تركيا تشارك في قمة رئاسية ثلاثية بصربيا لبحث السلام في البلقان

بلغراد تتراجع عن تأييد استفتاء لصرب البوسنة يمهد لانفصال كيانهم

TT

تراجعت صربيا أمس عن تأييد إجراء استفتاء في كيان صرب البوسنة على عمل القضاة والمدعين العامين، أو أي إجراء من شأنه أن يهدد استقلال ووحدة أراضي البوسنة والهرسك، وذلك في مؤشر على نجاح الدبلوماسية التركية التي بدأت منذ عام جهودها لإرساء السلام ودعم التنمية في منطقة غرب البلقان. وقال الرئيس الصربي بوريس طاديتش: «صربيا لن تدعم إجراء استفتاء من شأنه تقسيم البوسنة، واستقلالها وسيادتها وحدودها الدولية غير قابلة للنقاش». وتابع: «هذا موقف مبدئي لصربيا، وننتظر أن يكون هذا موقف جميع الدول في المنطقة».

وقد أدلى طاديتش بهذه التصريحات في منتجع كراجورجوفو بصربيا، أمس، أثناء القمة التي جمعت كلا من البوسنة وصربيا وتركيا، وهي سلسلة جديدة من المحادثات حول مستقبل البوسنة، التي تلقي أحداثها بظلالها على الوضعين الإقليمي الأوروبي والدولي، إلى جانب بحث التعاون الاقتصادي، بين الدول الثلاث.

وشارك في الاجتماع، الرئيس التركي عبد الله غل، والصربي بوريس طاديتش، وأعضاء مجلس الرئاسة البوسني، باكر علي عزت بيغوفيتش، وجيلكو كومشيتش، ونيبوشا رادمانوفيتش. وجاء اللقاء عقب تعثر المشاورات الداخلية في البوسنة لتشكيل الحكومة المركزية، وإعلان صرب البوسنة عن إجراء استفتاء على عمل القضاة والمدعين العامين على مستوى الدولة، والمطالبة بقضاء مستقل لجمهورية صربسكا، داخل البوسنة، والمكونة من كيانين هما، جمهورية صربسكا، أو صربيسكا، حسب ما ينطقها بعض الأجانب، والفيدرالية البوشناقية الكرواتية، التي تعيش هي الأخرى أزمة بسبب عدم إشراك الحزبين الكرواتيين الأكثر تمثيلا للكروات حسب نتائج الانتخابات التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما حدا بالحزبين لعقد اجتماع للمجلس الكرواتي، والمطالبة بكيان ثالث للكروات في البوسنة.

وقد حظي الاجتماع باهتمام سياسي وإعلامي استثنائي، رغم تحفظ البعض من صرب البوسنة على مشاركة تركيا بحجة أنها لم تكن ضمن الأطراف الموقعة على اتفاقية دايتون. بيد أن أطرافا أخرى في سراييفو وإسطنبول ترى في المشاركة التركية ضمانة لنجاح المحادثات، بحكم أن ما يجري في البوسنة ينعكس على جميع دول المنطقة بالإضافة إلى وجود نحو 4 ملايين نسمة من أصل بوسني يعيشون في تركيا. وقال الرئيس الصربي طاديتش في المؤتمر الصحافي أمس: «هذا الاجتماع خطوة على طريق التقدم لحل جميع مشكلات المنطقة»، مشددا على أن «صربيا تعتمد سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبوسنة، وتحترم روح اتفاقية دايتون».

وقال الرئيس التركي عبد الله غل للصحافيين قبيل الاجتماع: «القمة بين تركيا والبوسنة وصربيا تعمل على إيجاد حلول للمشكلات في المنطقة». وتابع: «تركيا تولي أهمية كبيرة لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقة البلقان، فضلا عن تحسين العلاقات بين البوسنة وصربيا، وهذه واحدة من أولويات السياسة الخارجية التركية منذ عدة سنوات.

من جهته قال عضو مجلس الرئاسة عن البوشناق، باكر علي عزت بيغوفيتش: «الذين خططوا لتقسيم البوسنة في كراجورجوفو سابقا، لم يعودوا موجودين، وكذلك مشروعهم الذي أصبح من القديم والماضي، البوسنة بقيت، وبقينا نحن وعلينا أن نتفاهم من أجل حياة أفضل». وأردف: «هدف هذا الاجتماع هو السعي للتغلب على سوء الفهم وتحديد المصالح المشتركة بين البلدين». وتابع: «أنا كعضو في هيئة الرئاسة، تطرقت لقضية البوشناق في السنجق، إلى جانب القضايا الحساسة في البوسنة».

عضو مجلس الرئاسة عن الصرب، نيبوشا رادمانوفيتش، قال إن «القمة بحثت إجراء محادثات مستفيضة من أجل تحسين العلاقات في المنطقة». وتابع: «هو اجتماع عمل غير رسمي، لذلك فإن تعاون الدول الثلاث (تركيا والبوسنة وصربيا) من شأنه تخفيف التوترات». وقال عضو مجلس الرئاسة البوسني عن الكروات، جيلكو كومشيتش، إنه طلب من الرئيس الصربي «وقف دعم صرب البوسنة في نزعتهم لإجراء استفتاء على عمل القضاة والمدعين العامين في البوسنة».