استطلاع: المصريون متفائلون للغاية بشأن المستقبل

9 من بين كل 10 أشخاص أشادوا بعمل المشير طنطاوي.. و54% من المصريين يريدون إلغاء اتفاقية «كامب ديفيد»

TT

يتطلع المصريون بثقة وحماسة غير عادية لأول انتخابات حرة ونزيهة خريف العام الحالي بعد ثورة الربيع العربي الفارقة، حسب ما أعلنه أول استطلاع منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. بيد أنه لا يزال هناك انقسام كبير حول دور الإسلام في حياتهم العامة. ويعد الاستطلاع الذي أجراه مركز بيو للأبحاث واعتمد على مقابلات شخصية مع 1000 مصري، أول مسح موثوق به منذ أن قامت الثورة برفع الكثير من القيود المفروضة على حرية التعبير، كما أنه أول استطلاع يقوم مباشرة ويتناول الجدل الغربي حول ما إذا كانت الثورة ستنجرف نحو التطرف الإسلامي أم لا.

وكشف الاستطلاع عن أن 30 في المائة من المصريين لديهم وجهات نظر مؤيدة للأصولية الإسلامية، في حين تؤيد نفس النسبة تقريبا خصوم هذه الأصولية، أما نحو 25 في المائة فلهم وجهات نظر متباينة.

ويفترض كثير من الغربيين أن جماعة الإخوان المسلمين قد تهيمن على السياسة المصرية بسرعة كبيرة، بوصفها الجماعة غير الحكومية الأكثر تنظيما في المجتمع المصري، وهي وجهة النظر التي طالما روجت لها حكومة مبارك. ويظهر الاستطلاع أن ثلاثة من بين كل أربعة مصريين لديهم آراء إيجابية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، التي حصلت على تقييمات إيجابية للغاية من 37 في المائة من المشاركين، وتقييمات إيجابية إلى حد ما من 38 في المائة.

هذه النتائج وضعت جماعة الإخوان المسلمين على قدم المساواة تقريبا مع حركة 6 أبريل، وهي جماعة شبابية وعلمانية وتقدمية نسبيا ولعبت دورا قياديا في تنظيم الثورة. أظهر الاستطلاع أن سبعة من بين كل عشرة مشتركين لديهم آراء مؤيدة للجماعة، حيث ينظر إليها 38 في المائة بشكل إيجابي للغاية، في حين ينظر إليها 32 في المائة بشكل إيجابي إلى حد ما. ويتراوح هامش الخطأ في الاستطلاع بين أربع نقاط مئوية بالزيادة أو بالنقصان.

وقال 17 في المائة إنهم يرغبون في رؤية «الإخوان المسلمين» في رئاسة الحكومة المقبلة، في حين حصل حزب الغد، وهو حزب ليبرالي برئاسة أيمن نور، مرشح الرئاسة والسجين السابق، على نفس النسبة تقريبا لقيادة الحكومة الجديدة. وأيد واحد من بين كل خمسة مشتركين حزب الوفد الجديد، وهو حزب ليبرالي علماني تم الاعتراف به في فترة حكم مبارك.

وقال نحو ثلثي المصريين إن القانون المدني يجب أن يستقي من القرآن الكريم بدقة، في الوقت الذي يقول فيه الدستور الحالي لمصر، التي تعد دولة علمانية إلى حد كبير، إنه يستند بالفعل إلى القرآن الكريم.

ورفض صبحي صالح، وهو عضو بارز في جماعة الإخوان المسلمين والمرشح السابق في البرلمان، نتائج الاستطلاع ووصفها بأنها تبالغ في تقديم الدعم للأحزاب الأخرى. وأضاف أن جماعة الإخوان هي الجماعة الوحيدة المنظمة بشكل كبير ولها برنامج واضح، وتوقع لها النجاح في الانتخابات. وقال صالح: «هذه النتائج خاطئة، ولن يستغرق الأمر سوى شهرين فقط لكي تتأكدوا من ذلك».

وقال عمرو الشوبكي، المحلل السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن نتائج الاستطلاع تعكس العادة المصرية في عدم المبالاة في التناقضات الواضحة بين عقيدة السلف وأنماط الحياة الحديثة. وأضاف «لهذا السبب نجد الناس لديهم انطباع إيجابي عن حركة 6 أبريل ويحبون (الإخوان المسلمين) في نفس الوقت. يتمتع الناس العاديون بدرجة عالية من المصالحة بين الإسلام والأفكار الحديثة، لذلك فهم محافظون ولكن ليسوا متشددين».

وأظهر الاستطلاع أيضا أن أغلبية المصريين، وبالتحديد 54 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، يريدون إلغاء معاهدة السلام التي تم توقيعها عام 1979 مع إسرائيل، والتي تشكل حجر الزاوية للسياسة الخارجية المصرية والاستقرار في المنطقة. وتتفق نتائج الاستطلاع مع القول السائد بأن المصريين يشعرون بأن إسرائيل لم ترق إلى مستوى التزاماتها في معاملتها للفلسطينيين، ولكن فضل أكثر من الثلث من شملهم الاستطلاع، 36 في المائة، الحفاظ على المعاهدة، ولم يطرح الاستطلاع السؤال الأكثر إثارة للجدل عما إذا كان المصريون يريدون التضحية بثلاثة عقود من السلام.

وكشف الاستطلاع عن وجود فرحة غامرة بين المصريين لرحيل الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة، وأكد ثلثا المصريين أنهم راضون عن سير الأمور في البلاد. وحول تعامل الإدارة الأميركية مع التطورات السياسية في مصر، قال 39 في المائة إنه كان للولايات المتحدة تأثير سلبي، ورأى 22 في المائة أنه كان لها تأثير إيجابي، فيما رأى 35 في المائة أنه لم يكن لها تأثير لا سلبي ولا إيجابي. وفيا يتعلق بالعلاقات المصرية - الأميركية، أعرب 15 في المائة عن رغبتهم في تعزيز العلاقات، بينما رأى 43 في المائة ضرورة تخفيضها، ويؤيد 40 في المائة الإبقاء عليها كما هي. ومع ذلك، يؤيد صالح، وهو عضو في جماعة الإخوان المسلمين، الحفاظ على المعاهدة. وأضاف: «هناك فرق بين مشاعر الناس تجاه إسرائيل وتقييمهم السياسي. أولئك الذين يريدون الحفاظ على المعاهدة يريدون ذلك بدافع من مصلحة مصر، وليس لأنهم يقبلون إسرائيل».

ووجد الاستطلاع أن الجيش يتمتع بشعبية كبيرة جدا، مما يعكس دوره الحاسم في الإطاحة بمبارك، كما أن 9 من بين كل 10 ممن شملهم الاستطلاع أشادوا بعمل المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق في عهد مبارك والرئيس الحالي للمجلس العسكري المؤقت الذي يحكم البلاد.

ولكن تم إجراء الاستطلاع في الأسبوعين اللذين سبقا 7 أبريل (نيسان)، أي قبل الخلافات الأخيرة حول استخدام الجيش للقوة ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة. ومع ذلك، قد تثير هذه النتائج قلق الليبراليين المصريين الحريصين على رؤية السلطة العسكرية وهي تسلم السلطة للمدنيين، وقال 27 في المائة فقط ممن شملهم الاستطلاع بأن هذا مهم جدا.

وبالنسبة للمرشحين للرئاسة، أكد الاستطلاع الاعتقاد السائد بأن عمرو موسى، رئيس جامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق في عهد مبارك، هو الأوفر حظا، حيث إن 9 من بين كل 10 ممن شملهم الاستطلاع أبدوا آراء إيجابية حوله، بما في ذلك 41 في المائة كانت لديهم آراء إيجابية جدا، في حين أظهر 7 من بين كل 10 وجهة نظر إيجابية عن الدكتور أيمن نور، وهو مرشح خاض انتخابات سابقة للرئاسة متحديا مبارك وتم اعتقاله، حيث أعرب 32 في المائة عن آراء إيجابية جدا. وأظهر 57 في المائة آراء إيجابية عن الدكتور محمد البرادعي، الحائز جائزة نوبل والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن يشكو الكثير منهم من أنه قضى معظم حياته خارج مصر، في حين أعرب 39 في المائة من المصريين عن وجهات نظر سلبية تجاهه.

ولا يعتبر أي من الثلاثة مرشحين من الإسلاميين.

ووجد الاستطلاع أن المصريين متفائلون بشكل كبير بالثورة وبمستقبلهم بعدها، حيث قال نحو ثلثي من شملهم الاستطلاع إنهم راضون عن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد، في حين أعرب 6 من بين كل 10 عن تفاؤلهم بشأن المستقبل. وعلى الرغم من أن الانتخابات السياسية النزيهة ستكون جديدة على الشعب المصري، فإن معظم المصريين لديهم قدر من الثقة بأنهم ربحوا الديمقراطية. وقال 41 في المائة بأنه من المرجح جدا أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة، في حين قال 43 في المائة إنه من المرجح إلى حد ما، وقال 16 في المائة إن ذلك غير مرجح.

وقال 54 في المائة إن تشكيل حكومة ديمقراطية كان يستحق المخاطرة بعدم الاستقرار السياسي، في حين تبنى 32 في المائة فقط وجهة النظر المخالفة.

ولكن عند سؤالهم عن الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة للمستقبل، قال 82 في المائة تحسين الظروف الاقتصادية مهم جدا، و79 في المائة قالوا نظاما قضائيا عادلا، و63 في المائة قالوا القانون والنظام، وهي نفس النسبة التي قالت حرية التعبير، في حين قال 55 في المائة فقط انتخابات نزيهة.

* خدمة «نيويورك تايمز»