أوباما يستعد لإلقاء خطاب حول التطورات في الشرق الأوسط

الرئيس الأميركي يوسع اتصالاته بقادة المنطقة للتعامل مع الوقائع الجديدة

TT

تدور تساؤلات كثيرة في واشنطن حول الاستراتيجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المدى البعيد بعد الثورتين في تونس ومصر والحرب في ليبيا والاضطرابات في سورية والبحرين وغيرها من الدول العربية. وسيكون على الرئيس الأميركي باراك أوباما توضيح هذه الاستراتيجية في خطاب من المعتزم أن يلقيه خلال الأسابيع المقبلة حول التطورات في المنطقة. وبينما يمتنع البيت الأبيض عن تحديد موعد إلقاء هذا الخطاب أو مكان إلقائه، يعمل مجلس الأمن القومي الأميركي، بالإضافة إلى مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، على توسيع الاتصالات مع مسؤولين ونشطاء في المنطقة لتقييم ما يحدث أبعد من ردود الفعل المستعجلة على الأحداث. كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد أعلنت، قبل أسبوعين، أن «الرئيس سيتحدث بتفصيل أكثر عن سياسات أميركا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الأسابيع المقبلة». وتؤكد مصادر أميركية لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف الأميركي يعتمد على «مبادئ» معينة وليس دعم قائد عربي أو نظام عربي معين، وهناك توقعات بأن يشمل خطاب أوباما الإشارة إلى تلك المبادئ والعمل على سياسات تنسج بين مصالح الولايات المتحدة وقيمها. وهناك وعي أميركي بأن الخطاب سيحتاج إلى موازنة بين المواقف الأميركية، لكن مضمون الخطاب ما زال غير واضح، في وقت يتكتم فيه البيت الأبيض حوله، بينما ما زالت تبعات التطورات في دول عدة في المنطقة، مثل سورية وليبيا، غير معروفة. وامتنع الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني عن تحديد أي معلومات عن الخطاب المتوقع لأوباما، قائلا: «ليس لديَّ موعد محدد حول تصريحات محتملة يمكن للرئيس الإدلاء بها». وأضاف: «لقد تحدث كثيرا عن المنطقة والربيع العربي، وإنني متأكد من أنه سيواصل ذلك، لكن ليس لدي موعد لكم».

وفي الوقت الراهن، يوسع أوباما من اتصالاته بقادة المنطقة من أجل التشاور حول التطورات في المنطقة وتوثيق العلاقات مع البعض. والتقى أوباما، عصر أمس، ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وقال بيان من الناطق باسم البيت الأبيض: «إن الرئيس يتطلع إلى البحث، مع ولي العهد، في الروابط الوثيقة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصالحنا الاستراتيجية المشتركة في المنطقة». وقرر البيت الأبيض عدم عقد مؤتمر صحافي بين الزعيمين أو إلقاء أي تصريحات للصحافيين. يُذكر أن أوباما استقبل أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، وألقيا تصريحات مقتضبة للصحافيين حول العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى تعاونهما في العمليات العسكرية في ليبيا.

وأعلن البيت الأبيض أن أوباما اتصل برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، مساء أول من أمس «لمواصلة المشاورات بين القائدين حول التطورات في الشرق الأوسط». وهذا الاتصال هو الخامس بينهما منذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي وانطلاق ثورة مصر. وحرص البيت الأبيض على إظهار توافق بين الطرفين حول ليبيا وسورية؛ حيث أفاد البيان بأنهما «اتفقا على أن الهجمات ضد المدنيين يجب أن تتوقف وأن على القذافي التنحي عن السلطة ومغادرة ليبيا بشكل دائم كي يكون هناك حل دائم يعكس رغبة الشعب الليبي». وأضاف البيان أن «الرئيس أوباما ورئيس الوزراء أردوغان عبَّرا عن قلقهما العميق حول استخدام الحكومة السورية غير المقبول للعنف ضد شعبها». وشدد البيان على أن الزعيمين «اتفقا على أنه على الحكومة السورية إنهاء استخدام العنف الآن وتطبيق فوري للإصلاحات ذات المعنى التي تحترم الطموحات الديمقراطية للمواطنين السوريين». كان من اللافت أن البيان من البيت الأبيض اختتم بـ«تعبير الرئيس (أوباما) عن أمله لرئيس الوزراء أردوغان أن تجد تركيا وإسرائيل الفرص لتحسين علاقاتهما في مصلحة الاستقرار الإقليمي». وهناك تركيز في واشنطن على أهمية تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وفي نطاق أوسع، من أجل العمل على إحياء عملية السلام، الأمر الذي ما زال أوباما متمسكا به في إطار الاستراتيجية الأميركية للمنطقة. ومن المرتقب أن يشهد الشهر المقبل المزيد من الزيارات رفيعة المستوى إلى واشنطن من زعماء عرب، بالإضافة إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القريبة لإلقاء خطاب أمام مجلسي النواب والشيوخ في البيت الأبيض.

في الوقت نفسه، تواصل الإدارة الأميركية مشاوراتها مع حلفائها الأوروبيين حول التطورات في المنطقة؛ حيث أجرى أوباما اتصالا مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني للتشاور حول ليبيا والمشاركة العسكرية الإيطالية في العمليات في ليبيا. كان أوباما قد اتصل، الأسبوع الماضي، برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للغرض نفسه. وبينما يبتعد أوباما في الوقت الراهن عن التصريحات والمقابلات الإعلامية، يحرص على توثيق العلاقات والمشاورات مع حلفائه استعدادا لإلقاء خطابه المرتقب حول المنطقة.