لقروض الصندوق العقاري وزيادة مبلغ القرض من 300 ألف ريال إلى 500 ألف ريال. وهذا معناه توافر سيولة ضخمة في أيدي الناس لبناء مساكنهم. وبما يدفعهم أيضا إلى شراء القطع السكنية التي سيبنون عليها مساكنهم، ليزداد الطلب على هذه الأراضي. وكنتيجة لذلك يتوقع أن ترتفع أسعار الأراضي السكنية. والمعنى نفسه ينطبق على أسعار مواد البناء والعمالة؛ لأن هناك طلبا متضخما (وسيتضخم أكثر) يقابله ثبات في حجم المعروض من مواد البناء وحجم العمالة الفنية المتوافرة. في ظل محددات ومعوقات استقدام العمالة! وبالتالي فإن من الطبيعي إذا زاد الطلب مع ثبات العرض فإن السعر يرتفع، والمستفيد هم العمالة وانخفاض مستوى التنفيذ! لذلك فإنني أعتقد أنه إذا لم تعالج هذه القضية، فستصبح لدينا مشكلات مع طفرة في العقارات السكنية لم يحسب لها حساب!

أما بالنسبة لمستقبل الإيجارات وأسعار العمارات المؤجرة، فهذا يعتمد على موقعها ونوعية المستأجرين في الأحياء التي تقع بها. أما الوحدات السكنية المؤجرة على غير سعوديين، فهذه لا يتوقع أن تنخفض أسعارها كثيرا؛ لأن سكانها لن يستفيدوا من القروض الممنوحة أو الوحدات التي ستوفَّر لسكن المواطنين. وإنما ستتوافر لهم فرص سكن بديلة. وهذا بالطبع إن خفض أسعار إيجاراتها مستقبلا، لكنه ليس بنسب كبيرة. أما بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة في أحياء معظم سكانها من المواطنين، فإن من الطبيعي أن يقل عليها الطلب (بعد عدد من دورات البناء) وتبدأ أسعارها في الاستقرار تمهيدا للنزول التدريجي.. إذا لم يتغير أحد العوامل التي سبق أن تحدثنا عنها في ظل الظروف الحالية، أو حدث حادث (غير منظور) يؤثر على هذه العوامل ولو بطريق غير مباشر.

وأكثر من سيتضرر في الوقت الحالي هو الأراضي البعيدة عن السكن (وبالأخص غير المطورة) والمخططات البعيدة عن الخدمات، أو القطع السكنية الكبيرة والمخططات المشتركة (المساهمات العقارية) التي لم يتعهد مديروها بتوفير الخدمات لها ضمن قيمة الشراء أو المساهمة. ومع الوقت سوف يكون هناك عزوف عن المساكن متدنية المستوى، من حيث المساحات ومستوى البناء والتجهيزات الأخرى. ولا ننسى أن هذه الزيادة في الطلب لن تستفيد منها المشاريع الاستثمارية. وأقصد بذلك مشاريع المجمعات السكنية والأبراج والعمائر على الشوارع الرئيسية والميادين والمواقع الاستراتيجية والطرق السريعة المعدة للتأجير على الشركات والمؤسسات وأصحاب المهن الحرة بسعر المتر والقدم المربع. فهذه المشاريع نمت (كميا وسعريا) بمعدلات لم يقابلها نمو في الطلب عليها. كما أنه يتم بناؤها طبقا لمواصفات عالية التكلفة. ويتم تنفيذها بأيدي عمالة مهرة ونظامية الإقامة ومؤمن لهم وسائل نقل ومساكن مريحة وتأمين طبي... إلخ. وقد تم شراء أراضيها بأسعار أضعاف تكلفة الأراضي السكنية داخل الأحياء وعلى الشوارع غير الرئيسية؛ لذلك فإنه يتم عرض هذه الأبراج والمجمعات التجارية للتأجير بسعر خيالي للمتر أو للقدم المربع، ولذلك ينتظر لأسعارها أن تنخفض.

وختاما.. لا ننسى أن للقرارات الحكومية والعوامل الأخرى تأثيرها على توجه الأسعار.

* كاتب ومحلل مالي