البوسنة: الشعب يريد تنظيف الشوارع

عرب شاركوا في حملة التنظيف وعيونهم تستحضر ركام النفايات في شوارع بلدانهم

الكل صغارا وكبارا ينظفون شوارع سراييفو («الشرق الأوسط»)
TT

قام المئات من الشباب البوسني باستغلال طاقة الحماس التي تملأ جوانحهم في تنظيف شوارع بلدهم، تحت شعار «لا تلق النفايات في ساحتنا، هكذا نحافظ على نظافة عالمنا». وعلى الرغم من أن شوارع البوسنة نظيفة جدا، فإن الشباب رأوا في بعض الضواحي تقصيرا من قبل البلديات، وكذلك السكان، فهبوا لضرب المثل في الحفاظ على البيئة نظيفة، والربيع خاليا من أي شوائب. وقالت رئيسة بلدية فوغوتشا، ايدينا سمائييتش لـ«الشرق الأوسط»: «إمكانياتنا محدودة، ولذلك عندما عرض علينا بعض الشباب القيام بحملة نظافة، رحبنا بالفكرة وسارعنا لتطبيقها، لنضرب المثل بذلك للآخرين»، وتابعت: «لم تقتصر الحملة على لون معين، وإنما شملت الجميع فنحن نريد خدمة ضاحيتنا بروح جماعية، جميع الأحزاب والجمعيات والنوادي الرياضية والمهتمين بالبيئة والمدارس والمنظمات غير الحكومية والمواطنين العاديين مشاركون في هذه الحملة».

ويقدر عدد الذين شاركوا في الحملة أمس بأكثر من 500 متطوع، قاموا بتطهير مساحات شاسعة من ضاحية فوغتشا الجميلة، شملت الحدائق والمزارع المجاورة، وقال، نرمين كواتش: «ليس لدينا ديكتاتور ولا ديكتاتورية نثور عليهما كما الحال لدى الشباب في بعض البلدان العربية، فقررنا أن نثور على الرتابة وعلى النفايات المتسللة بفعل الرياح إلى المزارع المحيطة، وأجد شخصيا متعة عارمة في هذا العمل». سعادة ميتيتش (18 سنة) قالت إن مشاركتها في الحملة نابعة من اقتناعها بأن السكان يتحملون جزءا من المسؤولية، فإذا قصرت البلدية فلا يجب أن نترك محيط سكنانا عرضة للتلوث البيئي وانتشار النفايات، وما قمنا به هو واجب وليس منة أو تفضلا، فهذا بلدنا وهذه مدينتنا ونحن أولى بتنظيفها».

كريم أحيداغيتش (22 سنة) ذكر أنه طالب في كلية الفلسفة، وأنه لما سمع بالحملة لم يتردد في المشاركة فيها: «إنها مشاركة في عمل نبيل وتنظيف الشوارع، وفي نفس الوقت محاولة لكسر الروتين في حياتي يوم الأحد، المتمثل في النوم أكثر من الأيام العادية، أيام الأسبوع الأخرى، والخروج إلى البادية والاجتماع مع الأصدقاء».

وتابع «أعتقد أن المشاركة في عمل تطوعي يوم الأحد أفضل من أي عمل آخر، لأن الفائدة تعود على أكبر عدد ممكن من السكان».

بعض العرب المقيمين في البوسنة، من تونس، ومصر، وسورية، والأردن وغيرها، شاركوا في الحملة، وعيونهم تستحضر ركام النفايات في شوارع بلدانهم. وقال بشير، الذي عاد مؤخرا من تونس: «بعيدا عن المزايدات السياسية، والمماحكات الفكرية، والتقعر الفلسفي، والبرج العاجي لسدنة علم الاجتماع، قام هؤلاء بتنظيف الحدائق المجاورة لضاحية فوغوتشا، وذلك من دون صخب ولا دعايات»، وتابع: «عدت من تونس مؤخرا، وكانت معي زوجتي، والله كنت أشعر بالخجل لحال بعض شوارعنا وما فيها من نفايات»، وأردف: «تونس بلد سياحي، يأتي إليها ملايين السياح سنويا ومن العيب ترك شوارعنا بتلك الحال التي رأيتها فهذا يجلب لنا العار»، وطالب بثورات جديدة في البلدان العربية «يكون شعارها: (الشعب يريد تنظيف الشوارع)»، وأضاف: «شاركت بحماس في هذه الحملة، كما لو كنت أنظف شوارع بلدي». وقال سامر من الأردن: «أحد أسباب هروبي من عمان، هو وضع بعض الشوارع، فإلى جانب الحفر والمطبات كانت النفايات تزكم الأنوف، ولو كانت هناك مبادرات للتنظيف لما ترددت في المشاركة فيها».

أما حسين من مصر فقال: «أتذكر ما قاله مذيع في إحدى القنوات العربية المشهورة من أنه يحب حتى الزبالة في شوارع مصر، وهذا الحب الذي يطبع تصورات الكثيرين وراء مقدمات الكوليرا في مصر»، وأضاف: «يجب أن نكره الزبالة والنفايات والوساخة لا أن نحبها، ففي ديننا الطهور شطر الإيمان».