إعادة فتح قضايا القتل غير العمد ضد حراس «بلاك ووتر» تربك الضحايا العراقيين

أحد الضحايا: تعلمنا الدرس من إسقاطها في المرة الأولى

TT

بعد وقت قصير من قرار محكمة في واشنطن إعادة فتح قضايا القتل غير العمد ضد أربعة متعاقدين عسكريين أميركيين في عمليات قتل 17 عراقيا في بغداد خلال شهر سبتمبر (أيلول) عام 2007، وقف براء سعدون في الساحة التي وقع بها الحادث، وهو يهتز بعصبية في ظل محاولته لفهم هذه القضية.

وتساءل سعدون، وهو يتذكر حادث إطلاق النار في ساحة النسور: «لماذا توقفت القضية وعادت مجددا الآن؟». والمتعاقدون، الذين عملوا كحراس لشركة «بلاك ووتر» متهمون بإطلاق النار بوحشية من رتلهم. وقالوا إنهم كانوا يردون على إطلاق النار من المسلحين.

وتعرض سعدون لجروح إثر تلقيه رصاصتين في الحادث وقد أصيب بـ60 شظية، لا يزال عدد كبير منها موجودا في جسمه. وقال: «بصراحة، أعتقد أن القضية سوف يتم صرف النظر عنها مجددا».

وكان ارتباك سعدون وتشاؤمه إزاء القضية واضحا أيضا في عدد كبير من الضحايا الآخرين الذين لم يفهموا قرار إحياء التهم التي كانت قد أسقطت خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2009. وقد أكدت مشاعرهم على إحساس أكبر يسود داخل العراق بأن الحكومتين الأميركية والعراقية نادرا ما تستجيب لمظالم الشعب العراقي.

وقال سعدون: «كان لدينا آمال عالية مع القضية السابقة. وقد وصلت القضية إلى نقطة كنا نعتقد بأنها يمكن أن تنجح، ولكن كل شيء فشل في ذلك الوقت وقد تنازلنا عن القضية». وأضاف: «يمكنهم فتح القضية، ولكنني أعتقد في النهاية أنه سوف تكون هناك ضغوط سياسية من أجل إغلاق القضية مجددا. وقد تعلمنا الدرس مما حدث من قبل في هذه القضية».

وقد أثارت حادثة إطلاق النار في ساحة النسور غضب العراقيين، وأطلقت مشاعر مناهضة للولايات المتحدة أدت في النهاية بالحكومة العراقية لإخضاع كل المتعاقدين الأجانب لقوانين الدولة. وفي عام 2008، أدانت وزارة العدل الأميركية الحراس بتهم القتل غير العمد اعتمادا على بيانات قدمها الحراس تحت القسم لوزارة الخارجية مع الوعد بالتمتع بالحصانة. وقال حارس أقر بذنبه ووافق على الشهادة ضد الآخرين إن الحراس فتحوا النار ببنادقهم الآلية ومنصات إطلاق القذائف، وإنه لم يكن هناك أي تهديد للقافلة. ولكن في عام 2009، أسقط قاض فيدرالي في واشنطن هذه القضية، وقال إن استخدام وزارة العدل للبيانات التي قدمها الحراس في مقابل الحصول على حصانة قد أسقط حقهم في الحصول على محاكمة نزيهة. وأغضب هذا الرفض العراقيين مجددا، الذين كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة كانت قد سمحت للمتعاقدين بالعمل فوق القانون. وفي زيارة قام بها للعراق، رد نائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، على سؤال بشأن هذه القضية بقوله: «الرفض لا يمثل التحلل من التزام» وأفاد بأن إدارة أوباما استأنفت هذا الحكم.

وكان سياسيون عراقيون، من بينهم رئيس الوزراء نوري كمال المالكي، قد انتقدوا بشكل صارم التهم في عام 2009، ولكنهم أصدروا قدرا محدودا من التصريحات في هذه الحالة. وقال علي الموسوي، وهو مستشار بارز لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي: «ليس هناك أي ردود فعل حتى الآن لأن هذه القضية لا تزال مربكة لعدد كبير من العراقيين. ونحن ننتظر الحصول على شيء واضح بهذا الخصوص». ولكن الموسوي ذكر أن الحكومة كان لديها ثقة في النظام القضائي الأميركي، وقال: «نحن نرحب بهذا القرار ونعتبره دليلا على نزاهة العدالة الأميركية». وأضاف: «الحكومة العراقية ترى أن فتح القضية مجددا سوف يمنح الضحايا الذين ماتوا بعض العدالة».

وكان سامي حواس، يقود سيارته برفقة أمه وابنه في عام 2007 عندما أوقفتهم قوات الشرطة في ساحة النسور، والتي كانت قيد الإنشاء بعد أن كان قد تم نسفها خلال وقت مبكر من ذلك العام. وقال حواس إن قوات الشرطة كانت قد أوقفته لأن قافلة أميركية كانت تعبر الساحة. وقدمت العديد من المركبات الرياضية التابعة لشركة «بلاك ووتر» على الجانب الخاطئ من الطريق نحو سيارته وبدأت في إطلاق النار، حسبما ذكر حواس؛ الذي أضاف بقوله: «تعرضت لإصابة برصاصة في جسدي، وأصبت بعدة جروح في ظهري ورجلي اليمنى. ولم أكن أعرف من أين كانت تأتي طلقات الرصاص». وقال حواس، وهو سائق سيارة أجرة، إنه لم يعد وقتها قادرا على قيادة سيارته من دون الشعور بألم من جروحه. وأضاف في إشارة إلى الحادث: «لم نفهم ماذا كان يحدث». وتابع بقوله: «أعتقد أنه لن يتغير أي شيء لأن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أشخاص أبرياء للقتل. وحياة الناس لا تقدر بثمن، ولا يمكن لأي فرد أن يعوض هذه الخسائر».

*خدمة «نيويورك تايمز»