عقوبات صارمة تنتظر الزمالك وجماهيره بعد مهزلة استاد القاهرة

القبض على 17 مشاغبا واعتذار مصري رسمي وشعبي لتونس ولفريق النادي الأفريقي

TT

أثارت أحداث الشغب التي اندلعت من جماهير الزمالك؛ باجتياحها أرض ملعب استاد القاهرة وإفسادها المباراة مع فريق الأفريقي التونسي في إياب الدوري الثاني من دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، ردود فعل غاضبة وحزينة في الوسط السياسي والرياضي المصري.

وتقدم رئيس الوزراء المصري، عصام شرف، باعتذاره إلى التونسيين حكومة وشعبا، وإلى لاعبي النادي الأفريقي، إضافة إلى الحكم الجزائري حيال ما حصل في ملعب القاهرة.

ووصف رئيس الوزراء المصري الأحداث بأنها إهانة لاسم مصر من «بعض البلطجية، وأنه لا تهاون من المفسدين».

وتردد أن رجال الأمن استطاعوا القبض على 17 من مثيري الشغب، وما زال البحث جاريا عن آخرين كانوا وراء اندلاع الشغب في المباراة التي توقفت عندما كانت النتيجة تشير لتقدم الزمالك 2 - 1 على الأفريقي، في الوقت المحتسب بدل الضائع للشوط الثاني.

واجتاح المشاغبون الملعب، واعتدوا على اللاعبين بعد لحظات من إلغاء الحكم لهدف أحرزه أحمد جعفر مهاجم الزمالك؛ أثبتت الإعادة أنه من تسلل واضح. وقام المشاغبون بتحطيم كل شيء في الملعب متسببين في خسائر بالغة.

وكان الزمالك بحاجة لتسجيل الهدف الثالث ليتأهل لدور الـ16، بعد انتهاء لقاء الذهاب في تونس بفوز الأفريقي 4 - 2.

وقال شرف: «ما حدث إساءة بالغة لثورة الشعب المصري، وستكون هناك عقوبات صارمة للمتورطين، والحكومة المصرية لن تسكت على هذه البلطجة وستتعامل معها بكل حزم وحسم.. لا يمكن أن يكون من قاموا بهذه الأحداث منتمين إلى الشعب المصري».

وأضاف: «عملت على الاطمئنان بنفسي على لاعبي الفريق التونسي، وأكرر اعتذاري للشعب التونسي وحكومته على ما حدث». كما قال وزير الخارجية المصري، نبيل العربي، إنه أجرى اتصالا مع نظيره التونسي لتقديم اعتذاره عما حدث، وإن وزير خارجية تونس تفهم الأمر وتقبل اعتذاري.

كما توجه حسن صقر، رئيس المجلس القومي للرياضة في مصر، بصحبة سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، إلى السفير التونسي لدى مصر، وقدما له الاعتذار عن أحداث الشغب، مؤكدين أن الشعبين المصري والتونسي من نسيج واحد، ولا يمكن أن يؤثر أي حدث عارض على حسن العلاقة بينهما.

كما تقدم زاهر أيضا بالاعتذار لطاقم التحكيم ومراقب المباراة. وأعلن سمير زاهر تأجيل بطولة الدوري المصري لأجل غير مسمى.

وكان من المنتظر أن تستأنف فعاليات المسابقة منتصف الشهر الحالي، بعد توقف دام نحو 12 أسبوعا، بسبب الأحداث التي شهدتها مصر منذ يناير (كانون الثاني).

ولكن في ظل الأحداث التي شهدتها مباراة الزمالك والأفريقي، أصبح استئناف مسابقة الدوري مهددا بالفعل، حيث أكد زاهر أنه سيطرح الأمر برمته على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة شؤون البلاد في الوقت الحالي لاتخاذ ما يراه مناسبا من قرارات بشأن المسابقة في ظل هذه الأحداث، وذلك طبقا للرؤية الأمنية.

وعلى الرغم من رغبة الكثير من الأندية في استئناف فعاليات المسابقة، بسبب الأضرار المالية والفنية التي ألمت بها نتيجة توقف المسابقة في الفترة الماضية، يبدو استئناف المسابقة أمرا صعبا في ضوء أحداث مباراة الزمالك والأفريقي، وقد يكون الحل المرجح هو تأجيلها لفترة أطول، أو إلغاءها هذا الموسم.

في المقابل، انتقدت الصحف التونسية الصادرة أمس بشدة تصرف جماهير الزمالك خلال مباراة فريقها مع الأفريقي التونسي، وتحت عنوان «بثورة أو دونها.. يبقى المصريون خاسرين سيئين»، كتبت صحيفة «لو تون» الصادرة باللغة الفرنسية تعليقا منها على اجتياح جمهور الزمالك لأرضية الملعب، وقالت: «لا شيء يبرر هذه العدائية ضد التونسيين الذين احتضنوا أشقاءهم في الأوقات الصعبة من الأزمة الليبية»، في إشارة منها إلى احتضان تونس لآلاف المصريين الهاربين من ليبيا بسبب الأوضاع الأمنية هناك. أما صحيفة «لو كوتيديان» الصادرة أيضا بالفرنسية فكتبت بدورها: «ما حصل في القاهرة لا يشرف الكرة المصرية أو العربية.. إن هذا التأهل (إلى ثمن نهائي المسابقة القارية) جاء بنكهة مرة».

في المقابل ذكرت صحيفة «الأهرام» المصرية «أن الانفلات الأمني تسبب في إنهاء مباراة الزمالك والنادي الأفريقي قبل موعدها بدقائق، وأن الكرنفال تحول إلى مهزلة ومأساة كروية». وأشارت الصحيفة إلى أن الجماهير اندفعت وسط الملعب مستغلة الغياب الأمني، وأن ذلك تم بلا مبرر ودون سبب، مضيفة أن «ذلك وضع الأخوة الأشقاء التوانسة في موقف صعب، وكانت النهاية شغبا جماهيريا وانفلاتا وخروج الزمالك وتوقيع عقوبات عليه». وبدورها كتبت صحيفة «الجمهورية» تحت عنوان «مهزلة في الاستاد»: «شهد استاد القاهرة مهزلة رياضية بكل المقاييس»، مشيرة إلى أن الجماهير اجتاحت أرض الملعب ودخلت في مواجهات عنيفة بسبب غياب الأمن. كما أفادت الصحيفة بأن رئيس الزمالك، جلال إبراهيم، طالب بضرورة إجراء تحقيق جنائي في الواقعة التي شهدها ملعب القاهرة.

وانطلقت الشرارة بعد نزول أحد المشجعين إلى أرض الملعب ما لبث أن تبعه المئات، ولم تتمكن قوات الأمن من السيطرة على الوضع. واستطاع اللاعب محمود عبد الرازق (شيكابالا) ومعه مجموعة من زملائه فرض طوق حول لاعبي الأفريقي لحمايتهم من غضب الجمهور، ولم يتركوهم حتى دخولهم غرف الملابس، في حين تعرض بعض لاعبي الأفريقي، وأيضا عدد من لاعبي الزمالك للاعتداء، منهم أحمد جعفر وهاني سعيد. وطالب أحد أعضاء مجلس إدارة الزمالك بالإطاحة بالجهاز الفني للفريق، المكون من الشقيقين التوأمين حسام حسن (المدير الفني) وإبراهيم حسن (مدير الكرة في النادي)، متهما الأخير بأنه كان من أسباب إثارة غضب المتفرجين.

وغادر لاعبو الفريقين وطاقم التحكيم الجزائري الملعب في ظروف عصيبة، بعدما باءت بالفشل محاولات القائمين على استاد القاهرة إبعاد المشجعين مع تزايد الأعداد التي نزلت لأرض الملعب، وسط ضعف الأمن في التصدي للمشاغبين. وأظهرت لقطات تلفزيونية قيام مشجعي الزمالك بتحطيم منشآت استاد القاهرة باستخدام العصي، فحطموا لوحات الإعلانات الموجودة حول الملعب، واستخدموها في تدمير منشآت الملعب والاعتداء على صحافيين وأفراد الأمن.

وقال خالد السويسي مدافع الأفريقي: «تعرضت للضرب من قبل المشجعين. لا أعرف كيف وصلت إلى حجرة الملابس.. كنت أجري وأصرخ من اللكمات».

لكن صالح المناعي نائب رئيس الأفريقي، قال إن كل لاعبي الفريق بخير ولا توجد إصابات تبعث على القلق باستثناء بعض الجروح الطفيفة لوسام يحيى ومهدي مرياح ومهدي الرصايصي وأيمن السلطاني.

وأعرب أحمد إسماعيل، السفير المصري لدى تونس، عن صدمته بعد أحداث استاد القاهرة، وقال: «أنا في حالة صدمة كبيرة، ولم أصدق ما حدث، وأعتذر لتونس وشعبها وجمهور الأفريقي ولاعبيه، ما حدث لم يخطر على البال.. كان من المفروض أن تحمي الجماهير لاعبي الأفريقي ومشجعيه، خاصة بعد الاستقبال الرائع الذي ناله الفريق التونسي في القاهرة».

وقال المغربي محمد باحو، مراقب المباراة من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، إنه سيدون في تقريره الأحداث التي شهدها اللقاء، مشيرا إلى أن النتيجة ستحتسب لصالح الأفريقي 2 – صفر، وستكون هناك عقوبات يوقعها الاتحاد الأفريقي على الزمالك، وربما تصل لحرمان الفرق المصرية من اللعب على أرضها لبعض المباريات.

ولاحت فرصة ذهبية للزمالك لافتتاح التسجيل بعد مرور من أقل من 20، ثانية لكن صانع اللعب شيكابالا لم يستطع التصرف جيدا وهو في مواجهة مرمى الأفريقي.

وحصد حسام حسن مدرب الزمالك - الذي اشتكى بعد مباراة الذهاب من أن مشجعي الأفريقي الذين دخلوا أرض الملعب شتتوا أذهان لاعبيه - ثمار الدفع بلاعب منتخب قطر، حسين ياسر، الذي بث نشاطا في صفوف الفريق متصدر الدوري المصري الممتاز.

وحصل ياسر على ركلة جزاء بعد هجمة قادها الظهير الأيسر محمد عبد الشافي، وانبرى المدافع الدولي محمود فتح الله لتنفيذها بنجاح محرزا الهدف الأول في الدقيقة 28.

لكن وسام يحيى قائد الأفريقي وجه لطمة قوية لآمال الزمالك بإحرازه لهدف التعادل على نحو مفاجئ في الدقيقة 37 ليصبح الفريق المصري مطالبا بتسجيل هدفين آخرين من أجل التأهل.

وأنهى الزمالك الشوط الأول متقدما 2 - 1 بعد هدف سجله ياسر من مدى قريب في الدقيقة 45، لكنه أهدر الكثير من الفرص في الشوط الثاني لتعزيز تقدمه. وكتب إلغاء الحكم للهدف الذي أحرزه جعفر في الوقت المحتسب بدل الضائع كلمة النهاية في اللقاء (ثبت أنه من تسلل) وتسبب في اجتياح الجماهير للملعب في مشهد يتوقع أن يتسبب في فرض عقوبات صارمة على الزمالك.