قوة عمل دولية تحقق لصالح مجموعة الـ20 في شفافية المؤشرات السعرية للخامات النفطية

من بينها وكالة الطاقة الدولية ومنتدى الطاقة العالمي

TT

في الوقت الذي أعربت فيه قيادات دول كبرى، على رأسها أميركا، عن قلقها العميق حيال تأثير المضاربين على أسواق النفط، في أعقاب موجة الارتفاعات الأخيرة في أسعار الخامات، التي لا تدعمها معادلات العرض والطلب، قالت المنظمة الدولية لهيئة الأوراق المالية التي تشرف على الإجراءات والتشريعات في أسواق المال العالمية في بيان على موقعها على الإنترنت اطلعت عليه «الشرق الأوسط» إنها ستقوم بإجراء عملية تقييم لأسلوب تسعير الخامات النفطية وعما إذا كانت المعلومات السعرية التي تقدمها الشركات المرجعية التي تصدر قائمة الأسعار، مقياسا حقيقيا يعكس السعر الفعلي للخامات. وحسب الهيئة، تهدف الدراسة التي ستفحص دور المؤشرات المرجعية للأسعار التي تصدرها الشركات في ارتفاع الأسعار. ويذكر أن كلا من شركة «آرغوس» البريطانية وشركة «بلات» الأميركية التابعة لمجموعة «ماكنرو - هيل» لخدمات المعلومات تقوم بجمع المعلومات التي على ضوئها تحدد الأسعار المرجعية للخامات. كما ستحقق الدراسة كذلك حول ما إذا كانت المؤشرات السعرية للخامات التي تصدرها كل من شركتي «آرغوس ميديا» البريطانية وشركة «بلات» الأميركية لخدمات المعلومات، تحمل تناقضات ومبنية على مصالح. كما أن الدراسة ستفحص كذلك الأسلوب الذي تستخدمه هذه الشركات لوضع الأسعار ودرجة الشفافية في الإعلان عنها. وتتعاون المنظمة الدولية لهيئة الأوراق المالية، التي يوجد مقرها في مدريد وتنظم الإجراءات لـ95 في المائة من البورصات العالمية في أكثر مائة دولة. وستقدم الدراسة لمجموعة العشرين في اجتماعها المقبل في 14 أكتوبر (تشرين الأول). وتتعاون فيها مع كل من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية ومنتدى الطاقة العالمي، الذي يوجد مقره في الرياض، ويرأسه وكيل وزارة البترول السعودية الأمير عبد العزيز بن سلمان.

وعينت الهيئة المشرفة على التحقيق شركتي استشارات لمساعدتها في الفحص والتقصي حول دور المؤشرات السعرية وشفافية الشركات التي تصدرها. وتقوم كل من شركتي «آرغوس» البريطانية و«بلات» الأميركية التابعة لمجموعة «ماكنرو هيل» لخدمات المعلومات بجمع المعلومات حول صفقات المعروض النفطي والطلبيات على الخامات النفطية ومعلومات أخرى تستخدمها في تحديد المؤشر السعري للخامات النفطية مثل سعر خام برنت وخام غرب تكساس. ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تثار فيها الشكوك حول دور هذه الشركات التي تصدر المؤشرات السعرية للخامات النفطية، فقد سبق أن قالت الهيئة في نوفمبر (كانون الأول) الماضي إن طريقة صياغة العقود وعمليات المسح تثير القلق في سوق العقود المستقبلية للخامات النفطية. ويذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد هاجم المضاربات وأسلوب تحديد الأسعار، وقال إن الحكومة الأميركية ستقوم بالتحقيق حول دورها في رفع أسعار الوقود، كما هاجم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كذلك دور المضاربات في رفع أسعار النفط. وكانت السعودية التي تقوم بدور ضمان الإمدادات النفطية الكافية للأسواق بما لديها من طاقة فائضة قد رفعت إنتاجها خلال الشهر الماضي لتلبية أي نقص في المعروض ولكنها اكتشفت أن هنالك معروضا كافيا وأن أسباب أسعار النفط لا علاقة لها بأسس العرض والطلب.

وفي ذات الصدد أشارت دراسة أجراها معهد أكسفورد لدراسات الطاقة في أكتوبر الماضي واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، إلى أن المضاربات في السوق النفطية حولت النفط إلى أداة مالية تتم المضاربة عليها في الأسواق الآجلة مثلما يحدث للسندات والأوراق المالية الأخرى. وقالت الدراسة إن التذبذب الحاد في أسعار النفط وارتفاع درجة الاضطراب في دورة الأسعار قاد إلى تركيز الانتباه على احتمالية أن الخام النفطي امتلك خاصية الموجودات المالية مثل السندات والأسهم. وأضافت أن السوق النفطية أصبحت سوق أدوات مالية وأن الأداء السعري للخام النفطي في الشهور الأخيرة بات يشابه أداء الموجودات المالية. ويتفق الكثير من محللي الأسواق النفطية على أن عملية التحول في أداء الخامات النفطية والعلاقة بين مؤشراتها السعرية ومؤشرات الأدوات المالية باتت مرتبطة إلى حد بعيد. حيث إنها باتت تتأثر بالأدوات الاستثمارية الأخرى مثل المشتقات المالية وأسعار السلع والعملات. ويحدث ذلك بسبب دخول صناديق المعاشات وصناديق الاستثمار في الأسواق المالية للمضاربة على النفط وتحقيق أرباح فيما يطلق عليه البراميل الورقية.

وعلى صعيد الأسعار، تحرك النفط في نطاق ضيق، أمس، انخفاضا ثم صعودا في تعاملات متقلبة قبل اجتماع لمجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الذي يمكن أن تصدر عنه إشارة بشأن تغيير في سياسة «التيسير الكمي» التي تنتهجها الولايات المتحدة. وتأثرت الأسعار بتصريحات سعودية حول التأثير الاقتصادي لارتفاع أسعار النفط، حيث أعربت عن قلقها، فيما قالت الولايات المتحدة أكبر بلد مستهلك في العالم للطاقة، إن الأسعار الحالية لا تشكل مخاطر. وبحلول الساعة 14.41 بتوقيت غرينتش ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 50 سنتا إلى 124.16 دولار للبرميل بعد أن هبطت لوقت قصير. وصعدت العقود الآجلة للخام الأميركي 20 سنتا إلى 112.48 دولار للبرميل.

وقال محللون إن بعض المستثمرين سيعتمدون على مؤشرات فنية لتحقيق مكاسب من التداول على الأمد القصير. وربما يستمر نطاق الأسعار ضيقا جدا إلى أن ينتهي اجتماع مجلس الاحتياط الاتحادي اليوم. وقال أوليفير جاكوب من «بتروماتريكس» في سويسرا لـ«رويترز»: «سينصب التركيز هذا الأسبوع على اجتماع مجلس الاحتياط». ويتطلع المستثمرون للمؤتمر الصحافي الذي سيعقده بن بيرنانكي رئيس المجلس بعد انتهاء الاجتماع.

وتأثرت أسعار النفط كذلك بهبوط الدولار أمام اليورو إلى أدنى مستوى في 16 شهرا. ولا تزال الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط، خاصة في ليبيا ودول أخرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.